موقع يعنى باللغة العربية وآدابها

Twitter Facebook Whatsapp

1 بِسَيفِكَ يَعلو الحَقُّ وَالحَقُّ أَغلَبُ * وَيُنصَرُ دينُ اللَهِ أَيّانَ تَضرِبُ
2 وَما السَيفُ إِلّا آيَةُ المُلكِ في الوَرى * وَلا الأَمرُ إِلّا لِلَّذي يَتَغَلَّبُ
3 فَأَدِّب بِهِ القَومَ الطُغاةَ فَإِنَّهُ * لَنِعمَ المَرَبي لِلطُغاةِ المُؤَدِّبُ
4 وَداوِ بِهِ الدولاتِ مِن كُلِّ دائِها * فَنِعمَ الحُسامُ الطِبُّ وَالمُتَطَبِّبُ
5 تَنامُ خُطوبُ المُلكِ إِن باتَ ساهِرًا * وَإِن هُوَ نامَ استَيقَظَت تَتَأَلَّبُ
6 أَمِنّا اللَيالي أَن نُراعَ بِحادِثٍ * وَأَرمينيا ثَكلى وَحَورانَ أَشيَبُ
7 وَمَملَكَةُ اليونانِ مَحلولَةُ العُرى * رَجاؤُكَ يُعطيها وَخَوفُكَ يُسلَبُ
8 هَدَدتَ أَميرَ المُؤمِنينَ كَيانَها * بِأَسطَعَ مِثلِ الصُبحِ لا يَتَكَذَّبُ
9 وَمازالَ فَجرًا سَيفُ عُثمانَ صادِقًا * يُساريهِ مِن عالي ذَكائِكَ كَوكَبُ
10 إِذا ما صَدَعتَ الحادِثاتِ بِحَدِّهِ * تَكَشَّفَ داجي الخَطبِ وَانجابَ غَيهَبُ
11 وَهابَ العِدا فيهِ خِلافَتَكَ الَّتي * لَهُم مَأرَبٌ فيها وَلِلَّهِ مَأرَبُ
12 سَما بِكَ يا عَبدَ الحَميدِ أُبُوَّةٌ * ثَلاثونَ خُضّارُ الجَلالَةِ غُيَّبُ
13 قَياصِرُ أَحيانًا خَلائِفُ تارَةً * خَواقينُ طَورًا وَالفَخارُ المُقَلَّبُ
14 نُجومُ سُعودِ المَلكِ أَقمارُ زُهرِهِ * لَوَ اَنَّ النُجومَ الزُهرَ يَجمَعُها أَبُ
15 تَواصَوا بِهِ عَصرًا فَعَصرًا فَزادَهُ * مُعَمَّمُهُم مِن هَيبَةٍ وَالمُعَصَّبُ
16 هُمُ الشَمسُ لَم تَبرَح سَماواتِ عِزِّها * وَفينا ضُحاها وَالشُعاعُ المُحَبَّبُ
17 نَهَضتَ بِعَرشٍ يَنهَضُ الدَهرُ بِهِ * خُشوعًا وَتَخشاهُ اللَيالي وَتَرهَبُ
18 مَكينٍ عَلى مَتنِ الوُجودِ مُؤَيَّدٍ * بِشَمسِ استِواءٍ مالَها الدَهرَ مَغرِبُ
19 تَرَقَّت لَهُ الأَسواءُ حَتّى ارتَقَيتَهُ * فَقُمتَ بِها في بَعضِ ما تَتَنَكَّبُ
20 فَكُنتَ كَعَينٍ ذاتِ جَريٍ كَمينَةٍ * تَفيضُ عَلى مَرِّ الزَمانِ وَتَعذُبُ
21 مُوَكَّلَةٍ بِالأَرضِ تَنسابُ في الثَرى * فَيَحيا وَتَجري في البِلادِ فَتُخضِبُ
22 فَأَحيَيتَ مَيتًا دارِسَ الرَسمِ غابِرًا * كَأَنَّكَ فيما جِئتَ عيسى المُقَرَّبُ
23 وَشِدتَ مَنارًا لِلخِلافَةِ في الوَرى * تُشَرِّقُ فيهِم شَمسُهُ وَتُغَرِّبُ
24 سَهِرتَ وَنامَ المُسلِمونَ بِغَبطَةٍ * وَما يُزعِجُ النُوّامَ وَالساهِرُ الأَبُ
25 فَنَبَّهَنا الفَتحُ الَّذي ما بِفَجرِهِ * وَلا بِكَ يا فَجرَ السَلامِ مُكَذِّبُ
26 حُسامُكَ مِن سُقراطَ في الخَطبِ أَخطَبُ * وَعودُكَ مِن عودِ المَنابِرِ أَصلَبُ
27 وَعَزمُكَ مِن هوميرَ أَمضى بَديهَةً * وَأَجلى بَيانًا في القُلوبِ وَأَعذَبُ
28 وَإِن يَذكُروا إِسكَندَرًا وَفُتوحَهُ * فَعَهدُكَ بِالفَتحِ المُحَجَّلِ أَقرَبُ
29 وَمُلكُكَ أَرقى بِالدَليلِ حُكومَةً * وَأَنفَذُ سَهمًا في الأُمورِ وَأَصوَبُ
30 ظَهَرتَ أَميرَ المُؤمِنينَ عَلى العِدا * ظُهورًا يَسوءُ الحاسِدينَ وَيُتعِبُ
31 سَلِ العَصرَ وَالأَيّامَ وَالناسَ هَل نَبا * لِرَأيِكَ فيهِم أَو لِسَيفِكَ مَضرِبُ
32 هُمُ مَلَئوا الدُنيا جَهامًا وَراءَهُ * جَهامٌ مِنَ الأَعوانِ أَهذى وَأَكذَبُ
33 فَلَمّا استَلَلتَ السَيفَ أَخلَبَ بَرقُهُم * وَما كُنتَ يا بَرقَ المَنِيَّةِ تُخلِبُ
