الرئيسة >> ديوان العرب >> البحتري >> وَراءَكَ عَنّي يا عَذولَ الأَشايِبِ * بِكُلفَةِ عَذلٍ بَعدَ شَيبِ الذَوائِبِ
1 | وَراءَكَ عَنّي يا عَذولَ الأَشايِبِ | * | بِكُلفَةِ عَذلٍ بَعدَ شَيبِ الذَوائِبِ |
2 | أَلَم تَعلَمي أَن لَيسَ في الأَرضِ مَرأَةٌ | * | تَقومُ عَلى حَدِّ اعتِدالِ المَذاهِبِ |
3 | أَعاذِلَ ما نَيلي مَكانَ الكَواكِبِ | * | بِأَبعَدَ عِندي مِن وِصالِ الكَواعِبِ |
4 | وَعَذلُكِ عِندي مِثلُ عُذرٍ فَأَقصِري | * | وَلَومُ القَعودِ الفَحلَ إِحدى العَجائِبِ |
5 | أَلَستِ إِذا مُيِّزتِ نَفسًا وَعُنصُرًا | * | مِنَ الواعِداتِ المُخلِفاتِ الكَواذِبِ |
6 | فَلَيسَ لِمِثلي لَومُ مِثلِكِ جائِزًا | * | لَقَد ساءَ مَسموعًا خِطابُ المُخاطِبِ |
7 | تَرَكتُ الصِبا وَالغَيَّ قَبلَ مَداهُما | * | وَتَركُهُما إِيّايَ بَينَ النَوائِبِ |
8 | عَلى حِفظِ عَهدِ الحُبِّ في كُلِّ مَوطِنٍ | * | يُنَسّي المُحِبّينَ ادِّكارَ الحَبائِبِ |
9 | فَيا أَيُّها الخِلُّ الَّذي لَيسَ تارِكي | * | وَمَكروهَ دَهري مِن صُدودِ المُجانِبِ |
10 | فَما أَبصَرَ الدُنيا بِعَينِ دُنوِّهِ | * | وَلا وِزرَ فيها لِلمُحِبِّ المُصاقِبِ |
11 | ظَلَمتُكَ إِن شَبَّهتُكَ البَدرَ طالِعًا | * | وَبِالشَمسِ يَومُ الدَجنِ بَينَ سَحائِبِ |
12 | لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنهُما وَقتَ غَيبَةٍ | * | وَأَنَّكَ لا غُيِّبتَ لَستَ بِغائِبِ |
13 | وَأَنَّ بِوَجهِ البَدرِ مَحوًا وَلَطخَةً | * | وَوَجهَكَ ما فيهِ مَعابٌ لِعائِبِ |
14 | وَأَنَّكَ إِن قيسَت مَحاسِنُ جَمَّةٌ | * | إِلَيكَ تَناهَت أَتعَبَت كُلَّ حاسِبِ |
15 | وَلَستُ بِناسٍ عَيشَنا وَاغتِباطَنا | * | بِعِزِّ شَبابٍ لِلحَوادِثِ غالِبِ |
16 | وَإِدراكَنا في ظِلِّهِ كُلَّ بُغيَةِ | * | مِنَ العَيشِ فاقَت سامِياتِ المَطالِبِ |
17 | فَمِنها إِذا ما الجِدُّ كانَ أَوانُهُ | * | بُلوغُ المَعالي الطَيِّباتِ المَكاسِبِ |
18 | وَمِنها إِذا ما الهَزلُ حانَت هَناتُهُ | * | مُنى النَفسِ في سِترٍ عَنِ الفُحشِ حاجِبِ |
19 | كُؤوسٌ مِنَ الصَهباءِ تَأبى اجتِماعَها | * | إِذا انتُشِحَت الهَمَّ في صَدرِ شارِبِ |
20 | جَمَعنا وَأَطيارُ الصَباحِ نَواطِقٌ | * | لَنا وَلَها بَينَ الذُرى وَالحَواجِبِ |
21 | فَكُلِّ سُرورٍ بِالغِناءِ وَبِالغِنى | * | وَبِالفَضلِ وَالجَدوى عَلى كُلِّ راغِبِ |
22 | أَعاذِلَ إِنَّ اللَومَ مِنكَ غَضاضَةٌ | * | عَلَيَّ وَإِنّي لائِمٌ كُلَّ جانِبِ |
23 | عَرَفتُ زَماني فَاعتَذَرتُ لِحَربِهِ | * | وَلَمّا أَضَعْ عَنّي ثِيابَ المُحارِبِ |
24 | وَجَرَّبتُ حَتّى ما أَرى الدَهرَ مُغرِبًا | * | عَلَيَّ بِصَرفٍ لَم يَكُن في تَجارِبي |
25 | وَما غَرَّني حُسنُ المَبادي لِأَنَّهُ | * | مِنَ الدَهرِ مَحتومٌ بِسوءِ العَواقِبِ |
26 | وَلَو لَم يَكُن إِلّا تَوَقَّعَ هابِطٍ | * | إِذن لَكَفاني مُنكَراتُ النَوائِبِ |
