الشنكبوتية :: https://www.toarab.ws

1 وَلَيلَة جَمعٍ لَم أَبِت ناسِيًا لَكُمْ * وَحينَ أَفاضَ الناسُ مِن عَرَفاتِ
2 وَلَم تُنسِنيكَ البيضُ بِالخيفِ مِن مِنىً * وَقَد رُمنَ أرسالًا إِلى الجَمَراتِ
3 فَطَوَّفنَ بِالبَيتِ العَتيقِ لَيالِيًا * وَزُرنَ فِناءَ البَيتِ وَالعَرَصاتِ
4 كَأَنَّ الدُمى أُشرِبنَ دِرعا أَوانِس * بدونَ لَنا في القَزِّ وَالحَبَراتِ
5 يَغيبُ الدُجى ما لَم يَغِبنَ وَيَختَفي * إِذا كُنَّ مِنهُ الدَهر مُختَفِياتِ
6 جَمَعنَ جَمالًا في كَمال مُبَرِّز * وَسَددنَ سُلطانًا عَلى النَظَراتِ
7 فَزَوَّدَني شَوقًا إِلَيك وَحَسرَةً * عَلَيك إِلى ما بي مِنَ الحَسَراتِ
8 ذَهَبت بِديباجِ الجَمالِ وَوَشيِهِ * وَصِرنَ بِما خَلَّفت مُحتَفِياتِ
9 تَطاوَلَ لَيلي بِالحِجازِ وَلَم أَزَل * وَلَيلي قَصيرٌ آمِنُ الغَدَواتِ
10 فَيا حَبَّذا بَرُّ العِراقِ وَبَحرها * وَما يُجتَنى فيهِ مِنَ الثَمَراتِ
11 كَفى حَزَنًا ما تَحمِلُ الأَرضُ دونَها * لَنا مِن ذرى الأَجبالِ وَالفَلَواتِ
12 أَبا مَريَم قيلوا بِعسفانَ ساعَةً * وَروحوا عَلى اسمِ اللَهِ وَالبَرَكاتِ
13 وَمُرّوا عَلى قَبرِ النَبِيِّ وَأَكثِروا * عَلَيهِ مِنَ التَسليمِ وَالصَلواتِ
14 وَتِلقاء مجدٍ فَاستَحِثّوا رِكابَكُمْ * وَلا تَغفلوا فَالحَبس في الغَفَلاتِ
15 إِذا الغَمَراتُ استَقبَلَتنا وَأَمعَنَت * فَفي خَوفِها المَنجى مِنَ الغَمَراتِ
16 تَجاهَلَ عَبدُ اللَهِ وَالعِلمُ ظَنهُ * عَلى عالمٍ بِالمَرءِ ذي الجَهَلاتِ
17 أَلَستُ الخَليعَ الجامِحَ الرَأس وَالَّذي * يَرُدُّ الصبا عودًا عَلى البَدَآتِ
18 وَمازالَ لي إِلفًا وَأُنسًا وَصاحِبًا * أَخًا دونَ إِخواني وَأَهل ثِقاتي
19 تَناجَت بِما في قَلبِهِ عَصَبِيَّةٌ * يَمُرُّ لَها حر عَلى اللهَواتِ
20 نَديمُ مُلوكٍ يَحمِلونَ تَذَلُّلي * حَنينًا إِلى الفِتيانِ وَالفَتَياتِ
21 مَتى تَشتَمِل بَكرٌ عَلَيَّ بدارها * أَبت واثِقًا بِالجودِ والنجداتِ
22 وَفي أسدٍ وَالنِّمر أَبناء قاسِطٍ * أَمانٌ مِنَ الأَيّامِ وَالغيَراتِ
23 وَإِنَّ ذَوي الإِقدامِ وَالصَبرِ وَالنُهى * لإخوانِنا ذُهلٌ عَلى اللزباتِ
24 وَإِن تَشتَمِل قَيسٌ عَلَيَّ وَتَغلِب * أَبِت واثِقًا بِالمالِ وَالثَرَواتِ
