الرئيسة >> ديوان العرب >> أحمد شوقي >> بِسَيفِكَ يَعلو الحَقُّ وَالحَقُّ أَغلَبُ * وَيُنصَرُ دينُ اللَهِ أَيّانَ تَضرِبُ
1 | بِسَيفِكَ يَعلو الحَقُّ وَالحَقُّ أَغلَبُ | * | وَيُنصَرُ دينُ اللَهِ أَيّانَ تَضرِبُ |
2 | وَما السَيفُ إِلّا آيَةُ المُلكِ في الوَرى | * | وَلا الأَمرُ إِلّا لِلَّذي يَتَغَلَّبُ |
3 | فَأَدِّب بِهِ القَومَ الطُغاةَ فَإِنَّهُ | * | لَنِعمَ المَرَبي لِلطُغاةِ المُؤَدِّبُ |
4 | وَداوِ بِهِ الدولاتِ مِن كُلِّ دائِها | * | فَنِعمَ الحُسامُ الطِبُّ وَالمُتَطَبِّبُ |
5 | تَنامُ خُطوبُ المُلكِ إِن باتَ ساهِرًا | * | وَإِن هُوَ نامَ استَيقَظَت تَتَأَلَّبُ |
6 | أَمِنّا اللَيالي أَن نُراعَ بِحادِثٍ | * | وَأَرمينيا ثَكلى وَحَورانَ أَشيَبُ |
7 | وَمَملَكَةُ اليونانِ مَحلولَةُ العُرى | * | رَجاؤُكَ يُعطيها وَخَوفُكَ يُسلَبُ |
8 | هَدَدتَ أَميرَ المُؤمِنينَ كَيانَها | * | بِأَسطَعَ مِثلِ الصُبحِ لا يَتَكَذَّبُ |
9 | وَمازالَ فَجرًا سَيفُ عُثمانَ صادِقًا | * | يُساريهِ مِن عالي ذَكائِكَ كَوكَبُ |
10 | إِذا ما صَدَعتَ الحادِثاتِ بِحَدِّهِ | * | تَكَشَّفَ داجي الخَطبِ وَانجابَ غَيهَبُ |
11 | وَهابَ العِدا فيهِ خِلافَتَكَ الَّتي | * | لَهُم مَأرَبٌ فيها وَلِلَّهِ مَأرَبُ |
12 | سَما بِكَ يا عَبدَ الحَميدِ أُبُوَّةٌ | * | ثَلاثونَ خُضّارُ الجَلالَةِ غُيَّبُ |
13 | قَياصِرُ أَحيانًا خَلائِفُ تارَةً | * | خَواقينُ طَورًا وَالفَخارُ المُقَلَّبُ |
14 | نُجومُ سُعودِ المَلكِ أَقمارُ زُهرِهِ | * | لَوَ اَنَّ النُجومَ الزُهرَ يَجمَعُها أَبُ |
15 | تَواصَوا بِهِ عَصرًا فَعَصرًا فَزادَهُ | * | مُعَمَّمُهُم مِن هَيبَةٍ وَالمُعَصَّبُ |
16 | هُمُ الشَمسُ لَم تَبرَح سَماواتِ عِزِّها | * | وَفينا ضُحاها وَالشُعاعُ المُحَبَّبُ |
17 | نَهَضتَ بِعَرشٍ يَنهَضُ الدَهرُ بِهِ | * | خُشوعًا وَتَخشاهُ اللَيالي وَتَرهَبُ |
18 | مَكينٍ عَلى مَتنِ الوُجودِ مُؤَيَّدٍ | * | بِشَمسِ استِواءٍ مالَها الدَهرَ مَغرِبُ |
19 | تَرَقَّت لَهُ الأَسواءُ حَتّى ارتَقَيتَهُ | * | فَقُمتَ بِها في بَعضِ ما تَتَنَكَّبُ |
20 | فَكُنتَ كَعَينٍ ذاتِ جَريٍ كَمينَةٍ | * | تَفيضُ عَلى مَرِّ الزَمانِ وَتَعذُبُ |
21 | مُوَكَّلَةٍ بِالأَرضِ تَنسابُ في الثَرى | * | فَيَحيا وَتَجري في البِلادِ فَتُخضِبُ |
22 | فَأَحيَيتَ مَيتًا دارِسَ الرَسمِ غابِرًا | * | كَأَنَّكَ فيما جِئتَ عيسى المُقَرَّبُ |
23 | وَشِدتَ مَنارًا لِلخِلافَةِ في الوَرى | * | تُشَرِّقُ فيهِم شَمسُهُ وَتُغَرِّبُ |
24 | سَهِرتَ وَنامَ المُسلِمونَ بِغَبطَةٍ | * | وَما يُزعِجُ النُوّامَ وَالساهِرُ الأَبُ |
25 | فَنَبَّهَنا الفَتحُ الَّذي ما بِفَجرِهِ | * | وَلا بِكَ يا فَجرَ السَلامِ مُكَذِّبُ |
26 | حُسامُكَ مِن سُقراطَ في الخَطبِ أَخطَبُ | * | وَعودُكَ مِن عودِ المَنابِرِ أَصلَبُ |
27 | وَعَزمُكَ مِن هوميرَ أَمضى بَديهَةً | * | وَأَجلى بَيانًا في القُلوبِ وَأَعذَبُ |
28 | وَإِن يَذكُروا إِسكَندَرًا وَفُتوحَهُ | * | فَعَهدُكَ بِالفَتحِ المُحَجَّلِ أَقرَبُ |
29 | وَمُلكُكَ أَرقى بِالدَليلِ حُكومَةً | * | وَأَنفَذُ سَهمًا في الأُمورِ وَأَصوَبُ |
30 | ظَهَرتَ أَميرَ المُؤمِنينَ عَلى العِدا | * | ظُهورًا يَسوءُ الحاسِدينَ وَيُتعِبُ |
31 | سَلِ العَصرَ وَالأَيّامَ وَالناسَ هَل نَبا | * | لِرَأيِكَ فيهِم أَو لِسَيفِكَ مَضرِبُ |
32 | هُمُ مَلَئوا الدُنيا جَهامًا وَراءَهُ | * | جَهامٌ مِنَ الأَعوانِ أَهذى وَأَكذَبُ |