34 أَخَذتَهُمُ لا مالِكينَ لِحَوضِهِم * مِنَ الذَودِ إِلّا ما أَطالوا وَأَسهَبوا
35 وَلم يَتَكَلَّف قَومُكَ الأُسدُ أُهبَةً * وَلَكِنَّ خُلقًا في السِباعِ التَأَهُّبُ
36 كَذا الناسُ بِالأَخلاقِ يَبقى صَلاحُهُم * وَيَذهَبُ عَنهُم أَمرُهُم حينَ تَذهَبُ
37 وَمِن شَرَفِ الأَوطانِ أَلّا يَفوتَها * حُسامٌ مُعِزٌّ أَو يَراعٌ مُهَذَّبُ
38 مَلَكتَ سَبيلَيهِم فَفي الشَرقِ مَضرِبٌ * لِجَيشِكَ مَمدودٌ وَفي الغَربِ مَضرِبُ
39 ثَمانونَ أَلفًا أُسدُ غابٍ ضَراغِمٌ * لَها مِخلَبٌ فيهِم وَلِلمَوتِ مَخلِبُ
40 إِذا حَلِمَت فَالشَرُّ وَسنانُ حالِمٌ * وَإِن غَضِبَت فَالشَرُّ يَقظانُ مُغضِبُ
41 فَيالِقُ أَفشى في البِلادِ مِنَ الضُحى * وَأَبعَدُ مِن شَمسِ النَهارِ وَأَقرَبُ
42 وَتُصبِحُ تَلقاهُم وَتُمسي تَصُدُّهُم * وَتَظهَرُ في جِدِّ القِتالِ وَتَلعَبُ
43 تَلوحُ لَهُم في كُلِّ أُفقٍ وَتَعتَلي * وَتَطلُعُ فيهِم مِن مَكانٍ وَتَغرُبُ
44 وَتُقدِمُ إِقدامَ اللُيوثِ وَتَنثَني * وَتُدبِرُ عِلمًا بِالوَغى وَتُعَقِّبُ
45 وَتَملِكُ أَطرافَ الشِعابِ وَتَلتَقي * وَتَأخُذُ عَفوًا كُلَّ عالٍ وَتَغصِبُ
46 وَتَغشى أَبِيّاتِ المَعاقِلِ وَالذُرا * فَثَيِّبُهُنَّ البِكرُ وَالبِكرُ ثَيِّبُ
47 يَقودُ سَراياها وَيَحمي لِواءَها * سَديدُ المَرائي في الحُروبِ مُجَرِّبُ
48 يَجيءُ بِها حينًا وَيَرجِعُ مَرَّةً * كَما تَدفَعُ اللَجَّ البِحارُ وَتَجذِبُ
49 وَيَرمي بِها كَالبَحرِ مِن كُلِّ جانِبٍ * فَكُلُّ خَميسٍ لُجَّةٌ تَتَضَرَّبُ
50 وَيُنفِذُها مِن كُلِّ شِعبٍ فَتَلتَقي * كَما يَتَلاقى العارِضُ المُتَشَعِّبُ
51 وَيَجعَلُ ميقاتًا لَها تَنبَري لَهُ * كَما دارَ يَلقى عَقرَبَ السَيرِ عَقرَبُ
52 فَظَلَّت عُيونُ الحَربِ حَيرى لِما تَرى * نَواظِرَ ما تَأتي اللُيوثُ وَتُغرِبُ
53 تُبالِغُ بِالرامي وَتَزهو بِما رَمى * وَتُعجَبُ بِالقُوّادِ وَالجُندُ أَعجَبُ
54 وَتُثني عَلى مُزجي الجُيوشِ بِيَلدِزٍ * وَمُلهِمِها فيما تَنالُ وَتَكسِبُ
55 وَما المُلكُ إِلّا الجَيشُ شَأنًا وَمَظهَرًا * وَلا الجَيشُ إِلّا رَبُّهُ حينَ يُنسَبُ
56 تُحَذِّرُني مِن قَومِها التُركِ زَينَبُ * وَتُعجِمُ في وَصفِ اللُيوثِ وَتُعرِبُ
57 وَتُكثِرُ ذِكرَ الباسِلينَ وَتَنثَني * بِعِزٍّ عَلى عِزِّ الجَمالِ وَتُعجَبُ
58 وَتَسحَبُ ذَيلَ الكِبرِياءِ وَهَكَذا * يَتيهُ وَيَختالُ القَوِيُّ المُغَلِّبُ
59 وَزَينَبُ إِن تاهَت وَإِن هِيَ فاخَرَت * فَما قَومُها إِلّا العَشيرُ المُحَبَّبُ
60 يُؤَلِّفُ إيلامُ الحَوادِثِ بَينَنا * وَيَجمَعُنا في اللَهِ دينٌ وَمَذهَبُ
61 نَما الوُدُّ حَتّى مَهَّدَ السُبلَ لِلهَوى * فَما في سَبيلِ الوَصلِ ما يُتَصَعَّبُ
62 وَدانى الهَوى ما شاءَ بَيني وَبَينَها * فَلَم يَبقَ إِلّا الأَرضُ وَالأَرضُ تَقرُبُ
63 رَكِبتُ إِلَيها البَحرَ وَهوَ مَصيدَةٌ * تُمَدُّ بِها سُفنُ الحَديدِ وَتُنصَبُ
64 تَروحُ المَنايا الزُرقُ فيهِ وَتَغتَدي * وَما هِيَ إِلّا المَوجُ يَأتي وَيَذهَبُ
65 وَتَبدو عَلَيهِ الفُلكُ شَتّى كَأَنَّها * بُؤوزٌ تُراعيها عَلى البُعدِ أَعقُبُ
66 حَوامِلُ أَعلامِ القَياصِرِ حُضرٌ * عَلَيها سَلاطينُ البَرِيَّةِ غُيَّبُ