25 وَكَم مِن مَقامٍ في ضَبيعَة مَعمَرٍ * يُضافُ إِلى الأَشرافِ وَالسَرَواتِ
26 وَفي أَكلُب عِزّ تِلادٌ وَطارِفٌ * بعيد مِنَ التَقصيرِ وَالتَبراتِ
27 وَما الفَتكُ إِلا في رَبيعَةَ وَالغِنى * وَذَبّ عَنِ الأَحسابِ وَالحُرُماتِ
28 وَقادَ زِمامَ الجاهِلِيَّةِ مِنهُمُ * مَناجيبُ سَباقون في الجلباتِ
29 وَقادوا جُيوشًا أَولًا بَعدَ أَوَّل * أَقَرَّ لَها عادٍ بِكُثرِ أَداةِ
30 إذا زَفَّتِ الرِّيحُ الشتاءَ وَزَفَّها * وَلَفَّحَتِ الأَرواحَ بالشَّتَواتِ
31 مَفاتيحُ أَبوابِ النَدى بِأَكُفِّنا * فَسُؤالُنا يَدعونَ بِالشَهَواتِ
32 إِذا هَلَكَ البَكرِيُّ كانَ تُراثُهُ * سنانٌ وَسَيفٌ قاضِبُ الشَفَراتِ
33 وَلَم يدعوا مِن مالِ كِسرى وَجُندِهِ * عَلَى الأَرضِ شَيئًا بَعدَ طولِ بَياتِ
34 إِذا لَم يُسَلِّطنا القَضاءُ عَلى العِدا * منوا وَابتلوا مِن خَوفِنا بِخفاتِ
35 وَإِنَّ وَعيدَ الحَيِّ بَكرِ بنِ وائِلِ * إِلى المَوتِ يَرمي الروحَ بِالسَكَراتِ
36 وَمَن لَم تَكُن بَكرٌ لَهُ فَهوَ ضائِعٌ * إِذا الرَوعُ أَبدى أَسوق الخَفراتِ
37 إِذا عَدَّتِ الأَيّامُ بَكرَ بنَ وائِلِ * رَأَيت مَعَدًّا تَحتَها دَرَجاتِ
38 وَكُلُّ قَتيلٍ مِن رَبيعَةَ يَنتَمي * إِلى حَسَبٍ صَعبِ المَناكِبِ عاتِ
39 وَأَوَّلُ ما اختَطوا اليَمامَةَ وَاحتَوَوا * قُصورًا وَأَنهارًا خِلالَ نَباتِ
40 وَعاجَت عَلى البَحرَينِ مِنهُمْ عِصابَةٌ * حَمَتها بِأَعلامٍ لَها وَسِماتِ
41 وَهُمْ مَنَعوا ما بَينَ حُلوانَ غَيرَةً * إِلى الدَربِ دَربَ الرومِ ذي الشُرُفاتِ
42 وَأَما بَنو عيسى فَماه دِيارِهِمْ * إِلى ما حَوَت جَوٌّ مِنَ القَرَياتِ
43 بَنو حرَّة أَدَّت أُسودًا ضَوارِيًا * عَلى الحَربِ وَهابينَ لِلبَدَراتِ
44 عَلى أَعظم بِالرايحانِ وَدايهِ * مُقَدَّسَة تَحتَ التُرابِ رُفاتِ
45 قِفا وَاسأَلاها إِن أَجابَت وَجَرِّبا * أَبا دُلَفٍ في شَأنِها الحَسَناتِ
46 فَتىً ما أَقَلَّ السَيف وَالرُمح مُخرج * عداهُ مِنَ الدُنيا بِغَيرِ بَياتِ
47 هُوَ الفاضِلُ المَنصورُ وَالرايَةُ الَّتي * أَدارَت عَلى الأَعداءِ كَأسَ مَماتِ
48 أَذاقَ الرَدى جَلوَيهِ في خَيلِ فارِسٍ * وَنَصرًا فَصاروا أَعظُمًا نَخِراتِ