33 | فَلَمّا استَلَلتَ السَيفَ أَخلَبَ بَرقُهُم | * | وَما كُنتَ يا بَرقَ المَنِيَّةِ تُخلِبُ |
34 | أَخَذتَهُمُ لا مالِكينَ لِحَوضِهِم | * | مِنَ الذَودِ إِلّا ما أَطالوا وَأَسهَبوا |
35 | وَلم يَتَكَلَّف قَومُكَ الأُسدُ أُهبَةً | * | وَلَكِنَّ خُلقًا في السِباعِ التَأَهُّبُ |
36 | كَذا الناسُ بِالأَخلاقِ يَبقى صَلاحُهُم | * | وَيَذهَبُ عَنهُم أَمرُهُم حينَ تَذهَبُ |
37 | وَمِن شَرَفِ الأَوطانِ أَلّا يَفوتَها | * | حُسامٌ مُعِزٌّ أَو يَراعٌ مُهَذَّبُ |
38 | مَلَكتَ سَبيلَيهِم فَفي الشَرقِ مَضرِبٌ | * | لِجَيشِكَ مَمدودٌ وَفي الغَربِ مَضرِبُ |
39 | ثَمانونَ أَلفًا أُسدُ غابٍ ضَراغِمٌ | * | لَها مِخلَبٌ فيهِم وَلِلمَوتِ مَخلِبُ |
40 | إِذا حَلِمَت فَالشَرُّ وَسنانُ حالِمٌ | * | وَإِن غَضِبَت فَالشَرُّ يَقظانُ مُغضِبُ |
41 | فَيالِقُ أَفشى في البِلادِ مِنَ الضُحى | * | وَأَبعَدُ مِن شَمسِ النَهارِ وَأَقرَبُ |
42 | وَتُصبِحُ تَلقاهُم وَتُمسي تَصُدُّهُم | * | وَتَظهَرُ في جِدِّ القِتالِ وَتَلعَبُ |
43 | تَلوحُ لَهُم في كُلِّ أُفقٍ وَتَعتَلي | * | وَتَطلُعُ فيهِم مِن مَكانٍ وَتَغرُبُ |
44 | وَتُقدِمُ إِقدامَ اللُيوثِ وَتَنثَني | * | وَتُدبِرُ عِلمًا بِالوَغى وَتُعَقِّبُ |
45 | وَتَملِكُ أَطرافَ الشِعابِ وَتَلتَقي | * | وَتَأخُذُ عَفوًا كُلَّ عالٍ وَتَغصِبُ |
46 | وَتَغشى أَبِيّاتِ المَعاقِلِ وَالذُرا | * | فَثَيِّبُهُنَّ البِكرُ وَالبِكرُ ثَيِّبُ |
47 | يَقودُ سَراياها وَيَحمي لِواءَها | * | سَديدُ المَرائي في الحُروبِ مُجَرِّبُ |
48 | يَجيءُ بِها حينًا وَيَرجِعُ مَرَّةً | * | كَما تَدفَعُ اللَجَّ البِحارُ وَتَجذِبُ |
49 | وَيَرمي بِها كَالبَحرِ مِن كُلِّ جانِبٍ | * | فَكُلُّ خَميسٍ لُجَّةٌ تَتَضَرَّبُ |
50 | وَيُنفِذُها مِن كُلِّ شِعبٍ فَتَلتَقي | * | كَما يَتَلاقى العارِضُ المُتَشَعِّبُ |
51 | وَيَجعَلُ ميقاتًا لَها تَنبَري لَهُ | * | كَما دارَ يَلقى عَقرَبَ السَيرِ عَقرَبُ |
52 | فَظَلَّت عُيونُ الحَربِ حَيرى لِما تَرى | * | نَواظِرَ ما تَأتي اللُيوثُ وَتُغرِبُ |
53 | تُبالِغُ بِالرامي وَتَزهو بِما رَمى | * | وَتُعجَبُ بِالقُوّادِ وَالجُندُ أَعجَبُ |
54 | وَتُثني عَلى مُزجي الجُيوشِ بِيَلدِزٍ | * | وَمُلهِمِها فيما تَنالُ وَتَكسِبُ |
55 | وَما المُلكُ إِلّا الجَيشُ شَأنًا وَمَظهَرًا | * | وَلا الجَيشُ إِلّا رَبُّهُ حينَ يُنسَبُ |
56 | تُحَذِّرُني مِن قَومِها التُركِ زَينَبُ | * | وَتُعجِمُ في وَصفِ اللُيوثِ وَتُعرِبُ |
57 | وَتُكثِرُ ذِكرَ الباسِلينَ وَتَنثَني | * | بِعِزٍّ عَلى عِزِّ الجَمالِ وَتُعجَبُ |
58 | وَتَسحَبُ ذَيلَ الكِبرِياءِ وَهَكَذا | * | يَتيهُ وَيَختالُ القَوِيُّ المُغَلِّبُ |
59 | وَزَينَبُ إِن تاهَت وَإِن هِيَ فاخَرَت | * | فَما قَومُها إِلّا العَشيرُ المُحَبَّبُ |
60 | يُؤَلِّفُ إيلامُ الحَوادِثِ بَينَنا | * | وَيَجمَعُنا في اللَهِ دينٌ وَمَذهَبُ |
61 | نَما الوُدُّ حَتّى مَهَّدَ السُبلَ لِلهَوى | * | فَما في سَبيلِ الوَصلِ ما يُتَصَعَّبُ |
62 | وَدانى الهَوى ما شاءَ بَيني وَبَينَها | * | فَلَم يَبقَ إِلّا الأَرضُ وَالأَرضُ تَقرُبُ |
63 | رَكِبتُ إِلَيها البَحرَ وَهوَ مَصيدَةٌ | * | تُمَدُّ بِها سُفنُ الحَديدِ وَتُنصَبُ |
64 | تَروحُ المَنايا الزُرقُ فيهِ وَتَغتَدي | * | وَما هِيَ إِلّا المَوجُ يَأتي وَيَذهَبُ |
65 | وَتَبدو عَلَيهِ الفُلكُ شَتّى كَأَنَّها | * | بُؤوزٌ تُراعيها عَلى البُعدِ أَعقُبُ |
66 | حَوامِلُ أَعلامِ القَياصِرِ حُضرٌ | * | عَلَيها سَلاطينُ البَرِيَّةِ غُيَّبُ |