67 تُجاري خُطاها الحادِثاتِ وَتَقتَفي * وَتَطفو حَوالَيها الخُطوبُ وَتَرسُبُ
68 وَيوشِكُ يَجري الماءُ مِن تَحتِها دَمًا * إِذا جَمَعَت أَثقالَها تَتَرَقَّبُ
69 فَقُلتُ أَأَشراطُ القِيامَةِ ما أَرى * أَمِ الحَربُ أَدنى مِن وَريدٍ وَأَقرَبُ
70 أَمانًا أَمانًا لُجَّةَ الرومِ لِلوَرى * لَوَ اَنَّ أَمانًا عِندَ دَأماءَ يُطلَبُ
71 كَأَنّي بِأَحداثِ الزَمانِ مُلِمَّةً * وَقَد فاضَ مِنها حَوضُكِ المُتَضَرِّبُ
72 فَأُزعِجَ مَغبوطٌ وَرُوِّعَ آمِنٌ * وَغالَ سَلامَ العالَمينَ التَعَصُّبُ
73 فَقالَت أَطَلتَ الهَمَّ لِلخَلقِ مَلجَأٌ * أَبَرُّ بِهِم مِن كُلِّ بَرٍّ وَأَحدَبُ
74 سَلامُ البَرايا في كَلاءَةِ فَرقَدٍ * بِيَلدِزَ لا يَغفو وَلا يَتَغَيَّبُ
75 وَإِنَّ أَميرَ المُؤمِنينَ لَوابِلٌ * مِنَ الغَوثِ مُنهَلٌ عَلى الخَلقِ صَيِّبُ
76 رَأى الفِتنَةَ الكُبرى فَوالى انهِمالَهُ * فَبادَت وَكانَت جَمرَةً تَتَلَهَّبُ
77 فَما زِلتُ بِالأَهوالِ حَتّى اقتَحَمتُها * وَقَد تُركِبُ الحاجاتُ ما لَيسَ يُركَبُ
78 أَخوضُ اللَيالي مِن عُبابٍ وَمِن دُجىً * إِلى أُفقٍ فيهِ الخَليفَةُ كَوكَبُ
79 إِلى مُلكِ عُثمانَ الَّذي دونَ حَوضِهِ * بِناءُ العَوالي المُشمَخِرُّ المُطَنَّبُ
80 فَلاحَ يُناغي النَجمَ صَرحٌ مُثَقَّبٌ * عَلى الماءِ قَد حاذاهُ صَرحٌ مُثقَبُ
81 بُروجٌ أَعارَتها المَنونُ عُيونَها * لَها في الجَواري نَظرَةٌ لا تُخَيَّبُ
82 رَواسي ابتِداعٍ في رَواسي طَبيعَةٍ * تَكادُ ذُراها في السَحابِ تُغَيَّبُ
83 فَقُمتُ أُجيلُ الطَرفَ حَيرانَ قائِلًا * أَهَذى ثُغورُ التُركِ أَم أَنا أَحسَبُ
84 فَمِثلَ بِناءِ التُركِ لَم يَبنِ مُشرِقٌ * وَمِثلَ بِناءِ التُركِ لَم يَبنِ مَغرِبُ
85 تَظَلُّ مَهولاتُ البَوارِجِ دونَهُ * حَوائِرَ ما يَدرينَ ماذا تُخَرِّبُ
86 إِذا طاشَ بَينَ الماءِ وَالصَخرِ سَهمُها * أَتاها حَديدٌ ما يَطيشُ وَأَسرَبُ
87 يُسَدِّدُهُ عِزريلُ في زِيِّ قاذِفٍ * وَأَيدي المَنايا وَالقَضاءُ المُدَرَّبُ
88 قَذائِفُ تَخشى مُهجَةُ الشَمسِ كُلَّما * عَلَت مُصعِداتٍ أَنَّها لا تُصَوَّبُ
89 إِذا صُبَّ حاميها عَلى السُفنِ انثَنَت * وَغانِمُها الناجي فَكَيفَ المُخَيَّبُ
90 سَلِ الرومَ هَل فيهِنَّ لِلفُلكِ حيلَةٌ * وَهَل عاصِمٌ مِنهُنَّ إِلّا التَنَكُّبُ
91 تَذَبذَبَ أُسطولاهُمُ فَدَعَتهُما * إِلى الرُشدِ نارٌ ثَمَّ لا تَتَذَبذَبُ
92 فَلا الشَرقُ في أُسطولِهِ مُتقى الحِمى * وَلا الغَربُ في أُسطولِهِ مُتَهَيَّبُ
93 وَما راعَني إِلّا لِواءٌ مُخَضَّبٌ * هُنالِكَ يَحميهِ بَنانٌ مُخَضَّبُ
94 فَقُلتُ مَنِ الحامي أَلَيثٌ غَضَنفَرٌ * مِنَ التُركِ ضارٍ أَم غَزالٌ مُرَبَّبُ
95 أَمِ المَلِكُ الغازي المُجاهِدُ قَد بَدا * أَمِ النَجمُ في الآرامِ أَم أَنتِ زَينَبُ
96 رَفَعتِ بَناتَ التُركِ قالَت وَهَل بِنا * بَناتِ الضَواري أَن نَصولَ تَعَجُّبُ
97 إِذا ما الدِيارُ استَصرَخَت بَدَرَت لَها * كَرائِمُ مِنّا بِالقَنا تَتَنَقَّبُ
98 تُقَرِّبُ رَبّاتُ البُعولِ بُعولَها * فَإِن لَم يَكُن بَعلٌ فَنَفسًا تُقَرِّبُ
99 وَلاحَت بِآفاقِ العَدُوِّ سَرِيَّةٌ * فَوارِسُ تَبدو تارَةً وَتُحَجَّبُ
100 نَواهِضُ في حُزنٍ كَما تَنهَضُ القَطا * رَواكِضُ في سَهلٍ كَما انسابَ ثَعلَبُ
