الرئيسة >> ديوان العرب >> أحمد شوقي >> سَلو قَلبي غَداةَ سَلا وَثابا * لَعَلَّ عَلى الجَمالِ لَهُ عِتابا
1 | سَلو قَلبي غَداةَ سَلا وَثابا | * | لَعَلَّ عَلى الجَمالِ لَهُ عِتابا |
2 | وَيُسأَلُ في الحَوادِثِ ذو صَوابٍ | * | فَهَل تَرَكَ الجَمالُ لَهُ صَوابا |
3 | وَكُنتُ إِذا سَأَلتُ القَلبَ يَومًا | * | تَوَلّى الدَمعُ عَن قَلبي الجَوابا |
4 | وَلي بَينَ الضُلوعِ دَمٌ وَلَحمٌ | * | هُما الواهي الَّذي ثَكِلَ الشَبابا |
5 | تَسَرَّبَ في الدُموعِ فَقُلتُ:وَلّى | * | وَصَفَّقَ في الضُلوعِ فَقُلتُ: ثابا |
6 | وَلَو خُلِقَتْ قُلوبٌ مِن حَديدٍ | * | لَما حَمَلَتْ كَما حَمَلَ العَذابا |
7 | وَأَحبابٍ سُقيتُ بِهِمْ سُلافًا | * | وَكانَ الوَصلُ مِن قِصَرٍ حَبابا |
8 | وَنادَمنا الشَبابَ عَلى بِساطٍ | * | مِنَ اللَذاتِ مُختَلِفٍ شَرابا |
9 | وَكُلُّ بِساطِ عَيشٍ سَوفَ يُطوى | * | وَإِن طالَ الزَمانُ بِهِ وَطابا |
10 | كَأَنَّ القَلبَ بَعدَهُمُ غَريبٌ | * | إِذا عادَتهُ ذِكرى الأَهلِ ذابا |
11 | وَلا يُنبيكَ عَن خُلُقِ اللَيالي | * | كَمَن فَقَدَ الأَحِبَّةَ وَالصَحابا |
12 | أَخا الدُنيا أَرى دُنياكَ أَفعى | * | تُبَدِّلُ كُلَّ آوِنَةٍ إِهابا |
13 | وَأَنَّ الرُقطَ أَيقَظُ هاجِعاتٍ | * | وَأَترَعُ في ظِلالِ السِلمِ نابا |
14 | وَمِن عَجَبٍ تُشَيِّبُ عاشِقيها | * | وَتُفنيهِمْ وَما بَرِحَتْ كَعابا |
15 | فَمَن يَغتَرُّ بِالدُنيا فَإِنّي | * | لَبِستُ بِها فَأَبلَيتُ الثِيابا |
16 | لَها ضَحِكُ القِيانِ إِلى غَبِيٍّ | * | وَلي ضَحِكُ اللَبيبِ إِذا تَغابى |
17 | جَنَيتُ بِرَوضِها وَردًا وَشَوكًا | * | وَذُقتُ بِكَأسِها شَهدًا وَصابا |
18 | فَلَم أَرَ غَيرَ حُكمِ اللهِ حُكمًا | * | وَلَم أَرَ دونَ بابِ اللَهِ بابا |
19 | وَلا عَظَّمتُ في الأَشياءِ إِلا | * | صَحيحَ العِلمِ وَالأَدَبَ اللُبابا |
20 | وَلا كَرَّمتُ إِلا وَجهَ حُرٍّ | * | يُقَلِّدُ قَومَهُ المِنَنَ الرَغابا |
21 | وَلَم أَرَ مِثلَ جَمعِ المالِ داءً | * | وَلا مِثلَ البَخيلِ بِهِ مُصابا |
22 | فَلا تَقتُلكَ شَهوَتُهُ وَزِنها | * | كَما تَزِنُ الطَعامَ أَوِ الشَرابا |
23 | وَخُذ لِبَنيكَ وَالأَيّامِ ذُخرًا | * | وَأَعطِ اللهَ حِصَّتَهُ احتِسابا |
24 | فَلَو طالَعتَ أَحداثَ اللَيالي | * | وَجَدتَ الفَقرَ أَقرَبَها انتِيابا |