67 | تُجاري خُطاها الحادِثاتِ وَتَقتَفي | * | وَتَطفو حَوالَيها الخُطوبُ وَتَرسُبُ |
68 | وَيوشِكُ يَجري الماءُ مِن تَحتِها دَمًا | * | إِذا جَمَعَت أَثقالَها تَتَرَقَّبُ |
69 | فَقُلتُ أَأَشراطُ القِيامَةِ ما أَرى | * | أَمِ الحَربُ أَدنى مِن وَريدٍ وَأَقرَبُ |
70 | أَمانًا أَمانًا لُجَّةَ الرومِ لِلوَرى | * | لَوَ اَنَّ أَمانًا عِندَ دَأماءَ يُطلَبُ |
71 | كَأَنّي بِأَحداثِ الزَمانِ مُلِمَّةً | * | وَقَد فاضَ مِنها حَوضُكِ المُتَضَرِّبُ |
72 | فَأُزعِجَ مَغبوطٌ وَرُوِّعَ آمِنٌ | * | وَغالَ سَلامَ العالَمينَ التَعَصُّبُ |
73 | فَقالَت أَطَلتَ الهَمَّ لِلخَلقِ مَلجَأٌ | * | أَبَرُّ بِهِم مِن كُلِّ بَرٍّ وَأَحدَبُ |
74 | سَلامُ البَرايا في كَلاءَةِ فَرقَدٍ | * | بِيَلدِزَ لا يَغفو وَلا يَتَغَيَّبُ |
75 | وَإِنَّ أَميرَ المُؤمِنينَ لَوابِلٌ | * | مِنَ الغَوثِ مُنهَلٌ عَلى الخَلقِ صَيِّبُ |
76 | رَأى الفِتنَةَ الكُبرى فَوالى انهِمالَهُ | * | فَبادَت وَكانَت جَمرَةً تَتَلَهَّبُ |
77 | فَما زِلتُ بِالأَهوالِ حَتّى اقتَحَمتُها | * | وَقَد تُركِبُ الحاجاتُ ما لَيسَ يُركَبُ |
78 | أَخوضُ اللَيالي مِن عُبابٍ وَمِن دُجىً | * | إِلى أُفقٍ فيهِ الخَليفَةُ كَوكَبُ |
79 | إِلى مُلكِ عُثمانَ الَّذي دونَ حَوضِهِ | * | بِناءُ العَوالي المُشمَخِرُّ المُطَنَّبُ |
80 | فَلاحَ يُناغي النَجمَ صَرحٌ مُثَقَّبٌ | * | عَلى الماءِ قَد حاذاهُ صَرحٌ مُثقَبُ |
81 | بُروجٌ أَعارَتها المَنونُ عُيونَها | * | لَها في الجَواري نَظرَةٌ لا تُخَيَّبُ |
82 | رَواسي ابتِداعٍ في رَواسي طَبيعَةٍ | * | تَكادُ ذُراها في السَحابِ تُغَيَّبُ |
83 | فَقُمتُ أُجيلُ الطَرفَ حَيرانَ قائِلًا | * | أَهَذى ثُغورُ التُركِ أَم أَنا أَحسَبُ |
84 | فَمِثلَ بِناءِ التُركِ لَم يَبنِ مُشرِقٌ | * | وَمِثلَ بِناءِ التُركِ لَم يَبنِ مَغرِبُ |
85 | تَظَلُّ مَهولاتُ البَوارِجِ دونَهُ | * | حَوائِرَ ما يَدرينَ ماذا تُخَرِّبُ |
86 | إِذا طاشَ بَينَ الماءِ وَالصَخرِ سَهمُها | * | أَتاها حَديدٌ ما يَطيشُ وَأَسرَبُ |
87 | يُسَدِّدُهُ عِزريلُ في زِيِّ قاذِفٍ | * | وَأَيدي المَنايا وَالقَضاءُ المُدَرَّبُ |
88 | قَذائِفُ تَخشى مُهجَةُ الشَمسِ كُلَّما | * | عَلَت مُصعِداتٍ أَنَّها لا تُصَوَّبُ |
89 | إِذا صُبَّ حاميها عَلى السُفنِ انثَنَت | * | وَغانِمُها الناجي فَكَيفَ المُخَيَّبُ |
90 | سَلِ الرومَ هَل فيهِنَّ لِلفُلكِ حيلَةٌ | * | وَهَل عاصِمٌ مِنهُنَّ إِلّا التَنَكُّبُ |
91 | تَذَبذَبَ أُسطولاهُمُ فَدَعَتهُما | * | إِلى الرُشدِ نارٌ ثَمَّ لا تَتَذَبذَبُ |
92 | فَلا الشَرقُ في أُسطولِهِ مُتقى الحِمى | * | وَلا الغَربُ في أُسطولِهِ مُتَهَيَّبُ |
93 | وَما راعَني إِلّا لِواءٌ مُخَضَّبٌ | * | هُنالِكَ يَحميهِ بَنانٌ مُخَضَّبُ |
94 | فَقُلتُ مَنِ الحامي أَلَيثٌ غَضَنفَرٌ | * | مِنَ التُركِ ضارٍ أَم غَزالٌ مُرَبَّبُ |
95 | أَمِ المَلِكُ الغازي المُجاهِدُ قَد بَدا | * | أَمِ النَجمُ في الآرامِ أَم أَنتِ زَينَبُ |
96 | رَفَعتِ بَناتَ التُركِ قالَت وَهَل بِنا | * | بَناتِ الضَواري أَن نَصولَ تَعَجُّبُ |
97 | إِذا ما الدِيارُ استَصرَخَت بَدَرَت لَها | * | كَرائِمُ مِنّا بِالقَنا تَتَنَقَّبُ |
98 | تُقَرِّبُ رَبّاتُ البُعولِ بُعولَها | * | فَإِن لَم يَكُن بَعلٌ فَنَفسًا تُقَرِّبُ |
99 | وَلاحَت بِآفاقِ العَدُوِّ سَرِيَّةٌ | * | فَوارِسُ تَبدو تارَةً وَتُحَجَّبُ |
