الشنكبوتية :: https://www.toarab.ws

1 أُنادي الرَسمَ لَو مَلَكَ الجَوابا * وَأُجزيهِ بِدَمعِيَ لَو أَثابا
2 وَقَلَّ لِحَقِّهِ العَبَراتُ تَجري * وَإِن كانَت سَوادَ القَلبِ ذابا
3 سَبَقنَ مُقَبِّلاتِ التُربِ عَنّي * وَأَدَّينَ التَحِيَّةَ وَالخِطابا
4 فَنَثري الدَمعَ في الدِمَنِ البَوالي * كَنَظمي في كَواعِبِها الشَبابا
5 وَقَفتُ بِها كَما شاءَت وَشاؤوا * وُقوفًا عَلَّمَ الصَبرَ الذِهابا
6 لَها حَقٌّ وَلِلأَحبابِ حَقٌّ * رَشَفتُ وِصالَهُمْ فيها حَبابا
7 وَمَن شَكَرَ المَناجِمَ مُحسِناتٍ * إِذا التِبرُ انجَلى شَكَرَ التُرابا
8 وَبَينَ جَوانِحي وافٍ أُلوفٌ * إِذا لَمَحَ الدِيارَ مَضى وَثابا
9 رَأى مَيلَ الزَمانِ بِها فَكانَت * عَلى الأَيّامِ صُحبَتُهُ عِتابا
10 وَداعًا أَرضَ أَندَلُسٍ وَهَذا * ثَنائي إِن رَضيتِ بِهِ ثَوابا
11 وَما أَثنَيتُ إِلّا بَعدَ عِلمٍ * وَكَم مِن جاهِلٍ أَثنى فَعابا
12 تَخِذتُكِ مَوئِلًا فَحَلَلتُ أَندى * ذُرًا مِن وائِلٍ وَأَعَزَّ غابا
13 مُغَرِّبُ آدَمٍ مِن دارِ عَدنٍ * قَضاها في حِماكِ لِيَ اغتِرابا
14 شَكَرتُ الفُلكَ يَومَ حَوَيتِ رَحلي * فَيا لِمُفارِقٍ شَكَرَ الغُرابا
15 فَأَنتِ أَرَحتِني مِن كُلِّ أَنفٍ * كَأَنفِ المَيتِ في النَزعِ انتِصابا
16 وَمَنظَرِ كُلِّ خَوّانٍ يَراني * بِوَجهٍ كَالبَغِيِّ رَمى النِقابا
17 وَلَيسَ بِعامِرٍ بُنيانُ قَومٍ * إِذا أَخلاقُهُمْ كانَت خَرابا
18 أَحَقٌّ كُنتِ لِلزَهراءِ ساحًا * وَكُنتِ لِساكِنِ الزاهي رِحابا
19 وَلَم تَكُ جَورُ أَبهى مِنكِ وَردًا * وَلَم تَكُ بابِلٌ أَشهى شَرابا
20 وَأَنَّ المَجدَ في الدُنيا رَحيقٌ * إِذا طالَ الزَمانُ عَلَيهِ طابا
21 أولَئِكَ أُمَّةٌ ضَرَبوا المَعالي * بِمَشرِقِها وَمَغرِبِها قِبابا
22 جَرى كَدَرًا لَهُم صَفوُ اللَيالي * وَغايَةُ كُلِّ صَفوٍ أَن يُشابا
23 مَشَيِّبَةُ القُرونِ أُديلَ مِنها * أَلَم تَرَ قَرنَها في الجَوِّ شابا
24 مُعَلَّقَةٌ تَنَظَّرُ صَولَجانًا * يَخُرُّ عَنِ السَماءِ بِها لِعابا
25 تُعَدُّ بِها عَلى الأُمَمِ اللَيالي * وَما تَدري السِنينَ وَلا الحِسابا
26 وَيا وَطَني لَقَيتُكَ بَعدَ يَأسٍ * كَأَنّي قَد لَقيتُ بِكَ الشَبابا
27 وَكُلُّ مُسافِرٍ سَيَئوبُ يَومًا * إِذا رُزِقَ السَلامَةَ وَالإِيابا
28 وَلَو أَنّي دُعيتُ لَكُنتَ ديني * عَلَيهِ أُقابِلُ الحَتمَ المُجابا
29 أُديرُ إِلَيكَ قَبلَ البَيتِ وَجهي * إِذا فُهتُ الشَهادَةَ وَالمَتابا
30 وَقَد سَبَقَت رَكائِبِيَ القَوافي * مُقَلَّدَةً أَزِمَّتَها طِرابا
31 تَجوبُ الدَهرَ نَحوَكَ وَالفَيافي * وَتَقتَحِمُ اللَيالِيَ لا العُبابا
32 وَتُهديكَ الثَناءَ الحُرَّ تاجًا * عَلى تاجَيكَ مُؤتَلِقًا عُجابا