25 | وَأَنَّ البِرَّ خَيرٌ في حَياةٍ | * | وَأَبقى بَعدَ صاحِبِهِ ثَوابا |
26 | وَأَنَّ الشَرَّ يَصدَعُ فاعِليهِ | * | وَلَم أَرَ خَيِّرًا بِالشَرِّ آبا |
27 | فَرِفقًا بِالبَنينَ إِذا اللَيالي | * | عَلى الأَعقابِ أَوقَعَتِ العِقابا |
28 | وَلَم يَتَقَلَّدوا شُكرَ اليَتامى | * | وَلا ادَّرَعوا الدُعاءَ المُستَجابا |
29 | عَجِبتُ لِمَعشَرٍ صَلّوا وَصاموا | * | عَواهِرَ خِشيَةً وَتُقى كِذابا |
30 | وَتُلفيهُمْ حِيالَ المالِ صُمًّا | * | إِذا داعي الزَكاةِ بِهِمْ أَهابا |
31 | لَقَد كَتَموا نَصيبَ اللهِ مِنهُ | * | كَأَنَّ اللهَ لَم يُحصِ النِصابا |
32 | وَمَن يَعدِل بِحُبِّ اللهِ شَيئًا | * | كَحُبِّ المالِ ضَلَّ هَوًى وَخابا |
33 | أَرادَ اللَهُ بِالفُقَراءِ بِرًّا | * | وَبِالأَيتامِ حُبًّا وَارتِبابا |
34 | فَرُبَّ صَغيرِ قَومٍ عَلَّموهُ | * | سَما وَحَمى المُسَوَّمَةَ العِرابا |
35 | وَكانَ لِقَومِهِ نَفعًا وَفَخرًا | * | وَلَو تَرَكوهُ كانَ أَذًى وَعابا |
36 | فَعَلِّمْ ما استَطَعتَ لَعَلَّ جيلاً | * | سَيَأتي يُحدِثُ العَجَبَ العُجابا |
37 | وَلا تُرهِقْ شَبابَ الحَيِّ يَأسًا | * | فَإِنَّ اليَأسَ يَختَرِمُ الشَبابا |
38 | يُريدُ الخالِقُ الرِزقَ اشتِراكًا | * | وَإِن يَكُ خَصَّ أَقوامًا وَحابى |
39 | فَما حَرَمَ المُجِدَّ جَنى يَدَيهِ | * | وَلا نَسِيَ الشَقِيَّ وَلا المُصابا |
40 | وَلَولا البُخلُ لَم يَهلِكْ فَريقٌ | * | عَلى الأَقدارِ تَلقاهُمْ غِضابا |
41 | تَعِبتُ بِأَهلِهِ لَومًا وَقَبلي | * | دُعاةُ البِرِّ قَد سَئِموا الخِطابا |
42 | وَلَو أَنّي خَطَبتُ عَلى جَمادٍ | * | فَجَرْتُ بِهِ اليَنابيعَ العِذابا |
43 | أَلَم تَرَ لِلهَواءِ جَرى فَأَفضى | * | إِلى الأَكواخِ وَاختَرَقَ القِبابا |
44 | وَأَنَّ الشَمسَ في الآفاقِ تَغشى | * | حِمى كِسرى كَما تَغشى اليَبابا |
45 | وَأَنَّ الماءَ تُروى الأُسدُ مِنهُ | * | وَيَشفي مِن تَلَعلُعِها الكِلابا |
46 | وَسَوّى اللهُ بَينَكُمُ المَنايا | * | وَوَسَّدَكُمْ مَعَ الرُسلِ التُرابا |
47 | وَأَرسَلَ عائِلاً مِنكُمْ يَتيمًا | * | دَنا مِن ذي الجَلالِ فَكانَ قابا |
48 | نَبِيُّ البِرِّ بَيَّنَهُ سَبيلاً | * | وَسَنَّ خِلالَهُ وَهَدى الشِعابا |
49 | تَفَرَّقَ بَعدَ عيسى الناسُ فيهِ | * | فَلَمّا جاءَ كانَ لَهُمْ مَتابا |
50 | وَشافي النَفسِ مِن نَزَعاتِ شَرٍّ | * | كَشافٍ مِن طَبائِعِها الذِئابا |