100 | نَواهِضُ في حُزنٍ كَما تَنهَضُ القَطا | * | رَواكِضُ في سَهلٍ كَما انسابَ ثَعلَبُ |
101 | قَليلونَ مِن بُعدٍ كَثيرونَ إِن دَنَوا | * | لَهُم سَكَنٌ آنًا وَآنًا تَهَيُّبُ |
102 | فَقالَت شَهِدتَ الحَربَ أَو أَنتَ موشِكٌ | * | فَصِفنا فَأَنتَ الباسِلُ المُتَأَدِّبُ |
103 | وَنادَت فَلَبّى الخَيلُ مِن كُلِّ جانِبٍ | * | وَلَبّى عَلَيها القَسوَرُ المُتَرَقِّبُ |
104 | خِفافًا إِلى الداعي سِراعًا كَأَنَّما | * | مِنَ الحَربِ داعٍ لِلصَلاةِ مُثَوِّبُ |
105 | مُنيفينَ مِن حَولِ اللِواءِ كَأَنَّهُم | * | لَهُ مَعقِلٌ فَوقَ المَعاقِلِ أَغلَبُ |
106 | وَما هِيَ إِلّا دَعوَةٌ وَإِجابَةٌ | * | أَنِ التَحَمَت وَالحَربُ بَكرٌ وَتَغلِبُ |
107 | فَأَبصَرتُ ما لَم تُبصِرا مِن مَشاهِدٍ | * | وَلا شَهِدَت يَومًا مَعَدٌّ وَيَعرُبُ |
108 | جِبالَ مَلونا لا تَخوري وَتَجزَعي | * | إِذا مالَ رَأسٌ أَو تَضَعضَعَ مَنكِبُ |
109 | فَما كُنتِ إِلّا السَيفَ وَالنارَ مَركَبًا | * | وَما كانَ يَستَعصي عَلى التُركِ مَركَبُ |
110 | عَلَوا فَوقَ عَلياءِ العَدُوِّ وَدونَهُ | * | مَضيقٌ كَحَلقِ اللَيثِ أَو هُوَ أَصعَبُ |
111 | فَكانَ صِراطُ الحَشرِ ما ثَمَّ ريبَةٌ | * | وَكانوا فَريقَ اللَهِ ما ثَمَّ مُذنِبُ |
112 | يَمُرّونَ مَرَّ البَرقِ تَحتَ دُجُنَّةٍ | * | دُخانًا بِهِ أَشباحُهُم تَتَجَلبَبُ |
113 | حَثيثينَ مِن فَوقِ الجِبالِ وَتَحتِها | * | كَما انهارَ طَودٌ أَو كَما انهالَ مِذنَبُ |
114 | تُمِدُّهُمُ قُذّافُهُم وَرُماتُهُم | * | بِنارٍ كَنيرانِ البَراكينِ تَدأَبُ |
115 | تُذَرّى بِها شُمُّ الذُرا حينَ تَعتَلي | * | وَيَسفَحُ مِنها السَفحُ إِذ تَتَصَبَّبُ |
116 | تُسَمَّرُ في رَأسِ القِلاعِ كُراتُها | * | وَيَسكُنُ أَعجازَ الحُصونِ المُذَنَّبُ |
117 | فَلَمّا دَجى داجي العَوانِ وَأَطبَقَت | * | تَبَلَّجَ وَالنَصرَ الهِلالُ المُحَجَّبُ |
118 | وَرُدَّت عَلى أَعقابِها الرومُ بَعدَما | * | تَناثَرَ مِنها الجَيشُ أَو كادَ يَذهَبُ |
119 | جَناحَينِ في شِبهِ الشِباكَينِ مِن قَنا | * | وَقَلبًا عَلى حُرِّ الوَغى يَتَقَلَّبُ |
120 | عَلى قُلَلِ الأَجبالِ حَيرى جُموعُهُم | * | شَواخِصُ ما إِن تَهتَدي أَينَ تَذهَبُ |
121 | إِذا صَعَدَت فَالسَيفُ أَبيَضُ خاطِفٌ | * | وَإِن نَزَلَت فَالنارُ حَمراءُ تَلهَبُ |
122 | تَطَوَّعَ أَسرًا مِنهُمُ ذَلِكَ الَّذي | * | تَطَوَّعَ حَربًا وَالزَمانُ تَقَلُّبُ |
123 | وَتَمَّ لَنا النَصرُ المُبينُ عَلى العِدا | * | وَفَتحُ المَعالي وَالنَهارُ المُذَهَّبُ |
124 | فَجِئتُ فَتاةَ التُركِ أَجزي دِفاعَها | * | عَنِ المُلكِ وَالأَوطانِ ما الحَقُّ يوجِبُ |
125 | فَقَبَّلتُ كَفًّا كانَ بِالسَيفِ ضارِبًا | * | وَقَبَّلتُ سَيفًا كانَ بِالكَفِّ يَضرِبُ |
126 | وَقُلتُ أَفي الدُنيا لِقَومِكِ غالِبٌ | * | وَفي مِثلِ هَذا الحِجرِ رُبّوا وَهُذِّبوا |
127 | رُوَيدًا بَني عُثمانَ في طَلَبِ العُلا | * | وَهَيهاتَ لَم يُستَبقَ شَيءٌ فَيُطلَبُ |
128 | أَفي كُلِّ آنٍ تَغرِسونَ وَنَجتَني | * | وَفي كُلِّ يَومٍ تَفتَحونَ وَنَكتُبُ |
129 | وَما زِلتُمُ يَسقيكُمُ النَصرُ حُمرَهُ | * | وَتَسقونَهُ وَالكُلُّ نَشوانَ مُصأَبُ |
130 | إِلى أَن أَحَلَّ السُكرَ مَن لا يُحِلُّهُ | * | وَمَدَّ بِساطَ الشُربِ مَن لَيسَ يَشرَبُ |
131 | وَأَشمَطَ سَوّاسِ الفَوارِسِ أَشيَبُ | * | يَسيرُ بِهِ في الشَعبِ أَشمَطُ أَشيَبُ |
132 | رَفيقًا ذَهابٍ في الحُروبِ وَجيئَةٍ | * | قَدِ اصطَحَبا وَالحُرُّ لِلحُرِّ يَصحَبُ |