101 قَليلونَ مِن بُعدٍ كَثيرونَ إِن دَنَوا * لَهُم سَكَنٌ آنًا وَآنًا تَهَيُّبُ
102 فَقالَت شَهِدتَ الحَربَ أَو أَنتَ موشِكٌ * فَصِفنا فَأَنتَ الباسِلُ المُتَأَدِّبُ
103 وَنادَت فَلَبّى الخَيلُ مِن كُلِّ جانِبٍ * وَلَبّى عَلَيها القَسوَرُ المُتَرَقِّبُ
104 خِفافًا إِلى الداعي سِراعًا كَأَنَّما * مِنَ الحَربِ داعٍ لِلصَلاةِ مُثَوِّبُ
105 مُنيفينَ مِن حَولِ اللِواءِ كَأَنَّهُم * لَهُ مَعقِلٌ فَوقَ المَعاقِلِ أَغلَبُ
106 وَما هِيَ إِلّا دَعوَةٌ وَإِجابَةٌ * أَنِ التَحَمَت وَالحَربُ بَكرٌ وَتَغلِبُ
107 فَأَبصَرتُ ما لَم تُبصِرا مِن مَشاهِدٍ * وَلا شَهِدَت يَومًا مَعَدٌّ وَيَعرُبُ
108 جِبالَ مَلونا لا تَخوري وَتَجزَعي * إِذا مالَ رَأسٌ أَو تَضَعضَعَ مَنكِبُ
109 فَما كُنتِ إِلّا السَيفَ وَالنارَ مَركَبًا * وَما كانَ يَستَعصي عَلى التُركِ مَركَبُ
110 عَلَوا فَوقَ عَلياءِ العَدُوِّ وَدونَهُ * مَضيقٌ كَحَلقِ اللَيثِ أَو هُوَ أَصعَبُ
111 فَكانَ صِراطُ الحَشرِ ما ثَمَّ ريبَةٌ * وَكانوا فَريقَ اللَهِ ما ثَمَّ مُذنِبُ
112 يَمُرّونَ مَرَّ البَرقِ تَحتَ دُجُنَّةٍ * دُخانًا بِهِ أَشباحُهُم تَتَجَلبَبُ
113 حَثيثينَ مِن فَوقِ الجِبالِ وَتَحتِها * كَما انهارَ طَودٌ أَو كَما انهالَ مِذنَبُ
114 تُمِدُّهُمُ قُذّافُهُم وَرُماتُهُم * بِنارٍ كَنيرانِ البَراكينِ تَدأَبُ
115 تُذَرّى بِها شُمُّ الذُرا حينَ تَعتَلي * وَيَسفَحُ مِنها السَفحُ إِذ تَتَصَبَّبُ
116 تُسَمَّرُ في رَأسِ القِلاعِ كُراتُها * وَيَسكُنُ أَعجازَ الحُصونِ المُذَنَّبُ
117 فَلَمّا دَجى داجي العَوانِ وَأَطبَقَت * تَبَلَّجَ وَالنَصرَ الهِلالُ المُحَجَّبُ
118 وَرُدَّت عَلى أَعقابِها الرومُ بَعدَما * تَناثَرَ مِنها الجَيشُ أَو كادَ يَذهَبُ
119 جَناحَينِ في شِبهِ الشِباكَينِ مِن قَنا * وَقَلبًا عَلى حُرِّ الوَغى يَتَقَلَّبُ
120 عَلى قُلَلِ الأَجبالِ حَيرى جُموعُهُم * شَواخِصُ ما إِن تَهتَدي أَينَ تَذهَبُ
121 إِذا صَعَدَت فَالسَيفُ أَبيَضُ خاطِفٌ * وَإِن نَزَلَت فَالنارُ حَمراءُ تَلهَبُ
122 تَطَوَّعَ أَسرًا مِنهُمُ ذَلِكَ الَّذي * تَطَوَّعَ حَربًا وَالزَمانُ تَقَلُّبُ
123 وَتَمَّ لَنا النَصرُ المُبينُ عَلى العِدا * وَفَتحُ المَعالي وَالنَهارُ المُذَهَّبُ
124 فَجِئتُ فَتاةَ التُركِ أَجزي دِفاعَها * عَنِ المُلكِ وَالأَوطانِ ما الحَقُّ يوجِبُ
125 فَقَبَّلتُ كَفًّا كانَ بِالسَيفِ ضارِبًا * وَقَبَّلتُ سَيفًا كانَ بِالكَفِّ يَضرِبُ
126 وَقُلتُ أَفي الدُنيا لِقَومِكِ غالِبٌ * وَفي مِثلِ هَذا الحِجرِ رُبّوا وَهُذِّبوا
127 رُوَيدًا بَني عُثمانَ في طَلَبِ العُلا * وَهَيهاتَ لَم يُستَبقَ شَيءٌ فَيُطلَبُ
128 أَفي كُلِّ آنٍ تَغرِسونَ وَنَجتَني * وَفي كُلِّ يَومٍ تَفتَحونَ وَنَكتُبُ
129 وَما زِلتُمُ يَسقيكُمُ النَصرُ حُمرَهُ * وَتَسقونَهُ وَالكُلُّ نَشوانَ مُصأَبُ
130 إِلى أَن أَحَلَّ السُكرَ مَن لا يُحِلُّهُ * وَمَدَّ بِساطَ الشُربِ مَن لَيسَ يَشرَبُ
131 وَأَشمَطَ سَوّاسِ الفَوارِسِ أَشيَبُ * يَسيرُ بِهِ في الشَعبِ أَشمَطُ أَشيَبُ
132 رَفيقًا ذَهابٍ في الحُروبِ وَجيئَةٍ * قَدِ اصطَحَبا وَالحُرُّ لِلحُرِّ يَصحَبُ
133 إِذا شَهِداها جَدَّدا هِزَّةَ الصِبا * كَما يَتَصابى ذو ثَمانينَ يَطرُبُ