51 | وَكانَ بَيانُهُ لِلهَديِ سُبلاً | * | وَكانَت خَيلُهُ لِلحَقِّ غابا |
52 | وَعَلَّمَنا بِناءَ المَجدِ حَتّى | * | أَخَذنا إِمرَةَ الأَرضِ اغتِصابا |
53 | وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي | * | وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا |
54 | وَما استَعصى عَلى قَومٍ مَنالٌ | * | إِذا الإِقدامُ كانَ لَهُمْ رِكابا |
55 | تَجَلّى مَولِدُ الهادي وَعَمَّتْ | * | بَشائِرُهُ البَوادي وَالقِصابا |
56 | وَأَسدَتْ لِلبَرِيَّةِ بِنتُ وَهبٍ | * | يَدًا بَيضاءَ طَوَّقَتِ الرِقابا |
57 | لَقَد وَضَعَتهُ وَهّاجًا مُنيرًا | * | كَما تَلِدُ السَماواتُ الشِهابا |
58 | فَقامَ عَلى سَماءِ البَيتِ نورًا | * | يُضيءُ جِبالَ مَكَّةَ وَالنِقابا |
59 | وَضاعَت يَثرِبُ الفَيحاءُ مِسكًا | * | وَفاحَ القاعُ أَرجاءً وَطابا |
60 | أَبا الزَهراءِ قَد جاوَزتُ قَدري | * | بِمَدحِكَ بَيدَ أَنَّ لِيَ انتِسابا |
61 | فَما عَرَفَ البَلاغَةَ ذو بَيانٍ | * | إِذا لَم يَتَّخِذكَ لَهُ كِتابا |
62 | مَدَحتُ المالِكينَ فَزِدتُ قَدرًا | * | فَحينَ مَدَحتُكَ اقتَدتُ السَحابا |
63 | سَأَلتُ اللهَ في أَبناءِ ديني | * | فَإِن تَكُنِ الوَسيلَةَ لي أَجابا |
64 | وَما لِلمُسلِمينَ سِواكَ حِصنٌ | * | إِذا ما الضَرُّ مَسَّهُمُ وَنابا |
65 | كَأَنَّ النَحسَ حينَ جَرى عَلَيهِمْ | * | أَطارَ بِكُلِّ مَملَكَةٍ غُرابا |
66 | وَلَو حَفَظوا سَبيلَكَ كان نورًا | * | وَكانَ مِنَ النُحوسِ لَهُمْ حِجابا |
67 | بَنَيتَ لَهُمْ مِنَ الأَخلاقِ رُكنًا | * | فَخانوا الرُكنَ فَانهَدَمَ اضطِرابا |
68 | وَكانَ جَنابُهُمْ فيها مَهيبًا | * | وَلَلأَخلاقِ أَجدَرُ أَن تُهابا |
69 | فَلَولاها لَساوى اللَيثُ ذِئبًا | * | وَساوى الصارِمُ الماضي قِرابا |
70 | فَإِن قُرِنَت مَكارِمُها بِعِلمٍ | * | تَذَلَّلَتِ العُلا بِهِما صِعابا |
71 | وَفي هَذا الزَمانِ مَسيحُ عِلمٍ | * | يَرُدُّ عَلى بَني الأُمَمِ الشَبابا |
الوحدات
بيانات القصيدة
- المصدر::
الشوقيات (1/63-67)، تقديم حسين هيكل، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان - البحر:: وافر
- الروي:: باء
- العصر:: حديث
- اضغط هنا للطباعة
ملحوظة
الصفحات
2 - الأبيات (13-32) في صفحة (64)،
3 - الأبيات (33-51) في صفحة (65)،
4 - الأبيات (52-69) في صفحة (66)،
5 - البيتان (70-71) في صفحة (67)،