133 | إِذا شَهِداها جَدَّدا هِزَّةَ الصِبا | * | كَما يَتَصابى ذو ثَمانينَ يَطرُبُ |
134 | فَيَهتَزُّ هَذا كَالحُسامِ وَيَنثَني | * | وَيَنفُرُ هَذا كَالغَزالِ وَيَلعَبُ |
135 | تَوالى رَصاصُ المُطلِقينَ عَلَيهِما | * | يُخَضِّلُ مِن شَيبِهِما وَيُخَضِّبُ |
136 | فَقيلَ أَنِل أَقدامَكَ الأَرضَ إِنَّها | * | أَبَرُّ جَوادًا إِن فَعَلتَ وَأَنجَبُ |
137 | فَقالَ أَيَرضى واهِبُ النَصرِ أَنَّنا | * | نَموتُ كَمَوتِ الغانِياتِ وَنُعطَبُ |
138 | ذَروني وَشَأني وَالوَغى لا مُبالِيًا | * | إِلى المَوتِ أَمشي أَم إِلى المَوتِ أَركَبُ |
139 | أَيَحمِلُني عُمرًا وَيَحمي شَبيبَتي | * | وَأَخذُلُهُ في وَهنِهِ وَأُخَيِّبُ |
140 | إِذا نَحنُ مِتنا فَادفِنونا بِبُقعَةٍ | * | يَظَلُّ بِذِكرانا ثَراها يُطَيِّبُ |
141 | وَلا تَعجَبوا أَن تَبسُلَ الخَيلُ إِنَّها | * | لَها مِثلُ ما لِلناسِ في المَوتِ مَشرَبُ |
142 | فَماتا أَمامَ اللَهِ مَوتَ بَسالَةٍ | * | كَأَنَّهُما فيهِ مِثالٌ مُنَصَّبُ |
143 | وَما شُهَداءُ الحَربِ إِلّا عِمادُها | * | وَإِن شَيَّدَ الأَحياءُ فيها وَطَنَّبوا |
144 | مِدادُ سِجِلِّ النَصرِ فيها دِماؤُهُم | * | وَبِالتِبرِ مِن غالي ثَراهُم يُتَرَّبُ |
145 | فَهَل مِن مَلونا مَوقِفٌ وَمَسامِعٌ | * | وَمِن جَبَلَيها مِنبَرٌ لي فَأَخطُبُ |
146 | فَأَسأَلُ حِصنَيها العَجيبَينِ في الوَرى | * | وَمَدخَلُها الأَعصى الَّذي هُوَ أَعجَبُ |
147 | وَأَستَشهِدُ الأَطوادَ شَمّاءَ وَالذُرا | * | بَواذِخَ تُلوي بِالنُجومِ وَتُجذَبُ |
148 | هَلِ البَأسُ إِلّا بَأسُهُم وَثَباتُهُم | * | أَوِ العَزمُ إِلّا عَزمُهُم وَالتَلَبُّبُ |
149 | أَوِ الدينُ إِلّا ما رَأَت مِن جِهادِهِم | * | أَوِ المُلكُ إِلّا ما أَعَزّوا وَهَيَّبوا |
150 | وَأَيُّ فَضاءٍ في الوَغى لَم يُضَيِّقوا | * | وَأَيُّ مَضيقٍ في الوَرى لَم يُرَحِّبوا |
151 | وَهَل قَبلَهُم مَن عانَقَ النارَ راغِبًا | * | وَلَو أَنَّهُ عُبّادُها المُتَرَهِّبُ |
152 | وَهَل نالَ ما نالوا مِنَ الفَخرِ حاضِرٌ | * | وَهَل حُبِيَ الخالونَ مِنهُ الَّذي حُبوا |
153 | سَلامًا مَلونا وَاحتِفاظًا وَعِصمَةً | * | لِمَن باتَ في عالي الرِضى يَتَقَلَّبُ |
154 | وَضِنّي بِعَظمٍ في ثَراكِ مُعَظَّمٍ | * | يُقَرِبُهُ الرَحمَنُ فيما يُقَرِّبُ |
155 | وَطِرناوُ إِذ طارَ الذُهولُ بِجَيشِها | * | وَبِالشَعبِ فَوضى في المَذاهِبِ يَذهَبُ |
156 | عَشِيَّةَ ضاقَت أَرضُها وَسَماؤُها | * | وَضاقَ فَضاءٌ بَينَ ذاكَ مُرَحِّبُ |
157 | خَلَت مِن بَني الجَيشِ الحُصونُ وَأَقفَرَت | * | مَساكِنُ أَهليها وَعَمَّ التَخَرُّبُ |
158 | وَنادى مُنادٍ لِلهَزيمَةِ في المَلا | * | وَإِنَّ مُنادي التُركِ يَدنو وَيَقرُبُ |
159 | فَأَعرَضَ عَن قُوّادِهِ الجُندُ شارِدًا | * | وَعَلَّمَهُ قُوّادُهُ كَيفَ يَهرُبُ |
160 | وَطارَ الأَهالي نافِرينَ إِلى الفَلا | * | مِئينَ وَآلافًا تَهيمُ وَتَسرُبُ |
161 | نَجَوا بِالنُفوسِ الذاهِلاتِ وَما نَجَوا | * | بِغَيرِ يَدٍ صِفرٍ وَأُخرى تُقَلِّبُ |
162 | وَطالَت يَدٌ لِلجَمعِ في الجَمعِ بِالخَنا | * | وَبِالسَلبِ لَم يَمدُد بِها فيهِ أَجنَبُ |
163 | يَسيرُ عَلى أَشلاءِ والِدِهِ الفَتى | * | وَيَنسى هُناكَ المُرضَعَ الأُمُّ وَالأَبُ |
164 | وَتَمضي السَرايا واطِئاتٍ بِخَيلِها | * | أَرامِلَ تَبكي أَو ثَواكِلَ تَندُبُ |
165 | فَمِن راجِلٍ تَهوي السِنونُ بِرِجلِهِ | * | وَمِن فارِسٍ تَمشي النِساءُ وَيَركَبُ |
