الشنكبوتية :: https://www.toarab.ws

1 زَعَمَ الغُرابُ مُنَبِّئُ الأَنباءِ * أَنَّ الأَحِبَّةَ آذَنوا بِتَناءِ
2 فَاثلِج بِبَردِ الدَمعِ صَدرًا واغِرًا * وَجَوانِحًا مَسجورَةَ الرَمضاءِ
3 لا تَأمُرَنّي بِالعَزاءِ وَقَد تَرى * أَثَرَ الخَليطِ وَلاتَ حينَ عَزاءِ
4 قَصَرَ الفِراقُ عَنِ السُلُوِّ عَزيمَتي * وَأَطالَ في تِلكَ الرُسومِ بُكائي
5 زِدني اشتِياقًا بِالمُدامِ وَغَنِّني * أَعزِز عَلَيَّ بِفُرقَةِ القُرَناءِ
6 فَلَعَلَّني أَلقى الرَدى فَيُريحُني * عَمّا قَليلٍ مِن جَوى البُرَحاءِ
7 أَخَذَت ظُهورُ الصالِحِيَّةِ زينَةً * عَجَبًا مِنَ الصَفراءِ وَالحَمراءِ
8 نَسَجَ الرَبيعُ لِرَبعِها ديباجَةً * مِن جَوهَرِ الأَنوارِ بِالأَنواءِ
9 بَكَتِ السَماءُ بِها رَذاذَ دُموعِها * فَغَدَت تَبَسَّمُ عَن نُجومِ سَماءِ
10 في حُلَّةٍ خَضراءَ نَمنَمَ وَشيَها * حَوكُ الرَبيعِ وَحُلَّةٍ صَفراءِ
11 فَاشرَب عَلى زَهرِ الرِياضِ يَشوبُهُ * زَهرُ الخُدودِ وَزَهرَةُ الصَهباءِ
12 مِن قَهوَةٍ تُنسي الهُمومَ وَتَبعَثُ الـ * ـشَوقَ الَّذي قَد ضَلَّ في الأَحشاءِ
13 يُخفي الزُجاجَةَ لَونُها فَكَأَنَّها * في الكَفِّ قائِمَةٌ بِغَيرِ إِناءِ
14 وَلَها نَسيمٌ كَالرِياضِ تَنَفَّسَت * في أَوجُهِ الأَرواحِ وَالأَنداءِ
15 وَفَواقِعٌ مِثلُ الدُموعِ تَرَدَّدَت * في صَحنِ خَدِّ الكاعِبِ الحَسناءِ
16 يَسقيكَها رَشَأٌ يَكادُ يَرُدُّها * سَكرى بِفَترَةِ مُقلَةٍ حَوراءِ
17 يَسعى بِها وَبِمِثلِها مِن طَرفِهِ * عَودًا وَإِبداءً عَلى النُدَماءِ
18 ما لِلجَزيرَةِ وَالشَآمِ تَبَدَّلا * بِكَ يا ابنَ يوسُفَ ظُلمَةً بِضِياءِ
19 نَضَبَ الفُراتُ وَكانَ بَحرًا زاخِرًا * وَاسوَدَّ وَجهُ الرَقَّةِ البَيضاءِ
20 وَلَقَد تُرى بِأَبي سَعيدٍ مَرَّةً * مُلقى الرِحالِ وَمَوسِمَ الشُعَراءِ
21 إِذ قَيظُها مِثلُ الرَبيعِ وَلَيلُها * مِثلُ النَهارِ يُخالُ رَأدَ ضَحاءِ
22 رَحَلَ الأَميرُ مُحَمَّدٌ فَتَرَحَّلَت * عَنها غَضارَةُ هَذِهِ النَعماءِ
23 وَالدَهرُ ذو دُوَلٍ تَنَقَّلُ في الوَرى * أَيّامُهُنَّ تَنَقُّلَ الأَفياءِ
24 إِنَّ الأَميرَ مُحَمَّدًا لَمُهَذَّبُ الـ * ـأَفعالِ في السَرّاءِ وَالضَرّاءِ
25 مَلِكٌ إِذا غَشِيَ السُيوفَ بِوَجهِهِ * غَشِيَ الحِمامَ بِأَنفُسِ الأَعداءِ
26 قَسَمَت يَداهُ بِبَأسِهِ وَسَماحِهِ * في الناسِ قِسمَي شِدَّةٍ وَرَخاءِ
27 مُلِئَت قُلوبُ العالَمينَ بِفِعلِهِ الـ * ـمَحمودِ مِن خَوفٍ لَهُ وَرَجاءِ
28 أَغنى جَماعَةَ طَيِّئٍ عَمّا ابتَنَت * آباؤُها القُدَماءُ لِلأَبناءِ
29 فَإِذا هُمُ افتَخَروا بِهِ لَم يَبجَحوا * بِقَديمِ ما وَرِثوا مِنَ العَلياءِ
30 صَعِدوا جِبالًا مِن عُلاكَ كَأَنَّها * هَضَباتُ قُدسَ وَيَذبُلٍ وَحِراءِ
