الرئيسة >> ديوان العرب >> أحمد شوقي >> ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ * أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ
1 | ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ | * | أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ |
2 | رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَدًا | * | يا ساكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ |
3 | لَمّا رَنا حَدَّثَتني النَفسُ قائِلَةً | * | يا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهمِ المُصيبِ رُمي |
4 | جَحَدتُها وَكَتَمتُ السَهمَ في كَبِدي | * | جُرحُ الأَحِبَّةِ عِندي غَيرُ ذي أَلَمِ |
5 | رُزِقتَ أَسمَحَ ما في الناسِ مِن خُلُقٍ | * | إِذا رُزِقتَ اِلتِماسَ العُذرِ في الشِيَمِ |
6 | يا لائِمي في هَواهُ وَالهَوى قَدَرٌ | * | لَو شَفَّكَ الوَجدُ لَم تَعذِل وَلَم تَلُمِ |
7 | لَقَد أَنَلتُكَ أُذنًا غَيرَ واعِيَةٍ | * | وَرُبَّ مُنتَصِتٍ وَالقَلبُ في صَمَمِ |
8 | يا ناعِسَ الطَرفِ لا ذُقتَ الهَوى أَبَدًا | * | أَسهَرتَ مُضناكَ في حِفظِ الهَوى فَنَمِ |
9 | أَفديكَ إِلفًا وَلا آلو الخَيالَ فِدًى | * | أَغراكَ باِلبُخلِ مَن أَغراهُ بِالكَرَمِ |
10 | سَرى فَصادَفَ جُرحًا دامِيًا فَأَسا | * | وَرُبَّ فَضلٍ عَلى العُشّاقِ لِلحُلُمِ |
11 | مَنِ المَوائِسُ بانًا بِالرُبى وَقَنًا | * | اللاعِباتُ بِروحي السافِحاتُ دَمي |
12 | السافِراتُ كَأَمثالِ البُدورِ ضُحًى | * | يُغِرنَ شَمسَ الضُحى بِالحَليِ وَالعِصَمِ |
13 | القاتِلاتُ بِأَجفانٍ بِها سَقَمٌ | * | وَلِلمَنِيَّةِ أَسبابٌ مِنَ السَقَمِ |
14 | العاثِراتُ بِأَلبابِ الرِجالِ وَما | * | أُقِلنَ مِن عَثَراتِ الدَلِّ في الرَسَمِ |
15 | المُضرِماتُ خُدودًا أَسفَرَتْ وَجَلَتْ | * | عَن فِتنَةٍ تُسلِمُ الأَكبادَ لِلضَرَمِ |
16 | الحامِلاتُ لِواءَ الحُسنِ مُختَلِفًا | * | أَشكالُهُ وَهوَ فَردٌ غَيرُ مُنقَسِمِ |
17 | مِن كُلِّ بَيضاءَ أَو سَمراءَ زُيِّنَتا | * | لِلعَينِ وَالحُسنُ في الآرامِ كَالعُصُمِ |
18 | يُرَعنَ لِلبَصَرِ السامي وَمِن عَجَبٍ | * | إِذا أَشَرنَ أَسَرنَ اللَيثَ بِالعَنَمِ |
19 | وَضَعتُ خَدّي وَقَسَّمتُ الفُؤادَ رُبًى | * | يَرتَعنَ في كُنُسٍ مِنهُ وَفي أَكَمِ |
20 | يا بِنتَ ذي اللَبَدِ المُحَميِّ جانِبُهُ | * | أَلقاكِ في الغابِ أَم أَلقاكِ في الأُطُمِ |
21 | ما كُنتُ أَعلَمُ حَتّى عَنَّ مَسكَنُهُ | * | أَنَّ المُنى وَالمَنايا مَضرِبُ الخِيَمِ |
22 | مَن أَنبَتَ الغُصنَ مِن صَمصامَةٍ ذَكَرٍ | * | وَأَخرَجَ الريمَ مِن ضِرغامَةٍ قَرِمِ |