27 | لَقَد أَحدَثَت فيهِ اللَيالي غَريبةً | * | مُصَدَّرَةً في أُمَّهاتِ الغَرائِبِ |
28 | تَوَلّى فَصارَ الدَهرُ شَرًّا بِأَسرِهِ | * | صُراحًا بِلا شَوبٍ مِنَ الخَيرِ شايِبِ |
29 | فَإِن نُحصِ بِالتَفصيلِ مِنهُ مَثالِبًا | * | تَناهَينَ نَعجَز قَبلَ جَمعِ المَثالِبِ |
30 | وَإِن نَقتَصِرْ مِنهُ عَلى وَصفِ جُملَةٍ | * | تَدُلُّ عَلى التَفصيلِ نَعمَلْ بِواجِبِ |
31 | عَلى أَنَّ أَدنى القَولِ فيهِ مُضَيَّعٌ | * | فَكَيفَ بِأَقصى القَولِ فَاصدُق وَقارِبِ |
32 | وَأَعظَمُ مِمّا خَصَّني مِن أَذاتِهِ | * | عَلَيَّ بِقَولٍ صادِقٍ غَيرَ كاذِبِ |
33 | جِنايَتُهُ في عِدلِ نَفسي وَواحِدي | * | عَلَيَّ فَقَد كانَت أَجَلَّ المَصايِبِ |
34 | شَقيقي أَبي إِسحاقَ نَفسي فِداؤُهُ | * | وَرَأسُ بَقايا كُلِّ حُرٍّ وَكاتِبِ |
35 | كَذَلِكَ كانَت نِعمَةُ اللَهِ تُمِّمَتْ | * | بِتَخليصِهِ عِندي أَجَلَّ المَواهِبِ |
36 | فَهَنّاهُ ما أَولاهُ مَولاهُ مُسبِغًا | * | عَلَيهِ مَزيدًا جامِعًا لِلرَغائِبِ |
37 | وَأَسعَدَهُ بِالصَومِ وَالفِطرِ تالِيًا | * | وَكُلِّ زَمانٍ بَعدُ جاءٍ وَذاهِبِ |
38 | وَقُل لِأَخي عَنّي مَقالَةَ مُخلِصِ | * | لَهُ وُدَّهُ مِن دونِ أَدنى الأَقارِبِ |
39 | لَعَمري لَقَد صادَقتَ لي مَن يَوَدُّني | * | وَعادَيتَ لي الأَعداءَ غَيرَ مُراقِبِ |
40 | فَإِن أَنتَ والَيتَ الصَديقَ فَوالِ بي | * | وَإِن أَنتَ عادَيتَ العَدُوَّ فَعادِ بي |
41 | وَلا يَخلُ فيما بَينَنا مِن سِفارَةٍ | * | مَكانُ ابنِ إِسماعيلَ أُنسي وَصاحِبي |
42 | فَنِعمَ اختِيارُ العالَمينَ كِلاهُما | * | بِما حَصَّلا مِن كُلِّ غَضِّ الضَرائِبِ |
43 | عَلى قَصدِ دَهرِ السوءِ إِيّاهُما مَعًا | * | لِفَهمِهِما إِيّاهُ فِعلُ المُناصِبِ |
44 | وَإِعطائِهِ الكَلبَينِ ما حَظِيا بِهِ | * | عَطاءَ المُحابي لا عَطاءَ المُحاسِبِ |
45 | وَما كانَ عَبدونُ الدَنِيُّ وَهابِطٌ | * | سِوى آيَةٍ في الأَرضِ مِن كُلِّ جانِبِ |
46 | تُنَبِّئُنا الدُنيا بِفَرطِ هَوانِها | * | عَلى اللهِ في أَضعافِ تِلكَ المَواكِبِ |
47 | وَلَو سَمِعَ الدَهرُ العِتابَ بِمَنطِقٍ | * | لَأَوجَعتُهُ مِنّي بِحَدِّ المُعاتِبِ |
48 | وَلَكِنَّ دَهرًا مَلَّكَ الوَغدَ هابِطًا | * | مَشارِقَها مَوصولَةً بِالمَغارِبِ |
49 | فَعَمَّ بِشَرٍّ أَهلَها وَبِلادَها | * | وَخَصَّ ذَوي أَقدارِها بِالمَعاطِبِ |
50 | هُوَ الدَهرُ قَد أَعلى أَبا جَهلٍِ الَّذي | * | أُطيعَ بِأَرضِ الأَكرَمينَ الأَطايِبِ |
51 | فَما زالَ في الإِملاءِ حَتّى أَصارَهُ | * | إِلى النارِ مِن بَعدِ السُيوفِ القَواضِبِ |
52 | تَرى الناسَ طَوعَ ابنى نِزارٍ وَإِنَّما | * | تَرى ابنى نِزارٍ طَوعَ فِهرٍ وَغالِبِ |
53 | مِنَ الهاشِمِيِّينَ الأُلى كُلَّما دَنَوا | * | إِلى هاشِمٍ خُصّوا بِأَعلى المَناقِبِ |
54 | وَإِن نَزَلوا في النَسبِ مِن بَعدِ هاشِمِ | * | بِبَطنٍ عَلَوا في المَجدِ أَعلى المَراتِبِ |
