الرئيسة >> ديوان العرب >> أحمد شوقي >> أَنا مَن بَدَّلَ بِالكُتبِ الصِحابا * لَم أَجِد لي وافِيًا إِلا الكِتابا
1 | أَنا مَن بَدَّلَ بِالكُتبِ الصِحابا | * | لَم أَجِد لي وافِيًا إِلا الكِتابا |
2 | صاحِبٌ إِنْ عِبتَهُ أَو لَم تَعِبْ | * | لَيسَ بِالواجِدِ لِلصاحِبِ عابا |
3 | كُلَّما أَخلَقتُهُ جَدَّدَني | * | وَكَساني مِن حِلى الفَضلِ ثِيابا |
4 | صُحبَةٌ لَم أَشكُ مِنها ريبَةً | * | وَوِدادٌ لَم يُكَلِّفني عِتابا |
5 | رُبَّ لَيلٍ لَم نُقَصِّر فيهِ عَن | * | سَمَرٍ طالَ عَلى الصَمتِ وَطابا |
6 | كانَ مِن هَمِّ نَهاري راحَتي | * | وَنَدامايَ وَنَقلِيَ وَالشَرابا |
7 | إِن يَجِدني يَتَحَدَّث أَو يَجِد | * | مَلَلاً يَطوي الأَحاديثَ اقتِضابا |
8 | تَجِدُ الكُتبَ عَلى النَقدِ كَما | * | تَجِدُ الإِخوانَ صِدقًا وَكِذابا |
9 | فَتَخَيَّرها كَما تَختارُهُ | * | وَادَّخِر في الصَحبِ وَالكُتبِ اللُبابا |
10 | صالِحُ الإِخوانِ يَبغيكَ التُقى | * | وَرَشيدُ الكُتبِ يَبغيكَ الصَوابا |
11 | غالِ بِالتاريخِ وَاِجعَل صُحفَهُ | * | مِن كِتابِ اللهِ في الإِجلالِ قابا |
12 | قَلِّبِ الإِنجيلَ وَانظُر في الهُدى | * | تَلقَ لِلتاريخِ وَزنًا وَحِسابا |
13 | رُبَّ مَن سافَرَ في أَسفارِهِ | * | بِلَيالي الدَهرِ وَالأَيّامِ آبا |
14 | وَاطلُبِ الخُلدَ وَرُمهُ مَنزِلاً | * | تَجِدِ الخُلدَ مِنَ التاريخِ بابا |
15 | عاشَ خَلقٌ وَمَضَوا ما نَقَصوا | * | رُقعَةَ الأَرضِ وَلا زادوا التُرابا |
16 | أَخَذَ التاريخُ مِمّا تَرَكوا | * | عَمَلاً أَحسَنَ أَو قَولاً أَصابا |
17 | وَمِنَ الإِحسانِ أَو مِن ضِدِّهِ | * | نَجَحَ الراغِبُ في الذِكرِ وَخابا |
18 | مَثَلُ القَومِ نَسوا تاريخَهُمْ | * | كَلَقيطٍ عَيَّ في الناسِ انتِسابا |
19 | أَو كَمَغلوبٍ عَلى ذاكِرَةٍ | * | يَشتَكي مِن صِلَةِ الماضي انقِضابا |
20 | يا أَبا الحُفّاظِ قَد بَلَّغتَنا | * | طِلبَةً بَلَّغَكَ اللَهُ الرِغابا |
21 | لَكَ في الفَتحِ وَفي أَحداثِهِ | * | فَتَحَ اللهُ حَديثًا وَخِطابا |
22 | مَن يُطالِعهُ وَيَستَأنِس بِهِ | * | يَجِدِ الجِدَّ وَلا يَعدَمْ دِعابا |
23 | صُحُفٌ أَلَّفَتها في شِدَّةٍ | * | يَتَلاشى دونَها الفِكرُ انتِهابا |
24 | لُغَةُ الكامِلِ في استِرسالِهِ | * | وَابنُ خَلدونَ إِذا صَحَّ وَصابا |
25 | إِنَّ لِلفُصحى زِمامًا وَيَدًا | * | تَجنِبُ السَهلَ وَتَقتادُ الصَعابا |