23 | بَيني وَبَينُكِ مِن سُمرِ القَنا حُجُبٌ | * | وَمِثلُها عِفَّةٌ عُذرِيَّةُ العِصَمِ |
24 | لَم أَغشَ مَغناكِ إِلا في غُضونِ كِرًى | * | مَغناكَ أَبعَدُ لِلمُشتاقِ مِن إِرَمِ |
25 | يا نَفسُ دُنياكِ تُخفى كُلَّ مُبكِيَةٍ | * | وَإِن بَدا لَكِ مِنها حُسنُ مُبتَسَمِ |
26 | فُضّي بِتَقواكِ فاهًا كُلَّما ضَحِكَتْ | * | كَما يَفُضُّ أَذى الرَقشاءِ بِالثَرَمِ |
27 | مَخطوبَةٌ مُنذُ كانَ الناسُ خاطِبَةٌ | * | مِن أَوَّلِ الدَهرِ لَم تُرمِل وَلَم تَئَمِ |
28 | يَفنى الزَمانُ وَيَبقى مِن إِساءَتِها | * | جُرحٌ بِآدَمَ يَبكي مِنهُ في الأَدَمِ |
29 | لا تَحفَلي بِجَناها أَو جِنايَتِها | * | المَوتُ بِالزَهرِ مِثلُ المَوتِ بِالفَحَمِ |
30 | كَم نائِمٍ لا يَراها وَهيَ ساهِرَةٌ | * | لَولا الأَمانِيُّ وَالأَحلامُ لَم يَنَمِ |
31 | طَورًا تَمُدُّكَ في نُعمى وَعافِيَةٍ | * | وَتارَةً في قَرارِ البُؤسِ وَالوَصَمِ |
32 | كَم ضَلَّلَتكَ وَمَن تُحجَب بَصيرَتُهُ | * | إِن يَلقَ صابا يَرِد أَو عَلقَمًا يَسُمُ |
33 | يا وَيلَتاهُ لِنَفسي راعَها وَدَها | * | مُسوَدَّةُ الصُحفِ في مُبيَضَّةِ اللَمَمِ |
34 | رَكَضتُها في مَريعِ المَعصِياتِ وَما | * | أَخَذتُ مِن حِميَةِ الطاعاتِ لِلتُخَمِ |
35 | هامَت عَلى أَثَرِ اللَذّاتِ تَطلُبُها | * | وَالنَفسُ إِن يَدعُها داعي الصِبا تَهِمِ |
36 | صَلاحُ أَمرِكَ لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُ | * | فَقَوِّمِ النَفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ |
37 | وَالنَفسُ مِن خَيرِها في خَيرِ عافِيَةٍ | * | وَالنَفسُ مِن شَرِّها في مَرتَعٍ وَخِمِ |
38 | تَطغى إِذا مُكِّنَت مِن لَذَّةٍ وَهَوًى | * | طَغيَ الجِيادِ إِذا عَضَّت عَلى الشُكُمِ |
39 | إِن جَلَّ ذَنبي عَنِ الغُفرانِ لي أَمَلٌ | * | في اللَهِ يَجعَلُني في خَيرِ مُعتَصِمِ |
40 | أَلقى رَجائي إِذا عَزَّ المُجيرُ عَلى | * | مُفَرِّجِ الكَرَبِ في الدارَينِ وَالغَمَمِ |
41 | إِذا خَفَضتُ جَناحَ الذُلِّ أَسأَلُهُ | * | عِزَّ الشَفاعَةِ لَم أَسأَل سِوى أُمَمِ |
42 | وَإِن تَقَدَّمَ ذو تَقوى بِصالِحَةٍ | * | قَدَّمتُ بَينَ يَدَيهِ عَبرَةَ النَدَمِ |
43 | لَزِمتُ بابَ أَميرِ الأَنبِياءِ وَمَن | * | يُمسِك بِمِفتاحِ بابِ اللهِ يَغتَنِمِ |
44 | فَكُلُّ فَضلٍ وَإِحسانٍ وَعارِفَةٍ | * | ما بَينَ مُستَلِمٍ مِنهُ وَمُلتَزِمِ |
45 | عَلَّقتُ مِن مَدحِهِ حَبلاً أُعَزُّ بِهِ | * | في يَومِ لا عِزَّ بِالأَنسابِ وَاللُّحَمِ |
46 | يُزري قَريضي زُهَيرًا حينَ أَمدَحُهُ | * | وَلا يُقاسُ إِلى جودي لَدى هَرِمِ |
47 | مُحَمَّدٌ صَفوَةُ الباري وَرَحمَتُهُ | * | وَبُغيَةُ اللهِ مِن خَلقٍ وَمِن نَسَمِ |
