الرئيسة >> ديوان العرب >> أحمد شوقي >> في المَوتِ ما أَعيا وَفي أَسبابِهِ * كُلُّ اِمرِئٍ رَهنٌ بِطَيِّ كِتابِهِ
1 | في المَوتِ ما أَعيا وَفي أَسبابِهِ | * | كُلُّ اِمرِئٍ رَهنٌ بِطَيِّ كِتابِهِ |
2 | أَسَدٌ لَعَمرُكَ مَن يَموتُ بِظُفرِهِ | * | عِندَ اللِقاءِ كَمَن يَموتُ بِنابِهِ |
3 | إِن نامَ عَنكَ فَكُلُّ طِبٍّ نافِعٌ | * | أَو لَم يَنَم فَالطِبُّ مِن أَذنابِهِ |
4 | داءُ النُفوسِ وَكُلُّ داءٍ قَبلَهُ | * | هَمٌّ نَسينَ مَجيئَهُ بِذَهابِهِ |
5 | النَفسُ حَربُ المَوتِ إِلّا أَنَّها | * | أَتَتِ الحَياةَ وَشُغلَها مِن بابِهِ |
6 | تَسَعُ الحَياةَ عَلى طَويلِ بَلائِها | * | وَتَضيقُ عَنهُ عَلى قَصيرِ عَذابِهِ |
7 | هُوَ مَنزِلُ الساري وَراحَةُ رائِحٍ | * | كَثُرَ النَهارُ عَلَيهِ في إِنعابِهِ |
8 | وَشَفاءُ هَذي الروحِ مِن آلامِها | * | وَدَواءُ هَذا الجِسمِ مِن أَوصابِهِ |
9 | مَن سَرَّهُ أَلّا يَموتَ فَبِالعُلا | * | خَلُدَ الرِجالُ وَبِالفِعالِ النابِهِ |
10 | ما ماتَ مَن حازَ الثَرى آثارَهُ | * | وَاِستَولَتِ الدُنيا عَلى آدابِهِ |
11 | قُل لِلمُدِلِّ بِمالِهِ وَبِجاهِهِ | * | وَبِما يُجِلُّ الناسُ مِن أَنسابِهِ |
12 | هَذا الأَديمُ يَصُدُّ عَن حُضّارِهِ | * | وَيَنامُ مِلءَ الجَفنِ عَن غُيّابِهِ |
13 | إِلّا فَتًىً يَمشي عَلَيهِ مُجَدِّدًا | * | ديباجَتَيهِ مُعَمِّرًا بِخَرابِهِ |
14 | صادَت بِقارِعَةِ الصَعيدِ بَعوضَةٌ | * | في الجَوِّ صائِدَ بازِهِ وَعُقابِهِ |
15 | وَأَصابَ خُرطومُ الذُبابَةِ صَفحَةً | * | خُلِقَت لِسَيفِ الهِندِ أَو لِذُبابِهِ |
16 | طارَت بِخافِيَةِ القَضاءِ وَرَأرَأَت | * | بِكَريمَتَيهِ وَلامَسَت بِلُعابِهِ |
17 | لا تَسمَعَنَّ لِعُصبَةِ الأَرواحِ ما | * | قالوا بِباطِلِ عِلمِهِم وَكِذابِهِ |
18 | الروحُ لِلرَحمَنِ جَلَّ جَلالُهُ | * | هِيَ مِن ضَنائِنِ عِلمِهِ وَغِيابِهِ |
19 | غُلِبوا عَلى أَعصابِهِم فَتَوَهَّموا | * | أَوهامَ مَغلوبٍ عَلى أَعصابِهِ |
20 | ما آبَ جَبّارُ القُرونِ وَإِنَّما | * | يَومُ الحِسابِ يَكونُ يَومَ إِيابِهِ |
21 | فَذَروهُ في بَلَدِ العَجائِبِ مُغمَدًا | * | لا تَشهَروهُ كَأَمسِ فَوقَ رِقابِهِ |
22 | المُستَبِدُّ يُطاقُ في ناووسِهِ | * | لا تَحتَ تاجَيهِ وَفَوقَ وِثابِهِ |
23 | وَالفَردُ يُؤمَنُ شَرُّهُ في قَبرِهِ | * | كَالسَيفِ نامَ الشَرُّ خَلفَ قِرابِهِ |
24 | هَل كانَ توتَنخٌ تَقَمَّصُ روحُهُ | * | قُمُصَ البَعوضِ وَمُستَخَسَّ إِهابِهِ |
25 | أَو كانَ يَجزيكَ الرَدى عَن صُحبَةٍ | * | وَهوَ القَديمُ وَفاؤُهُ لِصِحابِهِ |
26 | تَاللَهِ لَو أَهدى لَكَ الهَرَمَينِ مِن | * | ذَهَبٍ لَكانَ أَقَلَّ ما تُجزى بِهِ |
27 | أَنتَ البَشيرُ بِهِ وَقَيِّمُ قَصرِهِ | * | وَمُقَدِّمُ النُبَلاءِ مِن حُجّابِهِ |
28 | أَعلَمتَ أَقوامَ الزَمانِ مَكانَهُ | * | وَحَشَدتَهُم في ساحِهِ وَرِحابِهِ |
29 | لولا بَنانُكَ في طَلاسِمِ تُربِهِ | * | ما زادَ في شَرَفٍ عَلى أَترابِهِ |