26 | لُغَةُ الذِكرِ لِسانُ المُجتَبى | * | كَيفَ تَعيا بِالمُنادينَ جَوابا |
27 | كُلُّ عَصرٍ دارُها إِنْ صادَفَتْ | * | مَنزِلاً رَحبًا وَأَهلاً وَجَنابا |
28 | اِئتِ بِالعُمرانِ رَوضًا يانِعًا | * | وَادعُها تَجرِ يَنابيعَ عِذابا |
29 | لا تَجِئها بِالمَتاعِ المُقتَنى | * | سَرَقًا مِن كُلِّ قَومٍ وَنِهابا |
30 | سَل بِها أَندَلُسًا هَل قَصَّرَت | * | دونَ مِضمارِ العُلا حينَ أَهابا |
31 | غُرِسَت في كُلِّ تُربٍ أَعجَمٍ | * | فَزَكَت أَصلاً كَما طابَت نِصابا |
32 | وَمَشَت مِشيَتَها لَم تَرتَكِب | * | غَيرَ رِجلَيها وَلَم تَحجِل غُرابا |
33 | إِنَّ عَصرًا قُمتَ تَجلوهُ لَنا | * | لَبِسَ الأَيّامَ دَجنًا وَضَبابا |
34 | المَماليكُ تَمَشّى ظُلمُهُمْ | * | ظُلُماتٍ كَدُجى اللَيلِ حِجابا |
35 | كُلُّهُمْ كافورُ أَو عَبدُ الخَنا | * | غَيرَ أَنَّ المُتَنَبّي عَنهُ خابا |
36 | وَلِكُلٍّ شيعَةٌ مِن جِنسِهِ | * | إِنَّ لِلشَرِّ إِلى الشَرِّ انجِذابا |
37 | ظُلُماتٌ لا تَرى في جُنحِها | * | غَيرَ هَذا الأَزهَرِ السَمحِ شِهابا |
38 | زيدَتِ الأَخلاقُ فيهِ حائِطًا | * | فَاحتَمى فيها رِواقًا وَقِبابا |
39 | وَتَرى الأَعزالَ مِن أَشياخِهِ | * | صَيَّروهُ بِسِلاحِ الحَقِّ غابا |
40 | قَسَمًا لَولاهُ لَم يَبقَ بِها | * | رَجُلٌ يَقرَأُ أَو يَدري الكِتابا |
41 | حَفِظَ الدينَ مَلِيًّا وَمَضى | * | يُنقِذُ الدُنيا فَلَم يَملِك ذَهابا |
42 | أوذِيَت هَيبَتُهُ مِن عَجزِهِ | * | وَقُصارى عاجِزٍ أَلا يُهابا |
43 | لَم تُغادِر قَلَمًا في راحَةٍ | * | دَولَةٌ ما عَرَفَت إِلا الحِرابا |
44 | أَقعَدَ اللَهُ الجَبرَتِيَّ لَها | * | قَلَمًا عَن غائِبِ الأَقلامِ نابا |
45 | خَبَّأَ الشَيخُ لَها في رُدنِهِ | * | مِرقَمًا أَدهى مِنَ الصِلِّ انسِيابا |
46 | مَلِكٌ لَم يُغضِ عَن سَيِّئَةٍ | * | يا لَهُ مِن مَلَكٍ يَهوى السِبابا |
47 | لا يَراهُ الظُلمُ في كاهِلِهِ | * | وَهوَ يَكوي كاهِلَ الظُلمِ عِقابا |
48 | صُحُفُ الشَيخِ وَيَومِيّاتُهُ | * | كَزَمانِ الشَيخِ سُقمًا وَاضطِرابا |
49 | مِن حَواشٍ كَجَليدٍ لَم يَذُب | * | وَفُصولٍ تُشبِهُ التِبرَ المُذابا |
50 | وَالجَبَرتِيُّ عَلى فِطنَتِهِ | * | مَرَّةً يَغبى وَحينًا يَتَغابى |
51 | مُنصِفٌ ما لَم يَرُض عاطِفَةً | * | أَو يُعالِجُ لِهَوى النَفسِ غِلابا |
