1 |
زَعَمَ الغُرابُ مُنَبِّئُ الأَنباءِ |
* |
أَنَّ الأَحِبَّةَ آذَنوا بِتَناءِ |
2 |
فَاثلِج بِبَردِ الدَمعِ صَدرًا واغِرًا |
* |
وَجَوانِحًا مَسجورَةَ الرَمضاءِ |
3 |
لا تَأمُرَنّي بِالعَزاءِ وَقَد تَرى |
* |
أَثَرَ الخَليطِ وَلاتَ حينَ عَزاءِ |
4 |
قَصَرَ الفِراقُ عَنِ السُلُوِّ عَزيمَتي |
* |
وَأَطالَ في تِلكَ الرُسومِ بُكائي |
5 |
زِدني اشتِياقًا بِالمُدامِ وَغَنِّني |
* |
أَعزِز عَلَيَّ بِفُرقَةِ القُرَناءِ |
6 |
فَلَعَلَّني أَلقى الرَدى فَيُريحُني |
* |
عَمّا قَليلٍ مِن جَوى البُرَحاءِ |
7 |
أَخَذَت ظُهورُ الصالِحِيَّةِ زينَةً |
* |
عَجَبًا مِنَ الصَفراءِ وَالحَمراءِ |
8 |
نَسَجَ الرَبيعُ لِرَبعِها ديباجَةً |
* |
مِن جَوهَرِ الأَنوارِ بِالأَنواءِ |
9 |
بَكَتِ السَماءُ بِها رَذاذَ دُموعِها |
* |
فَغَدَت تَبَسَّمُ عَن نُجومِ سَماءِ |
10 |
في حُلَّةٍ خَضراءَ نَمنَمَ وَشيَها |
* |
حَوكُ الرَبيعِ وَحُلَّةٍ صَفراءِ |
11 |
فَاشرَب عَلى زَهرِ الرِياضِ يَشوبُهُ |
* |
زَهرُ الخُدودِ وَزَهرَةُ الصَهباءِ |
12 |
مِن قَهوَةٍ تُنسي الهُمومَ وَتَبعَثُ الـ |
* |
ـشَوقَ الَّذي قَد ضَلَّ في الأَحشاءِ |
13 |
يُخفي الزُجاجَةَ لَونُها فَكَأَنَّها |
* |
في الكَفِّ قائِمَةٌ بِغَيرِ إِناءِ |
14 |
وَلَها نَسيمٌ كَالرِياضِ تَنَفَّسَت |
* |
في أَوجُهِ الأَرواحِ وَالأَنداءِ |
15 |
وَفَواقِعٌ مِثلُ الدُموعِ تَرَدَّدَت |
* |
في صَحنِ خَدِّ الكاعِبِ الحَسناءِ |
16 |
يَسقيكَها رَشَأٌ يَكادُ يَرُدُّها |
* |
سَكرى بِفَترَةِ مُقلَةٍ حَوراءِ |
17 |
يَسعى بِها وَبِمِثلِها مِن طَرفِهِ |
* |
عَودًا وَإِبداءً عَلى النُدَماءِ |
18 |
ما لِلجَزيرَةِ وَالشَآمِ تَبَدَّلا |
* |
بِكَ يا ابنَ يوسُفَ ظُلمَةً بِضِياءِ |
19 |
نَضَبَ الفُراتُ وَكانَ بَحرًا زاخِرًا |
* |
وَاسوَدَّ وَجهُ الرَقَّةِ البَيضاءِ |
20 |
وَلَقَد تُرى بِأَبي سَعيدٍ مَرَّةً |
* |
مُلقى الرِحالِ وَمَوسِمَ الشُعَراءِ |
21 |
إِذ قَيظُها مِثلُ الرَبيعِ وَلَيلُها |
* |
مِثلُ النَهارِ يُخالُ رَأدَ ضَحاءِ |
22 |
رَحَلَ الأَميرُ مُحَمَّدٌ فَتَرَحَّلَت |
* |
عَنها غَضارَةُ هَذِهِ النَعماءِ |
23 |
وَالدَهرُ ذو دُوَلٍ تَنَقَّلُ في الوَرى |
* |
أَيّامُهُنَّ تَنَقُّلَ الأَفياءِ |
24 |
إِنَّ الأَميرَ مُحَمَّدًا لَمُهَذَّبُ الـ |
* |
ـأَفعالِ في السَرّاءِ وَالضَرّاءِ |
25 |
مَلِكٌ إِذا غَشِيَ السُيوفَ بِوَجهِهِ |
* |
غَشِيَ الحِمامَ بِأَنفُسِ الأَعداءِ |
26 |
قَسَمَت يَداهُ بِبَأسِهِ وَسَماحِهِ |
* |
في الناسِ قِسمَي شِدَّةٍ وَرَخاءِ |
27 |
مُلِئَت قُلوبُ العالَمينَ بِفِعلِهِ الـ |
* |
ـمَحمودِ مِن خَوفٍ لَهُ وَرَجاءِ |
28 |
أَغنى جَماعَةَ طَيِّئٍ عَمّا ابتَنَت |
* |
آباؤُها القُدَماءُ لِلأَبناءِ |
