الشنكبوتية :: https://www.toarab.ws

1 وَراءَكَ عَنّي يا عَذولَ الأَشايِبِ * بِكُلفَةِ عَذلٍ بَعدَ شَيبِ الذَوائِبِ
2 أَلَم تَعلَمي أَن لَيسَ في الأَرضِ مَرأَةٌ * تَقومُ عَلى حَدِّ اعتِدالِ المَذاهِبِ
3 أَعاذِلَ ما نَيلي مَكانَ الكَواكِبِ * بِأَبعَدَ عِندي مِن وِصالِ الكَواعِبِ
4 وَعَذلُكِ عِندي مِثلُ عُذرٍ فَأَقصِري * وَلَومُ القَعودِ الفَحلَ إِحدى العَجائِبِ
5 أَلَستِ إِذا مُيِّزتِ نَفسًا وَعُنصُرًا * مِنَ الواعِداتِ المُخلِفاتِ الكَواذِبِ
6 فَلَيسَ لِمِثلي لَومُ مِثلِكِ جائِزًا * لَقَد ساءَ مَسموعًا خِطابُ المُخاطِبِ
7 تَرَكتُ الصِبا وَالغَيَّ قَبلَ مَداهُما * وَتَركُهُما إِيّايَ بَينَ النَوائِبِ
8 عَلى حِفظِ عَهدِ الحُبِّ في كُلِّ مَوطِنٍ * يُنَسّي المُحِبّينَ ادِّكارَ الحَبائِبِ
9 فَيا أَيُّها الخِلُّ الَّذي لَيسَ تارِكي * وَمَكروهَ دَهري مِن صُدودِ المُجانِبِ
10 فَما أَبصَرَ الدُنيا بِعَينِ دُنوِّهِ * وَلا وِزرَ فيها لِلمُحِبِّ المُصاقِبِ
11 ظَلَمتُكَ إِن شَبَّهتُكَ البَدرَ طالِعًا * وَبِالشَمسِ يَومُ الدَجنِ بَينَ سَحائِبِ
12 لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنهُما وَقتَ غَيبَةٍ * وَأَنَّكَ لا غُيِّبتَ لَستَ بِغائِبِ
13 وَأَنَّ بِوَجهِ البَدرِ مَحوًا وَلَطخَةً * وَوَجهَكَ ما فيهِ مَعابٌ لِعائِبِ
14 وَأَنَّكَ إِن قيسَت مَحاسِنُ جَمَّةٌ * إِلَيكَ تَناهَت أَتعَبَت كُلَّ حاسِبِ
15 وَلَستُ بِناسٍ عَيشَنا وَاغتِباطَنا * بِعِزِّ شَبابٍ لِلحَوادِثِ غالِبِ
16 وَإِدراكَنا في ظِلِّهِ كُلَّ بُغيَةِ * مِنَ العَيشِ فاقَت سامِياتِ المَطالِبِ
17 فَمِنها إِذا ما الجِدُّ كانَ أَوانُهُ * بُلوغُ المَعالي الطَيِّباتِ المَكاسِبِ
18 وَمِنها إِذا ما الهَزلُ حانَت هَناتُهُ * مُنى النَفسِ في سِترٍ عَنِ الفُحشِ حاجِبِ
19 كُؤوسٌ مِنَ الصَهباءِ تَأبى اجتِماعَها * إِذا انتُشِحَت الهَمَّ في صَدرِ شارِبِ
20 جَمَعنا وَأَطيارُ الصَباحِ نَواطِقٌ * لَنا وَلَها بَينَ الذُرى وَالحَواجِبِ
21 فَكُلِّ سُرورٍ بِالغِناءِ وَبِالغِنى * وَبِالفَضلِ وَالجَدوى عَلى كُلِّ راغِبِ
22 أَعاذِلَ إِنَّ اللَومَ مِنكَ غَضاضَةٌ * عَلَيَّ وَإِنّي لائِمٌ كُلَّ جانِبِ
23 عَرَفتُ زَماني فَاعتَذَرتُ لِحَربِهِ * وَلَمّا أَضَعْ عَنّي ثِيابَ المُحارِبِ
24 وَجَرَّبتُ حَتّى ما أَرى الدَهرَ مُغرِبًا * عَلَيَّ بِصَرفٍ لَم يَكُن في تَجارِبي
25 وَما غَرَّني حُسنُ المَبادي لِأَنَّهُ * مِنَ الدَهرِ مَحتومٌ بِسوءِ العَواقِبِ
26 وَلَو لَم يَكُن إِلّا تَوَقَّعَ هابِطٍ * إِذن لَكَفاني مُنكَراتُ النَوائِبِ