48 | وَصاحِبُ الحَوضِ يَومَ الرُسلُ سائِلَةٌ | * | مَتى الوُرودُ وَجِبريلُ الأَمينُ ظَمي |
49 | سَناؤُهُ وَسَناهُ الشَمسُ طالِعَةً | * | فَالجِرمُ في فَلَكٍ وَالضَوءُ في عَلَمِ |
50 | قَد أَخطَأَ النَجمَ ما نالَت أُبُوَّتُهُ | * | مِن سُؤدُدٍ باذِخٍ في مَظهَرٍ سَنِمِ |
51 | نُموا إِلَيهِ فَزادوا في الوَرى شَرَفًا | * | وَرُبَّ أَصلٍ لِفَرعٍ في الفَخارِ نُمي |
52 | حَواهُ في سُبُحاتِ الطُهرِ قَبلَهُمُ | * | نورانِ قاما مَقامَ الصُلبِ وَالرَحِمِ |
53 | لَمّا رَآهُ بَحيرًا قالَ نَعرِفُهُ | * | بِما حَفِظنا مِنَ الأَسماءِ وَالسِيَمِ |
54 | سائِل حِراءَ وَروحَ القُدسِ هَل عَلِما | * | مَصونَ سِرٍّ عَنِ الإِدراكِ مُنكَتِمِ |
55 | كَم جَيئَةٍ وَذَهابٍ شُرِّفَتْ بِهِما | * | بَطحاءُ مَكَّةَ في الإِصباحِ وَالغَسَمِ |
56 | وَوَحشَةٍ لِاِبنِ عَبدِ اللَهِ بينَهُما | * | أَشهى مِنَ الأُنسِ بِالأَحسابِ وَالحَشَمِ |
57 | يُسامِرُ الوَحيَ فيها قَبلَ مَهبِطِهِ | * | وَمَن يُبَشِّر بِسيمى الخَيرِ يَتَّسِمِ |
58 | لَمّا دَعا الصَحبُ يَستَسقونَ مِن ظَمَإٍ | * | فاضَت يَداهُ مِنَ التَسنيمِ بِالسَنَمِ |
59 | وَظَلَّلَتهُ فَصارَت تَستَظِلُّ بِهِ | * | غَمامَةٌ جَذَبَتها خيرَةُ الدِيَمِ |
60 | مَحَبَّةٌ لِرَسولِ اللَهِ أُشرِبَها | * | قَعائِدُ الدَيرِ وَالرُهبانُ في القِمَمِ |
61 | إِنَّ الشَمائِلَ إِن رَقَّت يَكادُ بِها | * | يُغرى الجَمادُ وَيُغرى كُلُّ ذي نَسَمِ |
62 | وَنودِيَ اِقرَأ تَعالى اللهُ قائِلُها | * | لَم تَتَّصِل قَبلَ مَن قيلَت لَهُ بِفَمِ |
63 | هُناكَ أَذَّنَ لِلرَحَمَنِ فَاِمتَلأَتْ | * | أَسماعُ مَكَّةَ مِن قُدسِيَّةِ النَغَمِ |
64 | فَلا تَسَل عَن قُرَيشٍ كَيفَ حَيرَتُها | * | وَكَيفَ نُفرَتُها في السَهلِ وَالعَلَمِ |
65 | تَساءَلوا عَن عَظيمٍ قَد أَلَمَّ بِهِمْ | * | رَمى المَشايِخَ وَالوِلدانِ بِاللَمَمِ |
66 | يا جاهِلينَ عَلى الهادي وَدَعوَتِهِ | * | هَل تَجهَلونَ مَكانَ الصادِقِ العَلَمِ |
67 | لَقَّبتُموهُ أَمينَ القَومِ في صِغَرٍ | * | وَما الأَمينُ عَلى قَولٍ بِمُتَّهَمِ |
68 | فاقَ البُدورَ وَفاقَ الأَنبِياءَ فَكَمْ | * | بِالخُلقِ وَالخَلقِ مِن حُسنٍ وَمِن عِظَمِ |
69 | جاءَ النبِيّونَ بِالآياتِ فَاِنصَرَمَتْ | * | وَجِئتَنا بِحَكيمٍ غَيرِ مُنصَرِمِ |
70 | آياتُهُ كُلَّما طالَ المَدى جُدُدٌ | * | يَزينُهُنَّ جَلالُ العِتقِ وَالقِدَمِ |
71 | يَكادُ في لَفظَةٍ مِنهُ مُشَرَّفَةٍ | * | يوصيكَ بِالحَقِّ وَالتَقوى وَبِالرَحِمِ |
72 | يا أَفصَحَ الناطِقينَ الضادَ قاطِبَةً | * | حَديثُكَ الشَهدُ عِندَ الذائِقِ الفَهِمِ |
