1 |
أَبا الهَولِ طالَ عَلَيكَ العُصُرْ |
* |
وَبُلِّغتَ في الأَرضِ أَقصى العُمُرْ |
2 |
فَيالِدَةَ الدَهرِ لا الدَهرُ شَبَّ |
* |
وَلا أَنتَ جاوَزتَ حَدَّ الصِغَرْ |
3 |
إِلامَ رُكوبُكَ مَتنَ الرِمالِ |
* |
لِطَيِّ الأَصيلِ وَجَوبِ السَحَرْ |
4 |
تُسافِرُ مُنتَقِلًا في القُرونِ |
* |
فَأَيّانَ تُلقي غُبارَ السَفَرْ |
5 |
أَبَينَكَ عَهدٌ وَبَينَ الجِبالِ |
* |
تَزولانِ في المَوعِدِ المُنتَظَر |
6 |
أَبا الهَولِ ماذا وَراءَ البَقاءِ |
* |
إِذا ما تَطاوَلَ غَيرُ الضَجَرْ |
7 |
عَجِبتُ لِلُقمانَ في حِرصِهِ |
* |
عَلى لُبَدٍ وَالنُسورِ الأُخَرْ |
8 |
وَشَكوى لَبيدٍ لِطولِ الحَياةِ |
* |
وَلَو لَم تَطُل لَتَشَكّى القِصَرْ |
9 |
وَلَو وُجِدَت فيكَ يا ابنَ الصَفاةِ |
* |
لَحَقتَ بِصانِعِكَ المُقتَدِرْ |
10 |
فَإِنَّ الحَياةَ تَفُلُّ الحَديدَ |
* |
إِذا لَبِسَتهُ وَتُبلى الحَجَرْ |
11 |
أَبا الهَولِ ما أَنتَ في المُعضِلاتِ |
* |
لَقَد ضَلَّتِ السُبلَ فيكَ الفِكَرْ |
12 |
تَحَيَّرَتِ البَدوُ ماذا تَكونُ |
* |
وَضَلَّت بِوادي الظُنونِ الحَضَرْ |
13 |
فَكُنتَ لَهُمْ صورَةَ العُنفُوانِ |
* |
وَكُنتَ مِثالَ الحِجى وَالبَصَرْ |
14 |
وَسِرُّكَ في حُجبِهِ كُلَّما |
* |
أَطَلَّت عَلَيهِ الظُنونُ استَتَرْ |
15 |
وَما راعَهُمْ غَيرُ رَأسِ الرِجالِ |
* |
عَلى هَيكَلٍ مِن ذَواتِ الظُفُرْ |
16 |
وَلَو صُوِّروا مِن نَواحي الطِباعِ |
* |
تَوالَوا عَلَيكَ سِباغَ الصُوَرْ |
17 |
فَيا رُبَّ وَجهٍ كَصافي النَميرِ |
* |
تَشابَهَ حامِلُهُ وَالنَمِرْ |
18 |
أَبا الهَولِ وَيحَكَ لا يُستَقَلُّ |
* |
مَعَ الدَهرِ شَيءٌ وَلا يُحتَقَرْ |
19 |
تَهَزَّأتَ دَهرًا بِديكِ الصَباحِ |
* |
فَنَقَّرَ عَينَيكَ فيما نَقَرْ |
20 |
أَسالَ البَياضَ وَسَلَّ السَوادَ |
* |
وَأَوغَلَ مِنقارَهُ في الحُفَرْ |
21 |
فَعُدتَ كَأَنَّكَ ذو المَحبِسَينِ |
* |
قَطيعَ القِيامِ سَليبَ البَصَرْ |
22 |
كَأَنَّ الرِمالَ عَلى جانِبَيكَ |
* |
وَبَينَ يَدَيكَ ذُنوبُ البَشَرْ |
23 |
كَأَنَّكَ فيها لِواءُ الفَضاءِ |
* |
عَلى الأَرضِ أَو دَيدَبانُ القَدَرْ |
24 |
كَأَنَّكَ صاحِبُ رَملٍ يَرى |
* |
خَبايا الغُيوبِ خِلالَ السَطَرْ |
25 |
أَبا الهَولِ أَنتَ نَديمُ الزَمانِ |
* |
نَجِيُّ الأَوانِ سَميرُ العُصُرْ |
26 |
بَسَطتَ ذِراعَيكَ مِن آدَمٍ |