55 | وَإِن حَضَروا الأَيسارَ حازوا مَدى العُلا | * | وَفازوا بِقَدحِ مُنجِحٍ غَيرَ خائِبِ |
56 | وَما قِدحُهُم إِلّا المُعَلّى فَمَن أَبى | * | فَلَيسَ لَهُ إِلّا مَنيحُ الضَوارِبِ |
57 | وَهُم سُبَّقُ السُبّاقِ لَكِن عَدُوُّهُمْ | * | سُكَيتٌ إِذا ما جَدَّ جَريُ الحَلائِبِ |
58 | أَلَسنا مَواليهِمْ وَلاءَ بَنِيِّهِمْ | * | وَلَسنا مَواليهِمْ وَلاءَ المُحارِبِ |
59 | فَنَحنُ لَهُم نَسلُ الحُسَينِ وَطاهِرٍ | * | لَبانًا وَلِلأَعداءِ نَسلُ المَصاعِبِ |
60 | إِذا ما كِرامُ الناسِ ساموا بُمُلكِهِمْ | * | وَبِالفَضلِ وَالأَعراقِ عِندَ المَناسِبِ |
61 | عَلَت هاشِمٌ مِن بَعدِ ذَلِكَ كُلِّهِ | * | سَنامَ العُلا فَوقَ الذُرى وَالغَوارِبِ |
62 | لَهُم ذَلَّ صَعبَ المَجدِ يَعلونَ ظَهرَهُ | * | وَيَأبى سِواهُمْ أَن يَذِلَّ لِراكِبِ |
63 | وَعَدلُهُمُ مِن آخِرِ المَجدِ حادِثٌ | * | بِأَفعالِهِمْ يَحدو قَديمَ المَناصِبِ |
64 | وَقَد غُصِبوا مُلكًا ثَمانينَ حِجَّةً | * | وَمَجدُهُمُ يُعيِي يَدَي كُلِّ غاصِبِ |
65 | مَدائِحُهُمْ في كُلِّ أَوبٍ وَوِجهَةٍ | * | يُغَنّي بِها الرُكبانُ فَوقَ الرَكائِبِ |
66 | أَحَلَّهُمُ بَيتُ النُبُوَّةِ مَنزِلًا | * | خِلافَتُهُ بَينَ النُجومِ الثَواقِبِ |
67 | بُيوتُ مُلوكِ الناسِ يُبنَينَ في الرُبى | * | وَهاشِمُ مَبنى بَيتِها في الكَواكِبِ |
68 | حَياتُهُمُ وَقفٌ عَلى كُلِّ مادِحٍ | * | وَمَوتُهُمُ وَقفٌ عَلى كُلِّ نادِبِ |
69 | وَلَو حَرَمَ اللَهُ المُعَظَّمَ قَدرُهُ | * | وَكانوا بِهِ حُكّامَ تِلكَ الأَخاشِبِ |
70 | وَكانوا خِيارَ الجاهِلِيَّةِ كُلِّها | * | مَناكِبُهُم في المَجدَ أَعلى المَناكِبِ |
71 | وَوَلّاهُمُ الإِسلامُ كُلَّ رِياسَةٍ | * | وَمِنهُم سَنا الأَعلامِ فَوقَ المَراقِبِ |
72 | وَكانوا حُماةَ الناسِ في كُلِّ فَزعَةٍ | * | وَأَجوادَهُمْ في الحِصبِ أَوفى اللَوازِبِ |
73 | يُفيضونَ ما هَبَّت دَبورٌ وَشَمأَلٌ | * | وَما عايَنوا مَجرى الصَبا وَالجَنائِبِ |
74 | لَهُم عَلَمٌ فَوقَ البَنِيَّةِ ثابِتٌ | * | بِكَفَّي كَريمٍ لِلمَكارِمِ ناصِبِ |
75 | فَمَلَّكَ دَهرُ السوءِ صاعِدَ مَجدِهِمْ | * | يَدَي هابِطٍ يا لِلقَنا وَالمَقانِبِ |
76 | إِلى أَن أَراهُ اللَهُ قُدرَتَهُ الَّتي | * | تَهُدُّ مَنيعاتِ الجِبالِ الرَواسِبِ |
77 | فَلِلَّهِ حَمدٌ زائِدٌ غَيرُ زائِلِ | * | وَلِلكَلبِ عِزٌّ زائِلٌ غَيرُ راتِبِ |
الوحدات
بيانات القصيدة
- المصدر::
ديوان البحتري (1/331-337)، تحقيق حسن كامل الصيرفي، دار المعارف، مصر - البحر:: طويل
- الروي:: باء
- العصر:: عباسي
- اضغط هنا للطباعة
الصفحات
2 - الأبيات (10-21) في صفحة (332)،
3 - الأبيات (22-34) في صفحة (333)،
4 - الأبيات (35-50) في صفحة (334)،
5 - الأبيات (51-59) في صفحة (335)،
6 - الأبيات (60-73) في صفحة (336)،
7 - الأبيات (74-77) في صفحة (337)،