73 | حَلَّيتَ مِن عَطَلٍ جِيدَ البَيانِ بِهِ | * | في كُلِّ مُنتَثِرٍ في حُسنِ مُنتَظِمِ |
74 | بِكُلِّ قَولٍ كَريمٍ أَنتَ قائِلُهُ | * | تُحيِ القُلوبَ وَتُحيِ مَيِّتَ الهِمَمِ |
75 | سَرَت بَشائِرُ باِلهادي وَمَولِدِهِ | * | في الشَرقِ وَالغَربِ مَسرى النورِ في الظُلَمِ |
76 | تَخَطَّفَتْ مُهَجَ الطاغينَ مِن عَرَبٍ | * | وَطَيَّرَت أَنفُسَ الباغينَ مِن عُجُمِ |
77 | ريعَت لَها شَرَفُ الإيوانِ فَاِنصَدَعَتْ | * | مِن صَدمَةِ الحَقِّ لا مِن صَدمَةِ القُدُمِ |
78 | أَتَيتَ وَالناسُ فَوضى لا تَمُرُّ بِهِمْ | * | إِلا عَلى صَنَمٍ قَد هامَ في صَنَمِ |
79 | وَالأَرضُ مَملوءَةٌ جَورًا مُسَخَّرَةٌ | * | لِكُلِّ طاغِيَةٍ في الخَلقِ مُحتَكِمِ |
80 | مُسَيطِرُ الفُرسِ يَبغي في رَعِيَّتِهِ | * | وَقَيصَرُ الرومِ مِن كِبرٍ أَصَمُّ عَمِ |
81 | يُعَذِّبانِ عِبادَ اللَهِ في شُبَهٍ | * | وَيَذبَحانِ كَما ضَحَّيتَ بِالغَنَمِ |
82 | وَالخَلقُ يَفتِكُ أَقواهُمْ بِأَضعَفِهِمْ | * | كَاللَيثِ بِالبَهْمِ أَو كَالحوتِ بِالبَلَمِ |
83 | أَسرى بِكَ اللَهُ لَيلاً إِذ مَلائِكُهُ | * | وَالرُسلُ في المَسجِدِ الأَقصى عَلى قَدَمِ |
84 | لَمّا خَطَرتَ بِهِ اِلتَفّوا بِسَيِّدِهِمْ | * | كَالشُهبِ بِالبَدرِ أَو كَالجُندِ بِالعَلَمِ |
85 | صَلّى وَراءَكَ مِنهُمْ كُلُّ ذي خَطَرٍ | * | وَمَن يَفُز بِحَبيبِ اللهِ يَأتَمِمِ |
86 | جُبتَ السَماواتِ أَو ما فَوقَهُنَّ بِهِمْ | * | عَلى مُنَوَّرَةٍ دُرِّيَّةِ اللُجُمِ |
87 | رَكوبَةً لَكَ مِن عِزٍّ وَمِن شَرَفٍ | * | لا في الجِيادِ وَلا في الأَينُقِ الرُسُمِ |
88 | مَشيئَةُ الخالِقِ الباري وَصَنعَتُهُ | * | وَقُدرَةُ اللهِ فَوقَ الشَكِّ وَالتُهَمِ |
89 | حَتّى بَلَغتَ سَماءً لا يُطارُ لَها | * | عَلى جَناحٍ وَلا يُسعى عَلى قَدَمِ |
90 | وَقيلَ كُلُّ نَبِيٍّ عِندَ رُتبَتِهِ | * | وَيا مُحَمَّدُ هَذا العَرشُ فَاستَلِمِ |
91 | خَطَطتَ لِلدينِ وَالدُنيا عُلومَهُما | * | يا قارِئَ اللَوحِ بَل يا لامِسَ القَلَمِ |
92 | أَحَطتَ بَينَهُما بِالسِرِّ وَانكَشَفَت | * | لَكَ الخَزائِنُ مِن عِلمٍ وَمِن حِكَمِ |
93 | وَضاعَفَ القُربُ ما قُلِّدتَ مِن مِنَنٍ | * | بِلا عِدادٍ وَما طُوِّقتَ مِن نِعَمِ |
94 | سَل عُصبَةَ الشِركِ حَولَ الغارِ سائِمَةً | * | لَولا مُطارَدَةُ المُختارِ لَم تُسَمَ |
95 | هَل أَبصَروا الأَثَرَ الوَضّاءَ أَم سَمِعوا | * | هَمسَ التَسابيحِ وَالقُرآنِ مِن أُمَمِ |
96 | وَهَل تَمَثَّلَ نَسجُ العَنكَبوتِ لَهُمْ | * | كَالغابِ وَالحائِماتُ الزُغْبُ كَالرُخَمِ |
97 | فَأَدبَروا وَوُجوهُ الأَرضِ تَلعَنُهُمْ | * | كَباطِلٍ مِن جَلالِ الحَقِّ مُنهَزِمِ |