134 فَيَهتَزُّ هَذا كَالحُسامِ وَيَنثَني * وَيَنفُرُ هَذا كَالغَزالِ وَيَلعَبُ
135 تَوالى رَصاصُ المُطلِقينَ عَلَيهِما * يُخَضِّلُ مِن شَيبِهِما وَيُخَضِّبُ
136 فَقيلَ أَنِل أَقدامَكَ الأَرضَ إِنَّها * أَبَرُّ جَوادًا إِن فَعَلتَ وَأَنجَبُ
137 فَقالَ أَيَرضى واهِبُ النَصرِ أَنَّنا * نَموتُ كَمَوتِ الغانِياتِ وَنُعطَبُ
138 ذَروني وَشَأني وَالوَغى لا مُبالِيًا * إِلى المَوتِ أَمشي أَم إِلى المَوتِ أَركَبُ
139 أَيَحمِلُني عُمرًا وَيَحمي شَبيبَتي * وَأَخذُلُهُ في وَهنِهِ وَأُخَيِّبُ
140 إِذا نَحنُ مِتنا فَادفِنونا بِبُقعَةٍ * يَظَلُّ بِذِكرانا ثَراها يُطَيِّبُ
141 وَلا تَعجَبوا أَن تَبسُلَ الخَيلُ إِنَّها * لَها مِثلُ ما لِلناسِ في المَوتِ مَشرَبُ
142 فَماتا أَمامَ اللَهِ مَوتَ بَسالَةٍ * كَأَنَّهُما فيهِ مِثالٌ مُنَصَّبُ
143 وَما شُهَداءُ الحَربِ إِلّا عِمادُها * وَإِن شَيَّدَ الأَحياءُ فيها وَطَنَّبوا
144 مِدادُ سِجِلِّ النَصرِ فيها دِماؤُهُم * وَبِالتِبرِ مِن غالي ثَراهُم يُتَرَّبُ
145 فَهَل مِن مَلونا مَوقِفٌ وَمَسامِعٌ * وَمِن جَبَلَيها مِنبَرٌ لي فَأَخطُبُ
146 فَأَسأَلُ حِصنَيها العَجيبَينِ في الوَرى * وَمَدخَلُها الأَعصى الَّذي هُوَ أَعجَبُ
147 وَأَستَشهِدُ الأَطوادَ شَمّاءَ وَالذُرا * بَواذِخَ تُلوي بِالنُجومِ وَتُجذَبُ
148 هَلِ البَأسُ إِلّا بَأسُهُم وَثَباتُهُم * أَوِ العَزمُ إِلّا عَزمُهُم وَالتَلَبُّبُ
149 أَوِ الدينُ إِلّا ما رَأَت مِن جِهادِهِم * أَوِ المُلكُ إِلّا ما أَعَزّوا وَهَيَّبوا
150 وَأَيُّ فَضاءٍ في الوَغى لَم يُضَيِّقوا * وَأَيُّ مَضيقٍ في الوَرى لَم يُرَحِّبوا
151 وَهَل قَبلَهُم مَن عانَقَ النارَ راغِبًا * وَلَو أَنَّهُ عُبّادُها المُتَرَهِّبُ
152 وَهَل نالَ ما نالوا مِنَ الفَخرِ حاضِرٌ * وَهَل حُبِيَ الخالونَ مِنهُ الَّذي حُبوا
153 سَلامًا مَلونا وَاحتِفاظًا وَعِصمَةً * لِمَن باتَ في عالي الرِضى يَتَقَلَّبُ
154 وَضِنّي بِعَظمٍ في ثَراكِ مُعَظَّمٍ * يُقَرِبُهُ الرَحمَنُ فيما يُقَرِّبُ
155 وَطِرناوُ إِذ طارَ الذُهولُ بِجَيشِها * وَبِالشَعبِ فَوضى في المَذاهِبِ يَذهَبُ
156 عَشِيَّةَ ضاقَت أَرضُها وَسَماؤُها * وَضاقَ فَضاءٌ بَينَ ذاكَ مُرَحِّبُ
157 خَلَت مِن بَني الجَيشِ الحُصونُ وَأَقفَرَت * مَساكِنُ أَهليها وَعَمَّ التَخَرُّبُ
158 وَنادى مُنادٍ لِلهَزيمَةِ في المَلا * وَإِنَّ مُنادي التُركِ يَدنو وَيَقرُبُ
159 فَأَعرَضَ عَن قُوّادِهِ الجُندُ شارِدًا * وَعَلَّمَهُ قُوّادُهُ كَيفَ يَهرُبُ
160 وَطارَ الأَهالي نافِرينَ إِلى الفَلا * مِئينَ وَآلافًا تَهيمُ وَتَسرُبُ
161 نَجَوا بِالنُفوسِ الذاهِلاتِ وَما نَجَوا * بِغَيرِ يَدٍ صِفرٍ وَأُخرى تُقَلِّبُ
162 وَطالَت يَدٌ لِلجَمعِ في الجَمعِ بِالخَنا * وَبِالسَلبِ لَم يَمدُد بِها فيهِ أَجنَبُ
163 يَسيرُ عَلى أَشلاءِ والِدِهِ الفَتى * وَيَنسى هُناكَ المُرضَعَ الأُمُّ وَالأَبُ
164 وَتَمضي السَرايا واطِئاتٍ بِخَيلِها * أَرامِلَ تَبكي أَو ثَواكِلَ تَندُبُ
165 فَمِن راجِلٍ تَهوي السِنونُ بِرِجلِهِ * وَمِن فارِسٍ تَمشي النِساءُ وَيَركَبُ
166 وَماضٍ بِمالٍ قَد مَضى عَنهُ وَألُهُ * وَمُزجٍ أَثاثًا بَينَ عَينَيهِ يُنهَبُ