27 لَقَد أَحدَثَت فيهِ اللَيالي غَريبةً * مُصَدَّرَةً في أُمَّهاتِ الغَرائِبِ
28 تَوَلّى فَصارَ الدَهرُ شَرًّا بِأَسرِهِ * صُراحًا بِلا شَوبٍ مِنَ الخَيرِ شايِبِ
29 فَإِن نُحصِ بِالتَفصيلِ مِنهُ مَثالِبًا * تَناهَينَ نَعجَز قَبلَ جَمعِ المَثالِبِ
30 وَإِن نَقتَصِرْ مِنهُ عَلى وَصفِ جُملَةٍ * تَدُلُّ عَلى التَفصيلِ نَعمَلْ بِواجِبِ
31 عَلى أَنَّ أَدنى القَولِ فيهِ مُضَيَّعٌ * فَكَيفَ بِأَقصى القَولِ فَاصدُق وَقارِبِ
32 وَأَعظَمُ مِمّا خَصَّني مِن أَذاتِهِ * عَلَيَّ بِقَولٍ صادِقٍ غَيرَ كاذِبِ
33 جِنايَتُهُ في عِدلِ نَفسي وَواحِدي * عَلَيَّ فَقَد كانَت أَجَلَّ المَصايِبِ
34 شَقيقي أَبي إِسحاقَ نَفسي فِداؤُهُ * وَرَأسُ بَقايا كُلِّ حُرٍّ وَكاتِبِ
35 كَذَلِكَ كانَت نِعمَةُ اللَهِ تُمِّمَتْ * بِتَخليصِهِ عِندي أَجَلَّ المَواهِبِ
36 فَهَنّاهُ ما أَولاهُ مَولاهُ مُسبِغًا * عَلَيهِ مَزيدًا جامِعًا لِلرَغائِبِ
37 وَأَسعَدَهُ بِالصَومِ وَالفِطرِ تالِيًا * وَكُلِّ زَمانٍ بَعدُ جاءٍ وَذاهِبِ
38 وَقُل لِأَخي عَنّي مَقالَةَ مُخلِصِ * لَهُ وُدَّهُ مِن دونِ أَدنى الأَقارِبِ
39 لَعَمري لَقَد صادَقتَ لي مَن يَوَدُّني * وَعادَيتَ لي الأَعداءَ غَيرَ مُراقِبِ
40 فَإِن أَنتَ والَيتَ الصَديقَ فَوالِ بي * وَإِن أَنتَ عادَيتَ العَدُوَّ فَعادِ بي
41 وَلا يَخلُ فيما بَينَنا مِن سِفارَةٍ * مَكانُ ابنِ إِسماعيلَ أُنسي وَصاحِبي
42 فَنِعمَ اختِيارُ العالَمينَ كِلاهُما * بِما حَصَّلا مِن كُلِّ غَضِّ الضَرائِبِ
43 عَلى قَصدِ دَهرِ السوءِ إِيّاهُما مَعًا * لِفَهمِهِما إِيّاهُ فِعلُ المُناصِبِ
44 وَإِعطائِهِ الكَلبَينِ ما حَظِيا بِهِ * عَطاءَ المُحابي لا عَطاءَ المُحاسِبِ
45 وَما كانَ عَبدونُ الدَنِيُّ وَهابِطٌ * سِوى آيَةٍ في الأَرضِ مِن كُلِّ جانِبِ
46 تُنَبِّئُنا الدُنيا بِفَرطِ هَوانِها * عَلى اللهِ في أَضعافِ تِلكَ المَواكِبِ
47 وَلَو سَمِعَ الدَهرُ العِتابَ بِمَنطِقٍ * لَأَوجَعتُهُ مِنّي بِحَدِّ المُعاتِبِ
48 وَلَكِنَّ دَهرًا مَلَّكَ الوَغدَ هابِطًا * مَشارِقَها مَوصولَةً بِالمَغارِبِ
49 فَعَمَّ بِشَرٍّ أَهلَها وَبِلادَها * وَخَصَّ ذَوي أَقدارِها بِالمَعاطِبِ
50 هُوَ الدَهرُ قَد أَعلى أَبا جَهلٍِ الَّذي * أُطيعَ بِأَرضِ الأَكرَمينَ الأَطايِبِ
51 فَما زالَ في الإِملاءِ حَتّى أَصارَهُ * إِلى النارِ مِن بَعدِ السُيوفِ القَواضِبِ
52 تَرى الناسَ طَوعَ ابنى نِزارٍ وَإِنَّما * تَرى ابنى نِزارٍ طَوعَ فِهرٍ وَغالِبِ
53 مِنَ الهاشِمِيِّينَ الأُلى كُلَّما دَنَوا * إِلى هاشِمٍ خُصّوا بِأَعلى المَناقِبِ