98 | لَولا يَدُ اللهِ بِالجارَينِ ما سَلِما | * | وَعَينُهُ حَولَ رُكنِ الدينِ لَم يَقُمِ |
99 | تَوارَيا بِجَناحِ اللهِ وَاستَتَرا | * | وَمَن يَضُمُّ جَناحُ اللهِ لا يُضَمِ |
100 | يا أَحمَدَ الخَيرِ لي جاهٌ بِتَسمِيَتي | * | وَكَيفَ لا يَتَسامى بِالرَسولِ سَمي |
101 | المادِحونَ وَأَربابُ الهَوى تَبَعٌ | * | لِصاحِبِ البُردَةِ الفَيحاءِ ذي القَدَمِ |
102 | مَديحُهُ فيكَ حُبٌّ خالِصٌ وَهَوًى | * | وَصادِقُ الحُبِّ يُملي صادِقَ الكَلَمِ |
103 | اللهُ يَشهَدُ أَنّي لا أُعارِضُهُ | * | من ذا يُعارِضُ صَوبَ العارِضِ العَرِمِ |
104 | وَإِنَّما أَنا بَعضُ الغابِطينَ وَمَنْ | * | يَغبِط وَلِيَّكَ لا يُذمَم وَلا يُلَمِ |
105 | هَذا مَقامٌ مِنَ الرَحمَنِ مُقتَبَسٌ | * | تَرمي مَهابَتُهُ سَحبانَ بِالبَكَمِ |
106 | البَدرُ دونَكَ في حُسنٍ وَفي شَرَفٍ | * | وَالبَحرُ دونَكَ في خَيرٍ وَفي كَرَمِ |
107 | شُمُّ الجِبالِ إِذا طاوَلتَها انخَفَضَتْ | * | وَالأَنجُمُ الزُهرُ ما واسَمتَها تَسِمِ |
108 | وَاللَيثُ دونَكَ بَأسًا عِندَ وَثبَتِهِ | * | إِذا مَشَيتَ إِلى شاكي السِلاحِ كَمي |
109 | تَهفو إِلَيكَ وَإِن أَدمَيتَ حَبَّتَها | * | في الحَربِ أَفئِدَةُ الأَبطالِ وَالبُهَمِ |
110 | مَحَبَّةُ اللَهِ أَلقاها وَهَيبَتُهُ | * | عَلى اِبنِ آمِنَةٍ في كُلِّ مُصطَدَمِ |
111 | كَأَنَّ وَجهَكَ تَحتَ النَقعِ بَدرُ دُجًى | * | يُضيءُ مُلتَثِمًا أَو غَيرَ مُلتَثِمِ |
112 | بَدرٌ تَطَلَّعَ في بَدرٍ فَغُرَّتُهُ | * | كَغُرَّةِ النَصرِ تَجلو داجِيَ الظُلَمِ |
113 | ذُكِرتَ بِاليُتمِ في القُرآنِ تَكرِمَةً | * | وَقيمَةُ اللُؤلُؤِ المَكنونِ في اليُتُمِ |
114 | اللهُ قَسَّمَ بَينَ الناسِ رِزقَهُمُ | * | وَأَنتَ خُيِّرتَ في الأَرزاقِ وَالقِسَمِ |
115 | إِن قُلتَ في الأَمرِ «لا» أَو قُلتَ فيهِ «نَعَم» | * | فَخيرَةُ اللهِ في «لا» مِنكَ أَو «نَعَمِ» |
116 | أَخوكَ عيسى دَعا مَيتًا فَقامَ لَهُ | * | وَأَنتَ أَحيَيتَ أَجيالاً مِنَ الزَّمَمِ |
117 | وَالجَهلُ مَوتٌ فَإِن أوتيتَ مُعجِزَةً | * | فَابعَث مِنَ الجَهلِ أَو فَابعَث مِنَ الرَجَمِ |
118 | قالوا غَزَوتَ وَرُسلُ اللَهِ ما بُعِثوا | * | لِقَتلِ نَفسٍ وَلا جاؤوا لِسَفكِ دَمِ |
119 | جَهلٌ وَتَضليلُ أَحلامٍ وَسَفسَطَةٌ | * | فَتَحتَ بِالسَيفِ بَعدَ الفَتحِ بِالقَلَمِ |
120 | لَمّا أَتى لَكَ عَفوًا كُلُّ ذي حَسَبٍ | * | تَكَفَّلَ السَيفُ بِالجُهّالِ وَالعَمَمِ |
121 | وَالشَرُّ إِن تَلقَهُ بِالخَيرِ ضِقتَ بِهِ | * | ذَرعًا وَإِن تَلقَهُ بِالشَرِّ يَنحَسِمِ |
122 | سَلِ المَسيحِيَّةَ الغَرّاءَ كَم شَرِبَتْ | * | بِالصابِ مِن شَهَواتِ الظالِمِ الغَلِمِ |