167 يَكادونَ مِن ذُعرٍ تَفُرُّ دِيارُهُم * وَتَنجو الرَواسي لَو حَواهُنَّ مَشعَبُ
168 يَكادُ الثَرى مِن تَحتِهِم يَلِجُ الثَرى * وَيَقضِمُ بَعضُ الأَرضِ بَعضًا وَيُقضِبُ
169 تَكادُ خُطاهُم تَسبِقُ البَرقَ سُرعَةً * وَتَذهَبُ بِالأَبصارِ أَيّانَ تَذهَبُ
170 تَكادُ عَلى أَبصارِهِم تَقطَعُ المَدى * وَتَنفُذُ مَرماها البَعيدَ وَتَحجُبُ
171 تَكادُ تَمُسُّ الأَرضَ مَسًّا نِعالُهُم * وَلَو وَجَدوا سُبلًا إِلى الجَوِّ نَكَّبوا
172 هَزيمَةُ مَن لا هازِمٌ يَستَحِثُّهُ * وَلا طارِدٌ يَدعو لِذاكَ وَيوجِبُ
173 قَعَدنا فَلَم يَعدَم فَتى الرومِ فَيلَقًا * مِنَ الرُعبِ يَغزوهُ وَآخَرَ يَسلُبُ
174 ظَفِرنا بِهِ وَجهًا فَظَنَّ تَعَقُّبًا * وَماذا يَزيدُ الظافِرينَ التَعَقُّبُ
175 فَوَلّى وَما وَلّى نِظامُ جُنودِهِ * وَيا شُؤمَ جَيشٍ لِلفَرارِ يُرَتِّبُ
176 يَسوقُ وَيَحدو لِلنَجاةِ كَتائِبًا * لَهُ مَوكِبٌ مِنها وَلِلعارِ مَوكِبُ
177 مُنَظَّمَةٌ مِن حَولِهِ بَيدَ أَنَّها * تَوَدُّ لَوِ انشَقَّ الثَرى فَتُغَيَّبُ
178 مُؤَزَّرَةٌ بِالرُعبِ مَلدوغَةٌ بِهِ * فَفي كُلِّ ثَوبٍ عَقرَبٌ مِنهُ تَلسِبُ
179 تَرى الخَيلَ مِن كُلِّ الجِهاتِ تَخَيُّلًا * فَيَأخُذُ مِنها وَهمُها وَالتَهَيُّبُ
180 فَمِن خَلفِها طَورًا وَحينًا أَمامَها * وَآوِنَةً مِن كُلِّ أَوبٍ تَأَلَّبُ
181 فَوارِسُ في طولِ الجِبالِ وَعَرضِها * إِذا غابَ مِنهُم مِقنَبٌ لاحَ مِقنَبُ
182 فَمَهما تَهِم يَسنَح لَها ذو مُهَنَّدٍ * وَيَخرُج لَها مِن باطِنِ الأَرضِ مِحرَبُ
183 وَتَنزِل عَلَيها مِن سَماءِ خَيالِها * صَواعِقٌ فيهِنَّ الرَدى المُتَصَبِّبُ
184 رُؤىً إِن تَكُن حَقًّا يَكُن مِن وَرائِها * مَلائِكَةُ اللَهِ الَّذي لَيسَ يُغلَبُ
185 وَفِرسالُ إِذ باتوا وَبِتنا أَعادِيًا * عَلى السَهلِ لُدًّا يَرقُبونَ وَنَرقُبُ
186 وَقامَ فَتانا اللَيلَ يَحمي لِواءَهُ * وَقامَ فَتاهُم لَيلَهُ يَتَلَعَّبُ
187 تَوَسَّدَ هَذا قائِمَ السَيفِ يَتَّقي * وَهَذا عَلى أَحلامِهِ يَتَحَسَّبُ
188 وَهَل يَستَوي القِرنانُ هَذا مُنَعَّمٌ * غَريرٌ وَهَذا ذو تَجاريبَ قُلَّبُ
189 حَمَينا كِلانا أَرضَ فِرسالَ وَالسَما * فَكُلُّ سَبيلٍ بَينَ ذَلِكَ مَعطَبُ
190 وَرُحنا يَهُبُّ الشَرُّ فينا وَفيهِمُ * وَتَشمُلُ أَرواحُ القِتالِ وَتَجنُبُ
191 كَأَنّا أُسودٌ رابِضاتٌ كَأَنَّهُم * قَطيعٌ بِأَقصى السَهلِ حَيرانَ مُذئِبُ
192 كَأَنَّ خِيامَ الجَيشِ في السَهلِ أَينَقُ * نَواشِزُ فَوضى في دُجى اللَيلِ شُزَّبُ
193 كَأَنَّ السَرايا ساكِناتٍ مَوائِجًا * قَطائِعُ تُعطى الأَمنَ طَورًا وَتُسلَبُ
194 كَأَنَّ القَنا دونَ الخِيامِ نَوازِلًا * جَداوِلُ يُجريها الظَلامُ وَيُسكَبُ
195 كَأَنَّ الدُجى بَحرٌ إِلى النَجمِ صاعِدٌ * كَأَنَّ السَرايا مَوجُهُ المُتَضَرِّبُ
196 كَأَنَّ المَنايا في ضَميرِ ظَلامِهِ * هُمومٌ بِها فاضَ الضَميرُ المُحَجَّبُ
197 كَأَنَّ صَهيلَ الخَيلِ ناعٍ مُبَشِّرٌ * تَراهُنَّ فيها ضُحَّكًا وَهيَ نُحَّبُ
198 كَأَنَّ وُجوهَ الخَيلِ غُرًّا وَسيمَةً * دَرارِيُّ لَيلٍ طُلَّعٌ فيهِ ثُقَّبُ
199 كَأَنَّ أُنوفَ الخَيلِ حَرّى مِنَ الوَغى * مَجامِرُ في الظَلماءِ تَهدا وَتَلهُبُ