49 وَما اعتَوَرَت فُرسانُ قَحطان قَبلَهُ * عَلى أَحَدٍ في السِرِّ وَالجَهَراتِ
50 عَدَت خَيلُهُ حُمر النُحورِ وَخَيلُهُمْ * مُخَضَّبَةَ الأَكفالِ وَالرَبَلاتِ
51 وَصَبَّحَ صُبحًا عَسقَلان بِعَسكَر * بَكى مِنهُ أَهلُ الرومِ بِالعَبَراتِ
52 سَعى غَير وانٍ عَن عَقيلٍ وَما سَلا * وَلَم يَعدُ عَن حِرمان فَالسَلَواتِ
53 فَبَيَّتَهُمْ بِالنارِ حَتّى تَفَرَقوا * عَلى الحِصنِ بِالقَتلى أَشَدَّ بَياتِ
54 وَجاسَ تُخومات البِلادِ مُصَمِّمًا * عَلى أَهلِها بِالخَيلِ وَالغَزَواتِ
55 نَفى الكُرد عَن شَعبَي نَهاوَندَ بَعدَما * سَقى فَرض القُربان بِالرَفَقاتِ
56 وَأَورَدَ ماءُ البِئرِ بِالبيضِ فَارتَوَت * وَعَلَّ رِماحًا مِن دَم نَهِلاتِ
57 وَلَم يُثنِهِ عَن شَهرَزورَ مَصيفُها * وَوردُ أجاجِ الشربِ غَير فُراتِ
58 وَمِن هَمَذانَ قارَعَتهُ كَتيبَةٌ * فَآبَت بِطَيرِ النَحسِ وَالنَكَباتِ
59 وَبِالحرشانِ استَنزَلَ القَوم وَحدهُ * يخرونَ لِلأَذقانِ وَالجَبَهاتِ
60 وَلَم يَنج مِنهُ طالِبٌ قَبلَ طالِبِ * وَقَد أَوسَعا في الطَعنِ هاكٍ وَهاتِ
61 بِدينِ أَميرِ المُؤمِنينَ وَرَأيُهُ * نُدينُ وَنَنفي الشَكَّ وَالشُبُهاتِ
62 فَكُلُّ قَبيلٍ مِن مَعَدٍّ وَغَيرها * يَرى قاسمًا نورًا لَدى الظُلُماتِ
63 وَلَو لَم يَكُن مَوتٌ لَكانَ مَكانهُ * أَبو دُلَفٍ يَأتي عَلى النَسَماتِ
64 أَبا دُلَفٍ أوقعت عِشرينَ وَقعَةً * وَأَفنَيت أَهل الأَرضِ في السَنواتِ
65 تَرَكت طَريقَ المَوتِ بِالسَيفِ عامِرًا * تخرَّقهُ القَتلى بِغَيرِ وفاةِ
66 صَبَرت لأَنَّ الصَبرَ مِنكَ سَجِيَّةٌ * عَلى غَدَراتِ الدَهرِ ذي الغَدَراتِ
67 إِلى أَن رَفَعت السَيفَ وَالرُمحَ بَعدَما * سَمَوت فَنِلت النَجمَ بِالسَمَواتِ
68 وَلَبَّيتَ هارونَ الخَليفَةَ إِذ دَعا * فَأَلفَيتهُ في اللَّهِ خَير مُواتِ
69 فَأَمَّنتَ سِربًا خائِفًا وَرَدَدتَهُ * وَأَلَّفتَ عِجلًا بَعدَ طولِ شَتاتِ
70 أَعَدتَ اللَحا فَوقَ العَصا فَجَمَعتَها * وَقَد صَيَّروا عُجمَ العَصا عَبَراتِ
71 وَأَلبَستَ نُعماكَ الفَقيرَ وَغَيرَهُ * وَأَتبَعتَ بِرًّا واصِلًا بِصِلاتِ
72 فَعِزُّكَ مَقرونٌ بِعِلمٍ وَسُؤددٍ * وُجودُكَ مَقرونٌ بِصدقِ عِداتِ