54 وَإِن نَزَلوا في النَسبِ مِن بَعدِ هاشِمِ * بِبَطنٍ عَلَوا في المَجدِ أَعلى المَراتِبِ
55 وَإِن حَضَروا الأَيسارَ حازوا مَدى العُلا * وَفازوا بِقَدحِ مُنجِحٍ غَيرَ خائِبِ
56 وَما قِدحُهُم إِلّا المُعَلّى فَمَن أَبى * فَلَيسَ لَهُ إِلّا مَنيحُ الضَوارِبِ
57 وَهُم سُبَّقُ السُبّاقِ لَكِن عَدُوُّهُمْ * سُكَيتٌ إِذا ما جَدَّ جَريُ الحَلائِبِ
58 أَلَسنا مَواليهِمْ وَلاءَ بَنِيِّهِمْ * وَلَسنا مَواليهِمْ وَلاءَ المُحارِبِ
59 فَنَحنُ لَهُم نَسلُ الحُسَينِ وَطاهِرٍ * لَبانًا وَلِلأَعداءِ نَسلُ المَصاعِبِ
60 إِذا ما كِرامُ الناسِ ساموا بُمُلكِهِمْ * وَبِالفَضلِ وَالأَعراقِ عِندَ المَناسِبِ
61 عَلَت هاشِمٌ مِن بَعدِ ذَلِكَ كُلِّهِ * سَنامَ العُلا فَوقَ الذُرى وَالغَوارِبِ
62 لَهُم ذَلَّ صَعبَ المَجدِ يَعلونَ ظَهرَهُ * وَيَأبى سِواهُمْ أَن يَذِلَّ لِراكِبِ
63 وَعَدلُهُمُ مِن آخِرِ المَجدِ حادِثٌ * بِأَفعالِهِمْ يَحدو قَديمَ المَناصِبِ
64 وَقَد غُصِبوا مُلكًا ثَمانينَ حِجَّةً * وَمَجدُهُمُ يُعيِي يَدَي كُلِّ غاصِبِ
65 مَدائِحُهُمْ في كُلِّ أَوبٍ وَوِجهَةٍ * يُغَنّي بِها الرُكبانُ فَوقَ الرَكائِبِ
66 أَحَلَّهُمُ بَيتُ النُبُوَّةِ مَنزِلًا * خِلافَتُهُ بَينَ النُجومِ الثَواقِبِ
67 بُيوتُ مُلوكِ الناسِ يُبنَينَ في الرُبى * وَهاشِمُ مَبنى بَيتِها في الكَواكِبِ
68 حَياتُهُمُ وَقفٌ عَلى كُلِّ مادِحٍ * وَمَوتُهُمُ وَقفٌ عَلى كُلِّ نادِبِ
69 وَلَو حَرَمَ اللَهُ المُعَظَّمَ قَدرُهُ * وَكانوا بِهِ حُكّامَ تِلكَ الأَخاشِبِ
70 وَكانوا خِيارَ الجاهِلِيَّةِ كُلِّها * مَناكِبُهُم في المَجدَ أَعلى المَناكِبِ
71 وَوَلّاهُمُ الإِسلامُ كُلَّ رِياسَةٍ * وَمِنهُم سَنا الأَعلامِ فَوقَ المَراقِبِ
72 وَكانوا حُماةَ الناسِ في كُلِّ فَزعَةٍ * وَأَجوادَهُمْ في الحِصبِ أَوفى اللَوازِبِ
73 يُفيضونَ ما هَبَّت دَبورٌ وَشَمأَلٌ * وَما عايَنوا مَجرى الصَبا وَالجَنائِبِ
74 لَهُم عَلَمٌ فَوقَ البَنِيَّةِ ثابِتٌ * بِكَفَّي كَريمٍ لِلمَكارِمِ ناصِبِ
75 فَمَلَّكَ دَهرُ السوءِ صاعِدَ مَجدِهِمْ * يَدَي هابِطٍ يا لِلقَنا وَالمَقانِبِ
76 إِلى أَن أَراهُ اللَهُ قُدرَتَهُ الَّتي * تَهُدُّ مَنيعاتِ الجِبالِ الرَواسِبِ
77 فَلِلَّهِ حَمدٌ زائِدٌ غَيرُ زائِلِ * وَلِلكَلبِ عِزٌّ زائِلٌ غَيرُ راتِبِ

بيانات القصيدة

الصفحات

1 - الأبيات (1-9) في صفحة (331)،
2 - الأبيات (10-21) في صفحة (332)،
3 - الأبيات (22-34) في صفحة (333)،
4 - الأبيات (35-50) في صفحة (334)،
5 - الأبيات (51-59) في صفحة (335)،
6 - الأبيات (60-73) في صفحة (336)،
7 - الأبيات (74-77) في صفحة (337)،

الرابط المختصر