200 كَأَنَّ صُدورَ الخَيلِ غُدرٌ عَلى الدُجى * كَأَنَّ بَقايا النَضحِ فيهِنَّ طُحلُبُ
201 كَأَنَّ سَنى الأَبواقِ في اللَيلِ بَرقُهُ * كَأَنَّ صَداها الرَعدُ لِلبَرقِ يَصحَبُ
202 كَأَنَّ نِداءَ الجَيشِ مِن كُلِّ جانِبٍ * دَوِيُّ رِياحٍ في الدُجى تَتَذَأَّبُ
203 كَأَنَّ عُيونَ الجَيشِ مِن كُلِّ مَذهَبٍ * مِنَ السَهلِ جُنَّ جُوَّلٌ فيهِ جُوَّبُ
204 كَأَنَّ الوَغى نارٌ كَأَنَّ جُنودَنا * مَجوسٌ إِذا ما يَمَّموا النارَ قَرَّبوا
205 كَأَنَّ الوَغى نارٌ كَأَنَّ الرَدى قِرىً * كَأَنَّ وَراءَ النارِ حاتِمَ يَأدِبُ
206 كَأَنَّ الوَغى نارٌ كَأَنَّ بَني الوَغى * فَراشٌ لَهُ مَلمَسُ النارِ مَأرَبُ
207 وَثَبنا يَضيقُ السَهلُ عَن وَثَباتِنا * وَتَقدُمُنا نارٌ إِلى الرومِ أَوثَبُ
208 مَشَت في سَراياهُم فَحَلَّت نِظامَها * فَلَمّا مَشَينا أَدبَرَت لا تُعَقِّبُ
209 رَأى السَهلُ مِنهُم ما رَأى الوَعرُ قَبلَهُ * فَيا قَومُ حَتّى السَهلُ في الحَربِ يَصعُبُ
210 وَحِصنٌ تَسامى مِن دُموقو كَأَنَّهُ * مُعَشِّشُ نَسرٍ أَو بِهَذا يُلَقَّبُ
211 أَشُمُّ عَلى طَودٍ أَشَمَّ كِلاهُما * مَنونُ المُفاجي وَالحِمامُ المُرَحِّبُ
212 تَكادُ تَقادُ الغادِياتُ لِرَبِّهِ * فَيُزجي وَتَنزُمُّ الرِياحُ فَيَركَبُ
213 حَمَتهُ لُيوثٌ مِن حَديدٍ تَرَكَّزَت * عَلى عَجَلٍ وَاستَجمَعَت تَتَرَقَّبُ
214 تَثورُ وَتَستَأني وَتَنأى وَتَدَّني * وَتَغدو بِما تَغدي وَتَرمي وَتَنشُبُ
215 تَأبّى فَظَنَّ العالِمونَ استَحالَةً * وَأَعيا عَلى أَوهامِهِم فَتَرَيَّبوا
216 فَما في القِوى أَنَّ السَماواتِ تُرتَقى * بِجَيشٍ وَأَنَّ النَجمَ يُغشى فَيُغضِبُ
217 سَمَوتُم إِلَيهِ وَالقَنابِلُ دونَهُ * وَشُهبُ المَنايا وَالرَصاصُ المُصَوَّبُ
218 فَكُنتُم يَواقيتَ الحُروبِ كَرامَةً * عَلى النارِ أَو أَنتُم أَشَدُّ وَأَصلَبُ
219 صَعَدتُم وَما غَيرُ القَنا ثَمَّ مَصعَدٌ * وَلا سُلَّمٌ إِلّا الحَديدُ المُذَرَّبُ
220 كَما ازدَحَمَت بَيزانُ جَوٍّ بِمَورِدٍ * أَوِ ارتَفَعَت تَلقى الفَريسَةَ أَعقَبُ
221 فَما زِلتُمُ حَتّى نَزَلتُم بُروجَهُ * وَلَم تَحتَضِر شَمسُ النَهارِ فَتَغرُبُ
222 هُنالِكَ غالى في الأَماديحِ مَشرِقٌ * وَبالَغَ فيكُم آلَ عُثمانَ مَغرِبُ
223 وَزَيدَ حَمى الإِسلامَ عِزًّا وَمَنعَةً * وَرُدَّ جِماحُ العَصرِ فَالعَصرُ هَيِّبُ
224 رَفَعنا إِلى النَجمِ الرُؤوسِ بِنَصرِكُم * وَكُنّا بِحُكمِ الحادِثاتِ نُصَوِّبُ
225 وَمَن كانَ مَنسوبًا إِلى دَولَةِ القَنا * فَلَيسَ إِلى شَيءٍ سِوى العِزِّ يُنسَبُ
226 فَيا قَومُ أَينَ الجَيشُ فيما زَعَمتُمُ * وَأَينَ الجَواري وَالدِفاعُ المُرَكَّبُ
227 وَأَينَ أَميرُ البَأسِ وَالعَزمِ وَالحِجى * وَأَينَ رَجاءٌ في الأَميرِ مُخَيَّبُ
228 وَأَينَ تُخومٌ تَستَبيحونَ دَوسَها * وَأَينَ عِصاباتٌ لَكُم تَتَوَثَّبُ
229 وَأَينَ الَّذي قالَت لَنا الصُحفُ عَنكُمُ * وَأَسنَدَ أَهلوها إِلَيكُم فَأَطنَبوا
230 وَما قَد رَوى بَرقٌ مِنَ القَولِ كاذِبٌ * وَآخَرُ مِن فِعلِ المُحِبّينَ أَكذَبُ
231 وَما شِدتُمُ مِن دَولَةٍ عَرضُها الثَرى * يَدينُ لَها الجِنسانِ تُركٌ وَصَقلَبُ
232 لَها عَلَمٌ فَوقَ الهِلالِ وَسُدَّةٌ * تُنَصُّ عَلى هامِ النُجومِ وَتُنصَبُ