73 وَما افتَقَدَت مِنكَ القَبائِلُ ساعَةً * جَوادًا يبدّ الريحَ حِلفَ هِباتِ
74 وَما لَكَ في الدُنيا نَظيرٌ إِذا جَرَوا * وَطالَ مَدى الغاياتِ وَالغَلَواتِ
75 إِذا ظَلَّلَتنا مِنكَ بِالخَيرِ نِعمَةٌ * جَعَلتَ لَها أَمثالَها أَخَواتِ
76 بَسَطتَ الغِنى وَالفَتكَ وَالخَيرَ وَالنَدى * بِشِدَّةِ إِقدامٍ وَحُسنِ أناةِ
77 أَبو دُلَفٍ أَفنى صِفاتي مَديحُهُ * وَإِنّي لَيَكفي الناسَ بَعضُ صِفاتي
78 بِهِ ارتَدَّ مُلكٌ كادَ يودي وَأسبِغَت * عَلى آلِ عيسى أَفضَلُ النعَماتِ
79 بَنى قاسِمٌ مَجدًا رَفيعًا بيوته * وَشادَ بُيوتَ المَجدِ بِالعَزَماتِ
80 وَأَشبَهَ عيسى في نَداهُ وَبَأسِه * وَفي حُبِّهِ الأَفضالَ وَالصَدَقاتِ
81 وَأشبَهَ إِدريس الَّذي حَدُّ سَيفِهِ * تشبُّ بِهِ النيران في الفَلَواتِ
82 كَأَنَّ جِيادَ المَعقِلِيّينَ في الوَغى * جَهَنَّمُ ذات الغَيظِ وَالزَفَراتِ
83 أَبوهُ عُمَيرٌ قادَ أَبناءَ وائِلٍ * إِلى العِزِّ وَالكَشّاف لِلكُرُباتِ
84 بَنو دُلَفٍ بِالفَضلِ أَولى لِأَنَّهُم * مَعادِنُ أَيقان بِما هُوَ آتِ
85 كَأَنَّ غَمامَ العِزِّ حَشوُ أَكُفِّهِمْ * إِذا طَبقَ الآفاق بِالدِيماتِ
86 إِذا زُرتَهُمْ في كُلِّ عامٍ تَباشَروا * وَلَم يغفَلوا الأَلطافَ والنفحاتِ
87 فَكَم أَصلَحوا حالي وَأَسنَوا جَوائِزي * وَأَجرَوا عَلَيَّ البَذلَ وَالنَفَقاتِ
88 وَإِنّي عَلى ما في يَدي مِن حِبائِهِم * كَمَعنٍ وَمِثلي طَلحَةُ الطَلحاتِ
89 فَمُنيَةُ قَومي أَن أُخَلَّدَ فيهِم * وَمُنيَةُ أَعدائي نَفادُ حَياتي
90 أَنا الشاعِرُ المُملي عَلى أَلفِ كاتِبٍ * وَيَسبِق إِملائِي سَريعَ فُراتِ
91 فَأُبدي وَلا أروي لِخَلقِ قَصيدَةٍ * وَأحسَبُ إِبليسًا لِحُسنِ رواتي

بيانات القصيدة

ملحوظة

عن طبقات ابن المعتز (220-226)

الصفحات

1 - الأبيات (1-7) في صفحة (223)،
2 - الأبيات (8-18) في صفحة (224)،
3 - الأبيات (19-28) في صفحة (225)،
4 - الأبيات (29-39) في صفحة (226)،
5 - الأبيات (40-50) في صفحة (227)،
6 - الأبيات (51-61) في صفحة (228)،
7 - الأبيات (62-72) في صفحة (229)،
8 - الأبيات (73-83) في صفحة (230)،
9 - الأبيات (84-90) في صفحة (231)،

الرابط المختصر