123 | طَريدَةُ الشِركِ يُؤذيها وَيوسِعُها | * | في كُلِّ حينٍ قِتالاً ساطِعَ الحَدَمِ |
124 | لَولا حُماةٌ لَها هَبّوا لِنُصرَتِها | * | بِالسَيفِ ما انتَفَعَت بِالرِفقِ وَالرُحَمِ |
125 | لَولا مَكانٌ لِعيسى عِندَ مُرسِلِهِ | * | وَحُرمَةٌ وَجَبَت لِلروحِ في القِدَمِ |
126 | لَسُمِّرَ البَدَنُ الطُهْرُ الشَريفُ عَلى | * | لَوحَينِ لَم يَخشَ مُؤذيهِ وَلَم يَجِمِ |
127 | جَلَّ المَسيحُ وَذاقَ الصَلبَ شانِئُهُ | * | إِنَّ العِقابَ بِقَدرِ الذَنبِ وَالجُرُمِ |
128 | أَخو النَبِيِّ وَروحُ اللهِ في نُزُلٍ | * | فَوقَ السَماءِ وَدونَ العَرشِ مُحتَرَمِ |
129 | عَلَّمتَهُمْ كُلَّ شَيءٍ يَجهَلونَ بِهِ | * | حَتّى القِتالَ وَما فيهِ مِنَ الذِّمَمِ |
130 | دَعَوتَهُمْ لِجِهادٍ فيهِ سُؤدُدُهُمْ | * | وَالحَربُ أُسُّ نِظامِ الكَونِ وَالأُمَمِ |
131 | لَولاهُ لَم نَرَ لِلدَولاتِ في زَمَنٍ | * | ما طالَ مِن عُمُدٍ أَو قَرَّ مِن دُهُمِ |
132 | تِلكَ الشَواهِدُ تَترى كُلَّ آوِنَةٍ | * | في الأَعصُرِ الغُرِّ لا في الأَعصُرِ الدُهُمِ |
133 | بِالأَمسِ مالَت عُروشٌ وَاعتَلَتْ سُرُرٌ | * | لَولا القَذائِفُ لَم تَثلَمْ وَلَم تَصُمِ |
134 | أَشياعُ عيسى أَعَدّوا كُلَّ قاصِمَةٍ | * | وَلَم نُعِدَّ سِوى حالاتِ مُنقَصِمِ |
135 | مَهما دُعيتَ إِلى الهَيجاءِ قُمتَ لَها | * | تَرمي بِأُسْدٍ وَيَرمي اللهُ بِالرُجُمِ |
136 | عَلى لِوائِكَ مِنهُم كُلُّ مُنتَقِمٍ | * | للهِ مُستَقتِلٍ في اللهِ مُعتَزِمِ |
137 | مُسَبِّحٍ لِلِقاءِ اللهِ مُضطَرِمٍ | * | شَوقًا عَلى سابِخٍ كَالبَرقِ مُضطَرِمِ |
138 | لَو صادَفَ الدَهرَ يَبغي نَقلَةً فَرَمى | * | بِعَزمِهِ في رِحالِ الدَهرِ لَم يَرِمِ |
139 | بيضٌ مَفاليلُ مِن فِعلِ الحُروبِ بِهِمْ | * | مِن أَسيُفِ اللهِ لا الهِندِيَّةُ الخُذُمُ |
140 | كَم في التُرابِ إِذا فَتَّشتَ عَن رَجُلٍ | * | مَن ماتَ بِالعَهدِ أَو مَن ماتَ بِالقَسَمِ |
141 | لَولا مَواهِبُ في بَعضِ الأَنامِ لَما | * | تَفاوَتَ الناسُ في الأَقدارِ وَالقِيَمِ |
142 | شَريعَةٌ لَكَ فَجَّرتَ العُقولَ بِها | * | عَن زاخِرٍ بِصُنوفِ العِلمِ مُلتَطِمِ |
143 | يَلوحُ حَولَ سَنا التَوحيدِ جَوهَرُها | * | كَالحَليِ لِلسَيفِ أَو كَالوَشيِ لِلعَلَمِ |
144 | غَرّاءُ حامَتْ عَلَيها أَنفُسٌ وَنُهًى | * | وَمَن يَجِد سَلسَلاً مِن حِكمَةٍ يَحُمِ |
145 | نورُ السَبيلِ يُساسُ العالَمونَ بِها | * | تَكَفَّلَتْ بِشَبابِ الدَهرِ وَالهَرَمِ |
146 | يَجري الزَمانُ وَأَحكامُ الزَمانِ عَلى | * | حُكمٍ لَها نافِذٍ في الخَلقِ مُرتَسِمِ |
147 | لَمّا اعتَلَت دَولَةُ الإِسلامِ وَاتَّسَعَتْ | * | مَشَتْ مَمالِكُهُ في نورِها التَّمَمِ |