30 | أَخنى الحِمامُ عَلى اِبنِ هِمَّةِ نَفسِهِ | * | في المَجدِ وَالباني عَلى أَحسابِهِ |
31 | الجائِبُ الصَخرَ العَتيدَ بِحاجِرٍ | * | دَبَّ الزَمانُ وَشَبَّ في أَسرابِهِ |
32 | لَو زايَلَ المَوتى مَحاجِرَهُم بِهِ | * | وَتَلَفَّتوا لَتَحَيَّروا كَضَبابِهِ |
33 | لَم يَألُهُ صَبرًا وَلَم يَنِ هِمَّةً | * | حَتّى اِنثَنى بِكُنوزِهِ وَرِغابِهِ |
34 | أَفضى إِلى خَتمِ الزَمانِ فَفَضَّهُ | * | وَحَبا إِلى التاريخِ في مِحرابِهِ |
35 | وَطَوى القُرونَ القَهقَرى حَتّى أَتى | * | فِرعَونَ بَينَ طَعامِهِ وَشَرابِهِ |
36 | المَندَلُ الفَيّاحُ عودُ سَريرِهِ | * | وَاللُؤلُؤُ اللَمّاحُ وَشيُ ثِيابِهِ |
37 | وَكَأَنَّ راحَ القاطِفينَ فَرَغنَ مِن | * | أَثمارِهِ صُبحًا وَمِن أَرطابِهِ |
38 | جَدَثٌ حَوى ما ضاقَ غُمدانٌ بِهِ | * | مِن هالَةِ المُلكِ الجَسيمِ وَغابِهِ |
39 | بُنيانُ عُمرانٍ وَصَرحُ حَضارَةٍ | * | في القَبرِ يَلتَقِيانِ في أَطنابِهِ |
40 | فَتَرى الزَمانَ هُناكَ عِندَ مَشيبِهِ | * | مِثلَ الزَمانِ اليَومَ بَعدَ شَبابِهِ |
41 | وَتُحِسُّ ثَمَّ العِلمَ عِندَ عُبابِهِ | * | تَحتَ الثَرى وَالفَنُّ عِندَ عُجابِهِ |
42 | يا صاحِبَ الأُخرى بَلَغتَ مَحَلَّةً | * | هِيَ مِن أَخي الدُنيا مُناخُ رِكابِهِ |
43 | نُزُلٌ أَفاقَ بِجانِبَيهِ مِنَ الهَوى | * | مَن لا يُفيقُ وَجَدَّ مِن تَلعابِهِ |
44 | نامَ العَدُوُّ لَدَيهِ عَن أَحقادِهِ | * | وَسَلا الصَديقُ بِهِ هَوى أَحبابِهِ |
45 | الراحَةُ الكُبرى مِلاكُ أَديمِهِ | * | وَالسَلوَةُ الطولى قِوامُ تُرابِهِ |
46 | وادي المُلوكِ بَكَت عَلَيكَ عُيونُهُ | * | بِمُرَقرَقٍ كَالمُزنِ في تَسكابِهِ |
47 | أَلقى بَياضَ الغَيمِ عَن أَعطافِهِ | * | حُزنًا وَأَقبَلَ في سَوادِ سَحابِهِ |
48 | يَأسى عَلى حَرباءِ شَمسِ نَهارِهِ | * | وَنَزيلُ قيعَتِهِ وَجارُ سَرابِهِ |
49 | وَيَوَدُّ لَو أُلبِستَ مِن بَردِيَّهِ | * | بُردَينِ ثُمَّ دُفِنتَ بَينَ شِعابِهِ |
50 | نَوَّهتَ في الدُنيا بِهِ وَرَفَعتَهُ | * | فَوقَ الأَديمِ بِطاحِهِ وَهِضابِهِ |
51 | أَخرَجتَ مِن قَبرٍ كِتابَ حَضارَةٍ | * | الفَنُّ وَالإِعجازُ مِن أَبوابِهِ |
52 | فَصَّلتَهُ فَالبَرقُ في إيجازِهِ | * | يُبنى البَريدُ عَلَيهِ في إِطنابِهِ |
53 | طَلَعا عَلى لَوزانَ وَالدُنيا بِها | * | وَعَلى المُحيطِ ما وَراءَ عُبابِهِ |
54 | جِئتَ الشُعوبَ المُحسِنينَ بِشافِعٍ | * | مِن مِثلِ مُتقَنِ فَنِّهِم وَلُبابِهِ |
55 | فَرَفَعتَ رُكنًا لِلقَضِيَّةِ لَم يَكُن | * | سَحبانُ يَرفَعُهُ بِسِحرِ خِطابِهِ |
الوحدات
بيانات القصيدة
- المصدر::
الشوقيات (74-77)، تقديم حسين هيكل، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان - البحر:: كامل
- الروي:: باء
- العصر:: حديث
- اضغط هنا للطباعة
ملحوظة
الصفحات
2 - الأبيات (13-26) في صفحة (75)،
3 - الأبيات (27-42) في صفحة (76)،
4 - الأبيات (43-55) في صفحة (77)،