29 |
فَإِذا هُمُ افتَخَروا بِهِ لَم يَبجَحوا |
* |
بِقَديمِ ما وَرِثوا مِنَ العَلياءِ |
30 |
صَعِدوا جِبالًا مِن عُلاكَ كَأَنَّها |
* |
هَضَباتُ قُدسَ وَيَذبُلٍ وَحِراءِ |
31 |
وَاستَمطَروا في المَحلِ مِنكَ خَلائِقًا |
* |
أَصفى وَأَعذَبَ مِن زُلالِ الماءِ |
32 |
وَضَمِنتَ ثَأرَ مُحَمَّدٍ لَهُمُ عَلى |
* |
كَلَبِ العِدا وَتَخاذُلِ الأَحياءِ |
33 |
ما انفَكَّ سَيفُكَ غادِيًا أَو رائِحًا |
* |
في حَصدِ هاماتٍ وَسَفكِ دِماءِ |
34 |
حَتّى كَفَيتَهُمُ الَّذي استَكفَوكَ مِن |
* |
أَمرِ العِدا وَوَفَيتَ أَيَّ وَفاءِ |
35 |
مازِلتَ تَقرَعُ بابَ بابَكَ بِالقَنا |
* |
وَتَزورُهُ في غارَةٍ شَعواءِ |
36 |
حَتّى أَخَذتَ بِنَصلِ سَيفِكَ عَنوَةً |
* |
مِنهُ الَّذي أَعيا عَلى الخُلَفاءِ |
37 |
أَخلَيتَ مِنهُ البَذَّ وَهيَ قَرارُهُ |
* |
وَنَصَبتَهُ عَلَمًا بِسامُرّاءِ |
38 |
لَم يُبقِ مِنهُ خَوفُ بَأسِكَ مَطعَمًا |
* |
لِلطَيرِ في عَودٍ وَلا إِبداءِ |
39 |
فَتَراهُ مُطَّرِدًا عَلى أَعوادِهِ |
* |
مِثلَ اطِّرادِ كَواكِبِ الجَوزاءِ |
40 |
مُستَشرِفًا لِلشَمسِ مُنتَصِبًا لَها |
* |
في أُخرَياتِ الجِذعِ كَالحِرباءِ |
41 |
وَوَصَلتَ أَرضَ الرومِ وَصلَ كُثَيِّرٍ |
* |
أَطلالَ عَزَّةَ في لِوى تَيماءِ |
42 |
في كُلِّ يَومٍ قَد نَتَجتَ مَنِيَّةً |
* |
لِحُماتِها مِن حَربِكَ العُشَراءِ |
43 |
سَهَّلتَ مِنها وَعرَ كُلِّ حُزونَةٍ |
* |
وَمَلَأتَ مِنها عَرضَ كُلِّ فَضاءِ |
44 |
بِالخَيلِ تَحمِلُ كُلَّ أَشعَثَ دارِعٍ |
* |
وَتُواصِلُ الإِدلاجَ بِالإِسراءِ |
45 |
وَعَصائِبٍ يَتَهافَتونَ إِذا ارتَمى |
* |
بِهِمُ الوَغى في غَمرَةِ الهَيجاءِ |
46 |
مِثلَ اليَراعِ بَدَت لَهُ نارٌ وَقَد |
* |
لَفَّتهُ ظُلمَةُ لَيلَةٍ لَيلاءِ |
47 |
يَمشونَ في زَغَفٍ كَأَنَّ مُتونَها |
* |
في كُلِّ مَعرَكَةٍ مُتونُ نِهاءِ |
48 |
بيضٌ تَسيلُ عَلى الكُماةِ فُضولُها |
* |
سَيلَ السَرابِ بِقَفرَةٍ بَيداءِ |
49 |
فَإِذا الأَسِنَّةُ خالَطَتها خِلتَها |
* |
فيها خَيالَ كَواكِبٍ في ماءِ |
50 |
أَبناءُ مَوتٍ يَطرَحونَ نُفوسَهُم |
* |
تَحتَ المَنايا كُلَّ يَومِ لِقاءِ |
51 |
في عارِضٍ يَدِقُ الرَدى أَلهَبتَهُ |
* |
بِصَواعِقِ العَزَماتِ وَالآراءِ |
52 |
أَشلى عَلى «مَنويلَ» أَطرافَ القَنا |
* |
فَنَجا عَتيقَ عَتيقَةٍ جَرداءِ |
53 |
وَلَوَ انَّهُ أَبطا لَهُنَّ هُنَيهَةً |
* |
لَصَدَرنَ عَنهُ وَهُنَّ غَيرُ ظِماءِ |
54 |
فَلَئِن تَبَقّاهُ القَضاءُ لِوَقتِهِ |
* |
فَلَقَد عَمَمتَ جُنودَهُ بِفَناءِ |
55 |
أَثكَلتَهُ أَشياعَهُ وَتَرَكتَهُ |
* |
لِلمَوتِ مُرتَقِبًا صَباحَ مَساءِ |
56 |
حَتّى لَوِ ارتَشَفَ الحَديدَ أَذابَهُ |
* |
بِالوَقدِ مِن أَنفاسِهِ الصُعَداءِ |