* |
وَوَلَّيتَ وَجهَكَ شَطرَ الزُمَرْ |
27 |
تُطِلُّ عَلى عالَمٍ يَستَهِلُّ |
* |
وَتُوفي عَلى عالَمٍ يُحتَضَرْ |
28 |
فَعَينٌ إِلى مَن بَدا لِلوُجودِ |
* |
وَأُخرى مُشَيِّعَةٌ مِن غَبَرْ |
29 |
فَحَدِّث فَقَد يُهتَدى بِالحَديثِ |
* |
وَخَبِّر فَقَد يُؤتَسى بِالخَبَرْ |
30 |
أَلَم تَبلُ فِرعَونَ في عِزِّهِ |
* |
إِلى الشَمسِ مُعتَزِيًا وَالقَمَرْ |
31 |
ظَليلَ الحَضارَةِ في الأَوَّلينَ |
* |
رَفيعَ البِناءِ جَليلَ الأَثَرْ |
32 |
يُؤَسِّسُ في الأَرضِ لِلغابِرينَ |
* |
وَيَغرِسُ لِلآخَرينَ الثَمَرْ |
33 |
وَراعَكَ ما راعَ مِن خَيلِ قَمبيـ |
* |
ـزَ تَرمي سَنابِكَها بِالشَرَرْ |
34 |
جَوارِفُ بِالنارِ تَغزو البِلادَ |
* |
وَآوِنَةً بِالقَنا المُشتَجِرْ |
35 |
وَأَبصَرتَ إِسكَندَرًا في المَلا |
* |
قَشيبَ العُلا في الشَبابِ النَضِرْ |
36 |
تَبَلَّجَ في مِصرَ إِكليلُهُ |
* |
فَلَم يَعدُ في المُلكِ عُمرَ الزَهَرْ |
37 |
وَشاهَدتَ قَيصَرَ كَيفَ استَبَدَّ |
* |
وَكَيفَ أَذَلَّ بِمِصرَ القَصَرْ |
38 |
وَكَيفَ تَجَبَّرَ أَعوانُهُ |
* |
وَساقوا الخَلائِقَ سَوقَ الحُمُرْ |
39 |
وَكَيفَ ابتُلوا بِقَليلِ العَديدِ |
* |
مِنَ الفاتِحينَ كَريمِ النَفَرْ |
40 |
رَمى تاجَ قَيصَرَ رَميَ الزُجاجِ |
* |
وَفَلَّ الجُموعَ وَثَلَّ السُرَرْ |
41 |
فَدَعْ كُلَّ طاغِيَةٍ لِلزَمانِ |
* |
فَإِنَّ الزَمانَ يُقيمُ الصَعَرْ |
42 |
رَأَيتَ الدِياناتِ في نَظمِها |
* |
وَحينَ وَهى سِلكُها وَانتَثَرْ |
43 |
تُشادُ البُيوتُ لَها كَالبُروجِ |
* |
إِذا أَخَذَ الطَرفُ فيها انحَسَرْ |
44 |
تَلاقى أَساسًا وَشُمَّ الجِبالِ |
* |
كَما تَتَلاقى أُصولُ الشَجَرْ |
45 |
وَإيزيسُ خَلفَ مَقاصيرِها |
* |
تَخَطّى المُلوكُ إِلَيها السُتُرْ |
46 |
تُضيءُ عَلى صَفَحاتِ السَماءِ |
* |
وَتُشرِقُ في الأَرضِ مِنها الحُجَرْ |
47 |
وَآبيسُ في نيرِهِ العالِمونَ |
* |
وَبَعضُ العَقائِدِ نيرٌ عَسِرْ |
48 |
تُساسُ بِهِ مُعضِلاتُ الأُمورِ |
* |
وَيُرجى النَعيمُ وَتُخشى سَقَرْ |
49 |
وَلا يَشعُرِ القَومُ إِلّا بِهِ |
* |
وَلَو أَخَذَتهُ المُدى ما شَعَرْ |
50 |
يَقِلُّ أَبو المِسكِ عَبدًا لَهُ |
* |
وَإِن صاغَ أَحمَدُ فيهِ الدُرَرْ |
51 |
وَآنَستَ موسى وَتابوتَهُ |
* |
وَنورَ العَصا وَالوَصايا الغُرَرْ |
52 |
وَعيسى يَلُمُّ رِداءَ الحَياءِ |