166 | وَماضٍ بِمالٍ قَد مَضى عَنهُ وَألُهُ | * | وَمُزجٍ أَثاثًا بَينَ عَينَيهِ يُنهَبُ |
167 | يَكادونَ مِن ذُعرٍ تَفُرُّ دِيارُهُم | * | وَتَنجو الرَواسي لَو حَواهُنَّ مَشعَبُ |
168 | يَكادُ الثَرى مِن تَحتِهِم يَلِجُ الثَرى | * | وَيَقضِمُ بَعضُ الأَرضِ بَعضًا وَيُقضِبُ |
169 | تَكادُ خُطاهُم تَسبِقُ البَرقَ سُرعَةً | * | وَتَذهَبُ بِالأَبصارِ أَيّانَ تَذهَبُ |
170 | تَكادُ عَلى أَبصارِهِم تَقطَعُ المَدى | * | وَتَنفُذُ مَرماها البَعيدَ وَتَحجُبُ |
171 | تَكادُ تَمُسُّ الأَرضَ مَسًّا نِعالُهُم | * | وَلَو وَجَدوا سُبلًا إِلى الجَوِّ نَكَّبوا |
172 | هَزيمَةُ مَن لا هازِمٌ يَستَحِثُّهُ | * | وَلا طارِدٌ يَدعو لِذاكَ وَيوجِبُ |
173 | قَعَدنا فَلَم يَعدَم فَتى الرومِ فَيلَقًا | * | مِنَ الرُعبِ يَغزوهُ وَآخَرَ يَسلُبُ |
174 | ظَفِرنا بِهِ وَجهًا فَظَنَّ تَعَقُّبًا | * | وَماذا يَزيدُ الظافِرينَ التَعَقُّبُ |
175 | فَوَلّى وَما وَلّى نِظامُ جُنودِهِ | * | وَيا شُؤمَ جَيشٍ لِلفَرارِ يُرَتِّبُ |
176 | يَسوقُ وَيَحدو لِلنَجاةِ كَتائِبًا | * | لَهُ مَوكِبٌ مِنها وَلِلعارِ مَوكِبُ |
177 | مُنَظَّمَةٌ مِن حَولِهِ بَيدَ أَنَّها | * | تَوَدُّ لَوِ انشَقَّ الثَرى فَتُغَيَّبُ |
178 | مُؤَزَّرَةٌ بِالرُعبِ مَلدوغَةٌ بِهِ | * | فَفي كُلِّ ثَوبٍ عَقرَبٌ مِنهُ تَلسِبُ |
179 | تَرى الخَيلَ مِن كُلِّ الجِهاتِ تَخَيُّلًا | * | فَيَأخُذُ مِنها وَهمُها وَالتَهَيُّبُ |
180 | فَمِن خَلفِها طَورًا وَحينًا أَمامَها | * | وَآوِنَةً مِن كُلِّ أَوبٍ تَأَلَّبُ |
181 | فَوارِسُ في طولِ الجِبالِ وَعَرضِها | * | إِذا غابَ مِنهُم مِقنَبٌ لاحَ مِقنَبُ |
182 | فَمَهما تَهِم يَسنَح لَها ذو مُهَنَّدٍ | * | وَيَخرُج لَها مِن باطِنِ الأَرضِ مِحرَبُ |
183 | وَتَنزِل عَلَيها مِن سَماءِ خَيالِها | * | صَواعِقٌ فيهِنَّ الرَدى المُتَصَبِّبُ |
184 | رُؤىً إِن تَكُن حَقًّا يَكُن مِن وَرائِها | * | مَلائِكَةُ اللَهِ الَّذي لَيسَ يُغلَبُ |
185 | وَفِرسالُ إِذ باتوا وَبِتنا أَعادِيًا | * | عَلى السَهلِ لُدًّا يَرقُبونَ وَنَرقُبُ |
186 | وَقامَ فَتانا اللَيلَ يَحمي لِواءَهُ | * | وَقامَ فَتاهُم لَيلَهُ يَتَلَعَّبُ |
187 | تَوَسَّدَ هَذا قائِمَ السَيفِ يَتَّقي | * | وَهَذا عَلى أَحلامِهِ يَتَحَسَّبُ |
188 | وَهَل يَستَوي القِرنانُ هَذا مُنَعَّمٌ | * | غَريرٌ وَهَذا ذو تَجاريبَ قُلَّبُ |
189 | حَمَينا كِلانا أَرضَ فِرسالَ وَالسَما | * | فَكُلُّ سَبيلٍ بَينَ ذَلِكَ مَعطَبُ |
190 | وَرُحنا يَهُبُّ الشَرُّ فينا وَفيهِمُ | * | وَتَشمُلُ أَرواحُ القِتالِ وَتَجنُبُ |
191 | كَأَنّا أُسودٌ رابِضاتٌ كَأَنَّهُم | * | قَطيعٌ بِأَقصى السَهلِ حَيرانَ مُذئِبُ |
192 | كَأَنَّ خِيامَ الجَيشِ في السَهلِ أَينَقُ | * | نَواشِزُ فَوضى في دُجى اللَيلِ شُزَّبُ |
193 | كَأَنَّ السَرايا ساكِناتٍ مَوائِجًا | * | قَطائِعُ تُعطى الأَمنَ طَورًا وَتُسلَبُ |
194 | كَأَنَّ القَنا دونَ الخِيامِ نَوازِلًا | * | جَداوِلُ يُجريها الظَلامُ وَيُسكَبُ |
195 | كَأَنَّ الدُجى بَحرٌ إِلى النَجمِ صاعِدٌ | * | كَأَنَّ السَرايا مَوجُهُ المُتَضَرِّبُ |
196 | كَأَنَّ المَنايا في ضَميرِ ظَلامِهِ | * | هُمومٌ بِها فاضَ الضَميرُ المُحَجَّبُ |
197 | كَأَنَّ صَهيلَ الخَيلِ ناعٍ مُبَشِّرٌ | * | تَراهُنَّ فيها ضُحَّكًا وَهيَ نُحَّبُ |
198 | كَأَنَّ وُجوهَ الخَيلِ غُرًّا وَسيمَةً | * | دَرارِيُّ لَيلٍ طُلَّعٌ فيهِ ثُقَّبُ |