148 | وَعَلَّمَتْ أُمَّةً بِالقَفرِ نازِلَةً | * | رَعيَ القَياصِرِ بَعدَ الشاءِ وَالنَعَمِ |
149 | كَم شَيَّدَ المُصلِحونَ العامِلونَ بِها | * | في الشَرقِ وَالغَربِ مُلكًا باذِخَ العِظَمِ |
150 | لِلعِلمِ وَالعَدلِ وَالتَمدينِ ما عَزَموا | * | مِنَ الأُمورِ وَما شَدّوا مِنَ الحُزُمِ |
151 | سُرعانَ ما فَتَحوا الدُنيا لِمِلَّتِهِمْ | * | وَأَنهَلوا الناسَ مِن سَلسالِها الشَبِمِ |
152 | ساروا عَلَيها هُداةَ الناسِ فَهيَ بِهِمْ | * | إِلى الفَلاحِ طَريقٌ واضِحُ العَظَمِ |
153 | لا يَهدِمُ الدَهرُ رُكنًا شادَ عَدلَهُمُ | * | وَحائِطُ البَغيِ إِن تَلمَسهُ يَنهَدِمِ |
154 | نالوا السَعادَةَ في الدارَينِ وَاِجتَمَعوا | * | عَلى عَميمٍ مِنَ الرُضوانِ مُقتَسَمِ |
155 | دَع عَنكَ روما وَآثينا وَما حَوَتا | * | كُلُّ اليَواقيتِ في بَغدادَ وَالتُوَمِ |
156 | وَخَلِّ كِسرى وَإيوانًا يَدِلُّ بِهِ | * | هَوى عَلى أَثَرِ النيرانِ وَالأَيُمِ |
157 | وَاترُك رَعمَسيسَ إِنَّ المُلكَ مَظهَرُهُ | * | في نَهضَةِ العَدلِ لا في نَهضَةِ الهَرَمِ |
158 | دارُ الشَرائِعِ روما كُلَّما ذُكِرَتْ | * | دارُ السَلامِ لَها أَلقَتْ يَدَ السَلَمِ |
159 | ما ضارَعَتها بَيانًا عِندَ مُلتَأَمٍ | * | وَلا حَكَتها قَضاءً عِندَ مُختَصَمِ |
160 | وَلا احتَوَت في طِرازٍ مِن قَياصِرِها | * | عَلى رَشيدٍ وَمَأمونٍ وَمُعتَصِمِ |
161 | مَنِ الَّذينَ إِذا سارَت كَتائِبُهُمْ | * | تَصَرَّفوا بِحُدودِ الأَرضِ وَالتُخَمِ |
162 | وَيَجلِسونَ إِلى عِلمٍ وَمَعرِفَةٍ | * | فَلا يُدانَونَ في عَقلٍ وَلا فَهَمِ |
163 | يُطَأطِئُ العُلَماءُ الهامَ إِن نَبَسوا | * | مِن هَيبَةِ العِلمِ لا مِن هَيبَةِ الحُكُمِ |
164 | وَيُمطَرونَ فَما بِالأَرضِ مِن مَحَلٍ | * | وَلا بِمَن باتَ فَوقَ الأَرضِ مِن عُدُمِ |
165 | خَلائِفُ اللهِ جَلّوا عَن مُوازَنَةٍ | * | فَلا تَقيسَنَّ أَملاكَ الوَرى بِهِمِ |
166 | مَن في البَرِيَّةِ كَالفاروقِ مَعدَلَةً | * | وَكَابنِ عَبدِ العَزيزِ الخاشِعِ الحَشِمِ |
167 | وَكَالإِمامِ إِذا ما فَضَّ مُزدَحِمًا | * | بِمَدمَعٍ في مَآقي القَومِ مُزدَحِمِ |
168 | الزاخِرُ العَذبُ في عِلمٍ وَفي أَدَبٍ | * | وَالناصِرُ النَدبُ في حَربٍ وَفي سَلَمِ |
169 | أَو كَابنِ عَفّانَ وَالقُرآنُ في يَدِهِ | * | يَحنو عَلَيهِ كَما تَحنو عَلى الفُطُمِ |
170 | وَيَجمَعُ الآيَ تَرتيبًا وَيَنظُمُها | * | عِقدًا بِجيدِ اللَيالي غَيرَ مُنفَصِمِ |
171 | جُرحانِ في كَبِدِ الإِسلامِ ما اِلتَأَما | * | جُرحُ الشَهيدِ وَجُرحٌ بِالكِتابِ دَمي |