* |
وَمَريَمُ تَجمَعُ ذَيلَ الخَفَرْ |
53 |
وَعَمرو يَسوقُ بِمِصرَ الصِحابَ |
* |
وَيُزجي الكِتابَ وَيَحدو السُوَرْ |
54 |
فَكَيفَ رَأَيتَ الهُدى وَالضَلالَ |
* |
وَدُنيا المُلوكِ وَأُخرى عُمَرْ |
55 |
وَنَبذَ المُقَوقِسِ عَهدَ الفُجورِ |
* |
وَأَخذَ المُقَوقِسِ عَهدَ الفَجِرْ |
56 |
وَتَبديلَهُ ظُلُماتِ الضَلالِ |
* |
بِصُبحِ الهِدايَةِ لَمّا سَفَرْ |
57 |
وَتَأليفَهُ القِبطَ وَالمُسلِمين |
* |
كَما أُلِّفَت بِالوَلاءِ الأُسَرْ |
58 |
أَبا الهَولِ لَو لَم تَكُن آيَةً |
* |
لَكانَ وَفاؤُكَ إِحدى العِبَرْ |
59 |
أَطَلتَ عَلى الهَرَمَينِ الوُقوفَ |
* |
كَثاكِلَةٍ لا تَريمُ الحُفَرْ |
60 |
تُرَجّي لِبانيهِما عَودَةً |
* |
وَكَيفَ يَعودُ الرَميمُ النَخِرْ |
61 |
تَجوسُ بِعَينٍ خِلالَ الدِيارِ |
* |
وَتَرمي بِأُخرى فَضاءَ النَهَرْ |
62 |
تَرومُ بِمَنفيسَ بيضَ الظُبا |
* |
وَسُمرَ القَنا وَالخَميسَ الدُثَرْ |
63 |
وَمَهدَ العُلومِ الخَطيرَ الجَلالِ |
* |
وَعَهدِ الفُنونِ الجَليلَ الخَطَرْ |
64 |
فَلا تَستَبينُ سِوى قَريَةٍ |
* |
أَجَدَّ مَحاسِنَها ما اندَثَرْ |
65 |
تَكادُ لِإِغراقِها في الجُمودِ |
* |
إِذا الأَرضُ دارَت بِها لَم تَدُرْ |
66 |
فَهَل مَن يُبَلِّغُ عَنّا الأُصولَ |
* |
بِأَنَّ الفُروعَ اقتَدَت بِالسِيَرْ |
67 |
وَأَنّا خَطَبنا حِسانَ العُلا |
* |
وَسُقنا لَها الغالِيَ المُدَّخَرْ |
68 |
وَأَنّا رَكِبنا غِمارَ الأُمورِ |
* |
وَأَنّا نَزَلنا إِلى المُؤتَمَرْ |
69 |
بِكُلِّ مُبينٍ شَديدِ اللِدادِ |
* |
وَكُلِّ أَريبٍ بَعيدِ النَظَرْ |
70 |
تُطالِبُ بِالحَقِّ في أُمَّةٍ |
* |
جَرى دَمُها دونَهُ وَانتَشَرْ |
71 |
وَلَم تَفتَخِر بِأَساطيلِها |
* |
وَلَكِن بِدُستورِها تَفتَخِرْ |
72 |
فَلَم يَبقَ غَيرُكَ مَن لَم يَحِفْ |
* |
وَلَم يَبقَ غَيرُكَ مَن لَم يَطِرْ |
73 |
تَحَرَّك أَبا الهَولِ هَذا الزَمانُ |
* |
تَحَرَّكَ ما فيهِ حَتّى الحَجَرْ |
74 |
نَجِيَّ أَبي الهَولِ آنَ الأَوانُ |
* |
وَدانَ الزَمانُ وَلانَ القَدَرْ |
75 |
خَبَأتُ لِقَومِكَ ما يَستَقونَ |
* |
وَلا يَخبَأُ العَذبَ مِثلُ الحَجَرْ |
76 |
فَعِندي المُلوكُ بِأَعيانِها |
* |
وَعِندَ التَوابيتِ مِنها الأَثَرْ |
77 |
مَحا ظُلمَةَ اليَأسِ صُبحُ الرَجاءِ |
* |
وَهَذا هُوَ الفَلَقُ المُنتَظَرْ |