199 | كَأَنَّ أُنوفَ الخَيلِ حَرّى مِنَ الوَغى | * | مَجامِرُ في الظَلماءِ تَهدا وَتَلهُبُ |
200 | كَأَنَّ صُدورَ الخَيلِ غُدرٌ عَلى الدُجى | * | كَأَنَّ بَقايا النَضحِ فيهِنَّ طُحلُبُ |
201 | كَأَنَّ سَنى الأَبواقِ في اللَيلِ بَرقُهُ | * | كَأَنَّ صَداها الرَعدُ لِلبَرقِ يَصحَبُ |
202 | كَأَنَّ نِداءَ الجَيشِ مِن كُلِّ جانِبٍ | * | دَوِيُّ رِياحٍ في الدُجى تَتَذَأَّبُ |
203 | كَأَنَّ عُيونَ الجَيشِ مِن كُلِّ مَذهَبٍ | * | مِنَ السَهلِ جُنَّ جُوَّلٌ فيهِ جُوَّبُ |
204 | كَأَنَّ الوَغى نارٌ كَأَنَّ جُنودَنا | * | مَجوسٌ إِذا ما يَمَّموا النارَ قَرَّبوا |
205 | كَأَنَّ الوَغى نارٌ كَأَنَّ الرَدى قِرىً | * | كَأَنَّ وَراءَ النارِ حاتِمَ يَأدِبُ |
206 | كَأَنَّ الوَغى نارٌ كَأَنَّ بَني الوَغى | * | فَراشٌ لَهُ مَلمَسُ النارِ مَأرَبُ |
207 | وَثَبنا يَضيقُ السَهلُ عَن وَثَباتِنا | * | وَتَقدُمُنا نارٌ إِلى الرومِ أَوثَبُ |
208 | مَشَت في سَراياهُم فَحَلَّت نِظامَها | * | فَلَمّا مَشَينا أَدبَرَت لا تُعَقِّبُ |
209 | رَأى السَهلُ مِنهُم ما رَأى الوَعرُ قَبلَهُ | * | فَيا قَومُ حَتّى السَهلُ في الحَربِ يَصعُبُ |
210 | وَحِصنٌ تَسامى مِن دُموقو كَأَنَّهُ | * | مُعَشِّشُ نَسرٍ أَو بِهَذا يُلَقَّبُ |
211 | أَشُمُّ عَلى طَودٍ أَشَمَّ كِلاهُما | * | مَنونُ المُفاجي وَالحِمامُ المُرَحِّبُ |
212 | تَكادُ تَقادُ الغادِياتُ لِرَبِّهِ | * | فَيُزجي وَتَنزُمُّ الرِياحُ فَيَركَبُ |
213 | حَمَتهُ لُيوثٌ مِن حَديدٍ تَرَكَّزَت | * | عَلى عَجَلٍ وَاستَجمَعَت تَتَرَقَّبُ |
214 | تَثورُ وَتَستَأني وَتَنأى وَتَدَّني | * | وَتَغدو بِما تَغدي وَتَرمي وَتَنشُبُ |
215 | تَأبّى فَظَنَّ العالِمونَ استَحالَةً | * | وَأَعيا عَلى أَوهامِهِم فَتَرَيَّبوا |
216 | فَما في القِوى أَنَّ السَماواتِ تُرتَقى | * | بِجَيشٍ وَأَنَّ النَجمَ يُغشى فَيُغضِبُ |
217 | سَمَوتُم إِلَيهِ وَالقَنابِلُ دونَهُ | * | وَشُهبُ المَنايا وَالرَصاصُ المُصَوَّبُ |
218 | فَكُنتُم يَواقيتَ الحُروبِ كَرامَةً | * | عَلى النارِ أَو أَنتُم أَشَدُّ وَأَصلَبُ |
219 | صَعَدتُم وَما غَيرُ القَنا ثَمَّ مَصعَدٌ | * | وَلا سُلَّمٌ إِلّا الحَديدُ المُذَرَّبُ |
220 | كَما ازدَحَمَت بَيزانُ جَوٍّ بِمَورِدٍ | * | أَوِ ارتَفَعَت تَلقى الفَريسَةَ أَعقَبُ |
221 | فَما زِلتُمُ حَتّى نَزَلتُم بُروجَهُ | * | وَلَم تَحتَضِر شَمسُ النَهارِ فَتَغرُبُ |
222 | هُنالِكَ غالى في الأَماديحِ مَشرِقٌ | * | وَبالَغَ فيكُم آلَ عُثمانَ مَغرِبُ |
223 | وَزَيدَ حَمى الإِسلامَ عِزًّا وَمَنعَةً | * | وَرُدَّ جِماحُ العَصرِ فَالعَصرُ هَيِّبُ |
224 | رَفَعنا إِلى النَجمِ الرُؤوسِ بِنَصرِكُم | * | وَكُنّا بِحُكمِ الحادِثاتِ نُصَوِّبُ |
225 | وَمَن كانَ مَنسوبًا إِلى دَولَةِ القَنا | * | فَلَيسَ إِلى شَيءٍ سِوى العِزِّ يُنسَبُ |
226 | فَيا قَومُ أَينَ الجَيشُ فيما زَعَمتُمُ | * | وَأَينَ الجَواري وَالدِفاعُ المُرَكَّبُ |
227 | وَأَينَ أَميرُ البَأسِ وَالعَزمِ وَالحِجى | * | وَأَينَ رَجاءٌ في الأَميرِ مُخَيَّبُ |
228 | وَأَينَ تُخومٌ تَستَبيحونَ دَوسَها | * | وَأَينَ عِصاباتٌ لَكُم تَتَوَثَّبُ |
229 | وَأَينَ الَّذي قالَت لَنا الصُحفُ عَنكُمُ | * | وَأَسنَدَ أَهلوها إِلَيكُم فَأَطنَبوا |
230 | وَما قَد رَوى بَرقٌ مِنَ القَولِ كاذِبٌ | * | وَآخَرُ مِن فِعلِ المُحِبّينَ أَكذَبُ |
231 | وَما شِدتُمُ مِن دَولَةٍ عَرضُها الثَرى | * | يَدينُ لَها الجِنسانِ تُركٌ وَصَقلَبُ |