31 وَاستَمطَروا في المَحلِ مِنكَ خَلائِقًا * أَصفى وَأَعذَبَ مِن زُلالِ الماءِ
32 وَضَمِنتَ ثَأرَ مُحَمَّدٍ لَهُمُ عَلى * كَلَبِ العِدا وَتَخاذُلِ الأَحياءِ
33 ما انفَكَّ سَيفُكَ غادِيًا أَو رائِحًا * في حَصدِ هاماتٍ وَسَفكِ دِماءِ
34 حَتّى كَفَيتَهُمُ الَّذي استَكفَوكَ مِن * أَمرِ العِدا وَوَفَيتَ أَيَّ وَفاءِ
35 مازِلتَ تَقرَعُ بابَ بابَكَ بِالقَنا * وَتَزورُهُ في غارَةٍ شَعواءِ
36 حَتّى أَخَذتَ بِنَصلِ سَيفِكَ عَنوَةً * مِنهُ الَّذي أَعيا عَلى الخُلَفاءِ
37 أَخلَيتَ مِنهُ البَذَّ وَهيَ قَرارُهُ * وَنَصَبتَهُ عَلَمًا بِسامُرّاءِ
38 لَم يُبقِ مِنهُ خَوفُ بَأسِكَ مَطعَمًا * لِلطَيرِ في عَودٍ وَلا إِبداءِ
39 فَتَراهُ مُطَّرِدًا عَلى أَعوادِهِ * مِثلَ اطِّرادِ كَواكِبِ الجَوزاءِ
40 مُستَشرِفًا لِلشَمسِ مُنتَصِبًا لَها * في أُخرَياتِ الجِذعِ كَالحِرباءِ
41 وَوَصَلتَ أَرضَ الرومِ وَصلَ كُثَيِّرٍ * أَطلالَ عَزَّةَ في لِوى تَيماءِ
42 في كُلِّ يَومٍ قَد نَتَجتَ مَنِيَّةً * لِحُماتِها مِن حَربِكَ العُشَراءِ
43 سَهَّلتَ مِنها وَعرَ كُلِّ حُزونَةٍ * وَمَلَأتَ مِنها عَرضَ كُلِّ فَضاءِ
44 بِالخَيلِ تَحمِلُ كُلَّ أَشعَثَ دارِعٍ * وَتُواصِلُ الإِدلاجَ بِالإِسراءِ
45 وَعَصائِبٍ يَتَهافَتونَ إِذا ارتَمى * بِهِمُ الوَغى في غَمرَةِ الهَيجاءِ
46 مِثلَ اليَراعِ بَدَت لَهُ نارٌ وَقَد * لَفَّتهُ ظُلمَةُ لَيلَةٍ لَيلاءِ
47 يَمشونَ في زَغَفٍ كَأَنَّ مُتونَها * في كُلِّ مَعرَكَةٍ مُتونُ نِهاءِ
48 بيضٌ تَسيلُ عَلى الكُماةِ فُضولُها * سَيلَ السَرابِ بِقَفرَةٍ بَيداءِ
49 فَإِذا الأَسِنَّةُ خالَطَتها خِلتَها * فيها خَيالَ كَواكِبٍ في ماءِ
50 أَبناءُ مَوتٍ يَطرَحونَ نُفوسَهُم * تَحتَ المَنايا كُلَّ يَومِ لِقاءِ
51 في عارِضٍ يَدِقُ الرَدى أَلهَبتَهُ * بِصَواعِقِ العَزَماتِ وَالآراءِ
52 أَشلى عَلى «مَنويلَ» أَطرافَ القَنا * فَنَجا عَتيقَ عَتيقَةٍ جَرداءِ
53 وَلَوَ انَّهُ أَبطا لَهُنَّ هُنَيهَةً * لَصَدَرنَ عَنهُ وَهُنَّ غَيرُ ظِماءِ
54 فَلَئِن تَبَقّاهُ القَضاءُ لِوَقتِهِ * فَلَقَد عَمَمتَ جُنودَهُ بِفَناءِ
55 أَثكَلتَهُ أَشياعَهُ وَتَرَكتَهُ * لِلمَوتِ مُرتَقِبًا صَباحَ مَساءِ
56 حَتّى لَوِ ارتَشَفَ الحَديدَ أَذابَهُ * بِالوَقدِ مِن أَنفاسِهِ الصُعَداءِ

بيانات القصيدة

ملحوظة

وقال يمدح أبا سعيد محمد بن يوسف الثغري الطائي:

الصفحات

1 - الأبيات (1-4) في صفحة (5)،
2 - الأبيات (5-12) في صفحة (6)،
3 - الأبيات (13-19) في صفحة (7)،
4 - الأبيات (20-31) في صفحة (8)،
5 - الأبيات (32-37) في صفحة (9)،
6 - الأبيات (38-41) في صفحة (10)،
7 - الأبيات (42-50) في صفحة (11)،
8 - الأبيات (51-56) في صفحة (12)،

الرابط المختصر