52 | وَإِذا الحَيُّ تَوَلّى بِالهَوى | * | سيرَةَ الحَيِّ بَغى فيها وَحابى |
53 | وَقعَةُ الأَهرامِ جَلَّت مَوقِعًا | * | وَتَعالَت في المَغازي أَن تُرابا |
54 | عِظَةُ الماضي وَمُلقى دَرسِهِ | * | لِعُقولٍ تَجعَلُ الماضي مَثابا |
55 | مِن بَناتِ الدَهرِ إِلا أَنَّها | * | تَنشُرُ الدَهرَ وَتَطويهِ كَعابا |
56 | وَمِنَ الأَيّامِ ما يَبقى وَإِن | * | أَمعَنَ الأَبطالُ في الدَهرِ احتِجابا |
57 | هِيَ مِن أَيِّ سَبيلٍ جِئتَها | * | غايَةٌ في المَجدِ لا تَدنو طِلابا |
58 | اُنظُرِ الشَرقَ تَجِدها صَرَّفَت | * | دَولَةَ الشَرقِ استِواءً وَانقِلابا |
59 | جَلَبَت خَيرًا وَشَرًّا وَسَقَت | * | أُمَمًا في مَهدِهِم شُهدًا وَصابا |
60 | في تصيبينَ لَبِسنا حُسنَها | * | وَعَلى التَلِّ لَبِسناها مَعابا |
61 | إِنَّ سِربًا زَحَفَ النَسرُ بِهِ | * | قَطَعَ الأَرضَ بِطاحًا وَهِضابا |
62 | إِن تَرامَت بَلَدًا عِقبانُهُ | * | خَطَفَت تاجًا وَاصطادَت عُقابا |
63 | شَهِدَ الجَيزِيُّ مِنهُم عُصبَةً | * | لَبِسوا الغارَ عَلى الغارِ اغتِصابا |
64 | كَذِئابِ القَفرِ مِن طولِ الوَغى | * | وَاختِلافِ النَقعِ لَونًا وَإِهابا |
65 | قادَهُمْ لِلفَتحِ في الأَرضِ فَتًى | * | لَو تَأَنّى حَظَّهُ قادَ الصَحابا |
66 | غَرَّتِ الناسَ بِهِ نَكبَتُهُ | * | جَمَعَ الجُرحُ عَلى اللَيثِ الذُبابا |
67 | بَرَزَت بِالمَنظَرِ الضاحي لَهُمْ | * | فَيلَقٌ كَالزَهرِ حُسنًا وَالتِهابا |
68 | حُلِّيَ الفُرسانُ فيها جَوهَرًا | * | وَجَلالُ الخَيلِ دُرًّا وَذَهابا |
69 | في سِلاحٍ كَحُلِيِّ الغيدِ ما | * | لَمَسَت طَعنًا وَلا مَسَّت ضِرابا |
70 | طَرِحَت مِصرٌ فَكانَت مومِيا | * | بَينَ لِصَّينِ أَراداها جُذابا |
71 | نالَها الأَعرَضُ ظَفَرًا مِنهُما | * | مِن ذِئابِ الحَربِ وَالأَطوَلُ نابا |
72 | وَبَنو الوادي رِجالاتُ الحِمى | * | وَقَفوا مِن ساقِهِ الجَيشَ ذُنابى |
73 | مَوقِفَ العاجِزِ مِن حِلفِ الوَغى | * | يَحرُسُ الأَحمالَ أَو يَسقي مُصابا |
الوحدات
بيانات القصيدة
- المصدر::
الشوقيات (2/17-21)، تقديم حسين هيكل، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان - البحر:: رمل
- الروي:: باء
- العصر:: حديث
- اضغط هنا للطباعة
ملحوظة
الصفحات
2 - الأبيات (15-32) في صفحة (18)،
3 - الأبيات (33-51) في صفحة (19)،
4 - الأبيات (52-68) في صفحة (20)،
5 - الأبيات (69-73) في صفحة (21)،