33 هَدانا ضَوءُ ثَغرِكَ مِن ثَلاثٍ * كَما تَهدي المُنَوَّرَةُ الرِكابا
34 وَقَد غَشِي المَنارُ البَحرَ نورًا * كَنارِ الطورِ جَلَّلَتِ الشِعابا
35 وَقيلَ الثَغرُ فَاتَّأَدَت فَأَرسَت * فَكانَت مِن ثَراكَ الطُهرِ قابا
36 فَصَفحًا لِلزَمانِ لِصُبحِ يَومٍ * بِهِ أَضحى الزَمانُ إِلَيَّ ثابا
37 وَحَيّا اللَهُ فِتيانًا سِماحًا * كَسَوا عِطفَيَّ مِن فَخرٍ ثِيابا
38 مَلائِكَةٌ إِذا حَفّوكَ يَومًا * أَحَبَّكَ كُلُّ مَن تَلقى وَهابا
39 وَإِن حَمَلَتكَ أَيديهِمْ بُحورًا * بَلَغتَ عَلى أَكُفِّهِمُ السَحابا
40 تَلَقَّوني بِكُلِّ أَغَرَّ زاهٍ * كَأَنَّ عَلى أَسِرَّتِهِ شَهابا
41 تَرى الإيمانَ مُؤتَلِقًا عَلَيهِ * وَنورَ العِلمِ وَالكَرَمَ اللُبابا
42 وَتَلمَحُ مِن وَضاءَةِ صَفحَتَيهِ * مُحَيّا مِصرَ رائِعَةً كَعابا
43 وَما أَدَبي لِما أَسدَوهُ أَهلٌ * وَلَكِن مَن أَحَبَّ الشَيءَ حابى
44 شَبابَ النيلِ إِنَّ لَكُم لَصَوتًا * مُلَبّى حينَ يُرفَعُ مُستَجابا
45 فَهُزّوا العَرشَ بِالدَعَواتِ حَتّى * يُخَفِّفَ عَن كِنانَتِهِ العَذابا
46 أَمِن حَربِ البَسوسِ إِلى غَلاءٍ * يَكادُ يُعيدُها سَبعًا صِعابا
47 وَهَل في القَومِ يوسُفُ يَتَّقيها * وَيُحسِنُ حِسبَةً وَيَرى صَوابا
48 عِبادَكَ رَبِّ قَد جاعوا بِمِصرٍ * أَنيلًا سُقتَ فيهِمُ أَم سَرابا
49 حَنانَكَ وَاهدِ لِلحُسنى تِجارًا * بِها مَلَكوا المَرافِقَ وَالرِقابا
50 وَرَقِّق لِلفَقيرِ بِها قُلوبًا * مُحَجَّرَةً وَأَكبادًا صِلابا
51 أَمَن أَكَلَ اليَتيمَ لَهُ عِقابٌ * وَمَن أَكَلَ الفَقيرَ فَلا عِقابا
52 أُصيبَ مِنَ التُجارِ بِكُلِّ ضارٍ * أَشَدَّ مِنَ الزَمانِ عَلَيهِ نابا
53 يَكادُ إِذا غَذاهُ أَو كَساهُ * يُنازِعُهُ الحَشاشَةَ وَالإِهابا
54 وَتَسمَعُ رَحمَةً في كُلِّ نادٍ * وَلَستَ تُحِسُّ لِلبِرِّ انتِدابا
55 أَكُلٌّ في كِتابِ اللهِ إِلّا * زَكاةَ المالِ لَيسَت فيهِ بابا
56 إِذا ما الطامِعونَ شَكَوا وَضَجّوا * فَدَعهُمْ وَاسمَعِ الغَرثى السِغابا
57 فَما يَبكونُ مِن ثُكلٍ وَلَكِن * كَما تَصِفُ المُعَدِّدَةُ المُصابا
58 وَلَم أَرَ مِثلَ شَوقِ الخَيرِ كَسبًا * وَلا كَتِجارَةِ السوءِ اكتِسابا
59 وَلا كَأُولَئِكَ البُؤَساءِ شاءً * إِذا جَوَّعتَها انتَشَرَت ذِئابا
60 وَلَولا البِرُّ لَم يُبعَث رَسولٌ * وَلَم يَحمِل إِلى قَومٍ كِتابا

بيانات القصيدة

ملحوظة

الشوقيات (60-63)، تقديم حسين هيكل، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان

الصفحات

1 - الأبيات (1-15) في صفحة (60)،
2 - الأبيات (16-32) في صفحة (61)،
3 - الأبيات (33-53) في صفحة (62)،
4 - الأبيات (54-60) في صفحة (63)،

الرابط المختصر