233 أَهَذا هُوَ الذَودُ الَّذي تَدَّعونَهُ * وَنَصرُ كَريدٍ وَالوَلا وَالتَحَبُّبُ
234 أَهَذا الَّذي لِلمُلكِ وَالعِرضِ عِندَكُم * وَلِلجارِ إِن أَعيا عَلى الجارِ مَطلَبُ
235 أَهَذا سِلاحُ الفَتحِ وَالنَصرِ وَالعُلا * أَهَذا مَطايا مَن إِلى المَجدِ يَركَبُ
236 أَهَذا الَّذي لِلذِكرِ خُلَّبُ مَعشَرٌ * عَلى ذِكرِهِم يَأتي الزَمانُ وَيَذهَبُ
237 أَسَأتُم وَكانَ السوءُ مِنكُم إِلَيكُمُ * إِلى خَيرِ جارٍ عِندَهُ الخَيرُ يُطلَبُ
238 إِلى ذي انتِقامٍ لا يَنامُ غَريمُهُ * وَلَو أَنَّهُ شَخصُ المَنامِ المُحَجَّبُ
239 شَقيتُم بِها مِن حيلَةٍ مُستَحيلَةٍ * وَأَينَ مِنَ المُحتالِ عَنقاءُ مُغرِبُ
240 فَلَولا سُيوفُ التُركِ جَرَّبَ غَيرُكُم * وَلَكِن مِنَ الأَشياءِ ما لا يُجَرَّبُ
241 فَعَفوًا أَميرَ المُؤمِنينَ لِأُمَّةٍ * دَعَت قادِرًا مازالَ في العَفوِ يَرغَبُ
242 ضَرَبتَ عَلى آمالِها وَمَآلِها * وَأَنتَ عَلى استِقلالِها اليَومَ تَضرِبُ
243 إِذا خانَ عَبدُ السوءِ مَولاهُ مُعتَقًا * فَما يَفعَلُ الكَريمُ المُهَذَّبُ
244 وَلا تَضرِبَن بِالرَأيِ مُنحَلَّ مُلكِهِم * فَما يَفعَلُ المَولى الكَريمُ المُهَذَّبُ
245 لَقَد فَنِيَت أَرزاقُهُم وَرِجالُهُم * وَليسَ بِفانٍ طَيشُهُم وَالتَقَلُّبُ
246 فَإِن يَجِدوا لِلنَفسِ بِالعَودِ راحَةً * فَقَد يَشتَهي المَوتَ المَريضُ المُعَذَّبُ
247 وَإِن هَمَّ بِالعَفوِ الكَريمِ رَجاؤُهُم * فَمِن كَرَمِ الأَخلاقِ أَن لا يُخَيَّبوا
248 فَما زِلتَ جارَ البِرِّ وَالسَيِّدَ الَّذي * إِلى فَضلِهِ مِن عَدلِهِ الجارُ يَهرُبُ
249 يُلاقي بَعيدُ الأَهلِ عِندَكَ أَهلَهُ * وَيَمرَحُ في أَوطانِهِ المُتَغَرِّبُ
250 أَمَولايَ غَنَّتكَ السُيوفُ فَأَطرَبَت * فَهَل لِيَراعي أَن يُغَنّي فَيُطرِبُ
251 فَعِندي كَما عِندَ الظُبا لَكَ نَغمَةٌ * وَمُختَلِفُ الأَنغامِ لِلأُنسِ أَجلَبُ
252 أُعَرِّبُ ما تُنشي عُلاكَ وَإِنَّهُ * لَفي لُطفِهِ ما لا يَنالُ المُعَرِّبُ
253 مَدَحتُكَ وَالدُنيا لِسانٌ وَأَهلُها * جَميعًا لِسانٌ يُملِيانِ وَأَكتُبُ
254 أُناوِلُ مِن شِعرِ الخِلافَةِ رَبَّها * وَأَكسو القَوافي ما يَدومُ فَيُقشِبُ
255 وَهَل أَنتَ إِلّا الشَمسُ في كُلِّ أُمَّةٍ * فَكُلُّ لِسانٍ في مَديحِكَ طَيِّبُ
256 فَإِن لَم يَلِق شِعري لِبابِكَ مِدحَةً * فَمُر يَنفَتِح بابٌ مِنَ العُذرِ أَرحَبُ

الوحدات

بيانات القصيدة

ملحوظة

وصف الوقائع العثمانية اليونانية

الصفحات

1 - الأبيات (1-11) في صفحة (39)،

2 - الأبيات (12-25) في صفحة (40)،

3 - الأبيات (26-38) في صفحة (41)،

4 -الأبيات (39-56) في صفحة (42)،

5 - الأبيات (57-73) في صفحة (43)،

6 - الأبيات (74-89) في صفحة (44)،

7 - الأبيات (90-105) في صفحة (45)،

8 - الأبيات (106-121) في صفحة (46)،

9 - الأبيات (122-139) في صفحة (47)،

10 - الأبيات (140-157) في صفحة (48)،

11 - الأبيات (158-177) في صفحة (49)،

12 - الأبيات (178-191) في صفحة (50)،

13 - الأبيات (192-208) في صفحة (51)،

14 - الأبيات (209-225) في صفحة (52)،

15 - الأبيات (226-241) في صفحة (53)،

16 - الأبيات (242-256) في صفحة (54)،

الرابط المختصر


التبليغ عن خطأ


أدخل المكتوب في الصورةتحديث

بحث