232 | لَها عَلَمٌ فَوقَ الهِلالِ وَسُدَّةٌ | * | تُنَصُّ عَلى هامِ النُجومِ وَتُنصَبُ |
233 | أَهَذا هُوَ الذَودُ الَّذي تَدَّعونَهُ | * | وَنَصرُ كَريدٍ وَالوَلا وَالتَحَبُّبُ |
234 | أَهَذا الَّذي لِلمُلكِ وَالعِرضِ عِندَكُم | * | وَلِلجارِ إِن أَعيا عَلى الجارِ مَطلَبُ |
235 | أَهَذا سِلاحُ الفَتحِ وَالنَصرِ وَالعُلا | * | أَهَذا مَطايا مَن إِلى المَجدِ يَركَبُ |
236 | أَهَذا الَّذي لِلذِكرِ خُلَّبُ مَعشَرٌ | * | عَلى ذِكرِهِم يَأتي الزَمانُ وَيَذهَبُ |
237 | أَسَأتُم وَكانَ السوءُ مِنكُم إِلَيكُمُ | * | إِلى خَيرِ جارٍ عِندَهُ الخَيرُ يُطلَبُ |
238 | إِلى ذي انتِقامٍ لا يَنامُ غَريمُهُ | * | وَلَو أَنَّهُ شَخصُ المَنامِ المُحَجَّبُ |
239 | شَقيتُم بِها مِن حيلَةٍ مُستَحيلَةٍ | * | وَأَينَ مِنَ المُحتالِ عَنقاءُ مُغرِبُ |
240 | فَلَولا سُيوفُ التُركِ جَرَّبَ غَيرُكُم | * | وَلَكِن مِنَ الأَشياءِ ما لا يُجَرَّبُ |
241 | فَعَفوًا أَميرَ المُؤمِنينَ لِأُمَّةٍ | * | دَعَت قادِرًا مازالَ في العَفوِ يَرغَبُ |
242 | ضَرَبتَ عَلى آمالِها وَمَآلِها | * | وَأَنتَ عَلى استِقلالِها اليَومَ تَضرِبُ |
243 | إِذا خانَ عَبدُ السوءِ مَولاهُ مُعتَقًا | * | فَما يَفعَلُ الكَريمُ المُهَذَّبُ |
244 | وَلا تَضرِبَن بِالرَأيِ مُنحَلَّ مُلكِهِم | * | فَما يَفعَلُ المَولى الكَريمُ المُهَذَّبُ |
245 | لَقَد فَنِيَت أَرزاقُهُم وَرِجالُهُم | * | وَليسَ بِفانٍ طَيشُهُم وَالتَقَلُّبُ |
246 | فَإِن يَجِدوا لِلنَفسِ بِالعَودِ راحَةً | * | فَقَد يَشتَهي المَوتَ المَريضُ المُعَذَّبُ |
247 | وَإِن هَمَّ بِالعَفوِ الكَريمِ رَجاؤُهُم | * | فَمِن كَرَمِ الأَخلاقِ أَن لا يُخَيَّبوا |
248 | فَما زِلتَ جارَ البِرِّ وَالسَيِّدَ الَّذي | * | إِلى فَضلِهِ مِن عَدلِهِ الجارُ يَهرُبُ |
249 | يُلاقي بَعيدُ الأَهلِ عِندَكَ أَهلَهُ | * | وَيَمرَحُ في أَوطانِهِ المُتَغَرِّبُ |
250 | أَمَولايَ غَنَّتكَ السُيوفُ فَأَطرَبَت | * | فَهَل لِيَراعي أَن يُغَنّي فَيُطرِبُ |
251 | فَعِندي كَما عِندَ الظُبا لَكَ نَغمَةٌ | * | وَمُختَلِفُ الأَنغامِ لِلأُنسِ أَجلَبُ |
252 | أُعَرِّبُ ما تُنشي عُلاكَ وَإِنَّهُ | * | لَفي لُطفِهِ ما لا يَنالُ المُعَرِّبُ |
253 | مَدَحتُكَ وَالدُنيا لِسانٌ وَأَهلُها | * | جَميعًا لِسانٌ يُملِيانِ وَأَكتُبُ |
254 | أُناوِلُ مِن شِعرِ الخِلافَةِ رَبَّها | * | وَأَكسو القَوافي ما يَدومُ فَيُقشِبُ |
255 | وَهَل أَنتَ إِلّا الشَمسُ في كُلِّ أُمَّةٍ | * | فَكُلُّ لِسانٍ في مَديحِكَ طَيِّبُ |
256 | فَإِن لَم يَلِق شِعري لِبابِكَ مِدحَةً | * | فَمُر يَنفَتِح بابٌ مِنَ العُذرِ أَرحَبُ |
الوحدات
بيانات القصيدة
- المصدر::
الشوقيات (39-54)، تقديم حسين هيكل، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان - البحر:: طويل
- الروي:: باء
- العصر:: حديث
- اضغط هنا للطباعة
ملحوظة
الصفحات
2 - الأبيات (12-25) في صفحة (40)،
3 - الأبيات (26-38) في صفحة (41)،
4 -الأبيات (39-56) في صفحة (42)،
5 - الأبيات (57-73) في صفحة (43)،
6 - الأبيات (74-89) في صفحة (44)،
7 - الأبيات (90-105) في صفحة (45)،
8 - الأبيات (106-121) في صفحة (46)،
9 - الأبيات (122-139) في صفحة (47)،
10 - الأبيات (140-157) في صفحة (48)،
11 - الأبيات (158-177) في صفحة (49)،
12 - الأبيات (178-191) في صفحة (50)،
13 - الأبيات (192-208) في صفحة (51)،
14 - الأبيات (209-225) في صفحة (52)،
15 - الأبيات (226-241) في صفحة (53)،
16 - الأبيات (242-256) في صفحة (54)،