172 | وَما بَلاءُ أَبي بَكرٍ بِمُتَّهَمٍ | * | بَعدَ الجَلائِلِ في الأَفعالِ وَالخِدَمِ |
173 | بِالحَزمِ وَالعَزمِ حاطَ الدينَ في مِحَنٍ | * | أَضَلَّتِ الحُلمَ مِن كَهلٍ وَمُحتَلِمِ |
174 | وَحِدنَ بِالراشِدِ الفاروقِ عَن رُشدٍ | * | في المَوتِ وَهوَ يَقينٌ غَيرُ مُنبَهِمِ |
175 | يُجادِلُ القَومَ مُستَلًّا مُهَنَّدَهُ | * | في أَعظَمِ الرُسلِ قَدرًا كَيفَ لَم يَدُمِ |
176 | لا تَعذُلوهُ إِذا طافَ الذُهولُ بِهِ | * | ماتَ الحَبيبُ فَضَلَّ الصَبُّ عَن رَغَمِ |
177 | يا رَبِّ صَلِّ وَسَلِّم ما أَرَدتَ عَلى | * | نَزيلِ عَرشِكَ خَيرِ الرُسلِ كُلِّهِمِ |
178 | مُحيِ اللَيالي صَلاةً لا يُقَطِّعُها | * | إِلا بِدَمعٍ مِنَ الإِشفاقِ مُنسَجِمِ |
179 | مُسَبِّحًا لَكَ جُنحَ اللَيلِ مُحتَمِلاً | * | ضُرًّا مِنَ السُهدِ أَو ضُرًّا مِنَ الوَرَمِ |
180 | رَضِيَّةٌ نَفسُهُ لا تَشتَكي سَأَمًا | * | وَما مَعَ الحُبِّ إِن أَخلَصتَ مِن سَأَمِ |
181 | وَصَلِّ رَبّي عَلى آلٍ لَهُ نُخَبٍ | * | جَعَلتَ فيهِم لِواءَ البَيتِ وَالحَرَمِ |
182 | بيضُ الوُجوهِ وَوَجهُ الدَهرِ ذو حَلَكٍ | * | شُمُّ الأُنوفِ وَأَنفُ الحادِثاتِ حَمى |
183 | وَأَهدِ خَيرَ صَلاةٍ مِنكَ أَربَعَةً | * | في الصَحبِ صُحبَتُهُم مَرعِيَّةُ الحُرَمِ |
184 | الراكِبينَ إِذا نادى النَبِيُّ بِهِمْ | * | ما هالَ مِن جَلَلٍ وَاشتَدَّ مِن عَمَمِ |
185 | الصابِرينَ وَنَفسُ الأَرضِ واجِفَةٌ | * | الضاحِكينَ إِلى الأَخطارِ وَالقُحَمِ |
186 | يا رَبِّ هَبَّتْ شُعوبٌ مِن مَنِيَّتِها | * | وَاستَيقَظَت أُمَمٌ مِن رَقدَةِ العَدَمِ |
187 | سَعدٌ وَنَحسٌ وَمُلكٌ أَنتَ مالِكُهُ | * | تُديلُ مِن نِعَمٍ فيهِ وَمِن نِقَمِ |
188 | رَأى قَضاؤُكَ فينا رَأيَ حِكمَتِهِ | * | أَكرِم بِوَجهِكَ مِن قاضٍ وَمُنتَقِمِ |
189 | فَالطُف لأَجلِ رَسولِ العالَمينَ بِنا | * | وَلا تَزِد قَومَهُ خَسفًا وَلا تُسِمِ |
190 | يا رَبِّ أَحسَنتَ بَدءَ المُسلِمينَ بِهِ | * | فَتَمِّمِ الفَضلَ وَاِمنَح حُسنَ مُختَتَمِ |
الوحدات
بيانات القصيدة
- المصدر::
الشوقيات (1/150-160)، تقديم حسين هيكل، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان - البحر:: بسيط
- الروي:: ميم
- العصر:: حديث
- اضغط هنا للطباعة
ملحوظة
الصفحات
٢ - الأبيات (١٥-٢٨) في صفحة (١٥١)،
٣ - الأبيات (٢٩-٤٥) في صفحة (١٥٢)،
٤ - الأبيات (٤٦-٦٢) في صفحة (١٥٣)،
٥ - الأبيات (٦٣-٨١) في صفحة (١٥٤)،
٦ - الأبيات (٨٢-٩٨) في صفحة (١٥٥)،
٧ - الأبيات (٩٩-١١٦) في صفحة (١٥٦)،
٨ - الأبيات (١١٧-١٣٤) في صفحة (١٥٧)،
٩ - الأبيات (١٣٥-١٥٤) في صفحة (١٥٨)،
١٠ - الأبيات (١٥٥-١٧٢) في صفحة (١٥٩)،
١١ - الأبيات (١٧٢-١٩٠) في صفحة (١٦٠)،