قال الحسن البصري رحمه الله :
يا ابنَ آدمَ، بِعْ دنياك بآخرتكَ تَرْبَحْهُما جميعًا، ولا تَبِعْ آخرتَك بدُنياكَ فَتَخْسَرْهما جميعًا.
يا ابنَ آدمَ إذا رأيتَ الناسَ في الخيرِ فَنَافِسْهُم فيه، وإذا رأيتَهم في الشّرِّ فلا تَغْبِطْهم عليه.
الثَّواءُ ها هنا قَليلٌ والبَقَاءُ هناكَ طَوِيلٌ.
أُمَّتُكم آخِرُ الأممِ، وأنتم آخِرُ أُمَّتكم، وقد أُسْرِعَ بِخِيارِكم فماذا تنتظرون؟!
المعاينةَ فكأَنْ قَدْ، هيهاتَ هيهاتَ ذهَبَت الدّنيا بِحَالِيها، وَبَقِيت الأعمالُ قَلائِدَ في أعناقِ بني آدمَ، فيا لها مَوْعِظةً لو وَافَقَت مِن القلوبِ حَياةً.
أَمَا إِنَّه واللهِ لا أُمَّةَ بعدَ أُمَّتِكم ولا نَبِيَّ بعد نَبِيِّكم، ولا كتابَ بعدَ كتابكم، أنتم تَسوقونَ النَّاسَ والساعةُ تَسُوقُكم ؛وإنما يُنْتَظَرُ بأوَّلِكم أَنْ يَلْحَقَهُ آخِرُكم.
مَن رأى محمدًا فقد رآه غاديَا ورائحًا، لم يَضَعْ لَبِنَةً على لَبِنَةٍ، ولا قَصَبَةً على قَصَبَةٍ، رُفِعَ له عِلْمٌ فَشَمَّرَ إليه فالوَحْاءَ الوَحْاءَ، والنَّجَاءَ النَّجَاءَ.
عَلامَ تُعَرِّجونَ؟! أُتِيتُم ورَبِّ الكعبةِ، قد أُسْرِعَ بِخِيارِكم وأنتم كلَّ يومٍ تُرْذَلونَ، فماذا تنتظرون؟!
إِنَّ الله -تباركَ وتعالى- بَعَثَ محمدًا -عليه الصلاةُ والسلامُ- على عِلْمٍ منه، اختارَهُ لنفسِهِ، وَبَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، وأَنْزَلَ عليه كِتَابَهُ، وكان صَفْوَتَهُ مِن خَلْقِهِ، وَرَسولَه إلى عبادِه، ثم وَضَعَه مِن الدّنيا مَوْضِعًا ينظرُ إليه أهلُ الأرضِ، وآتاه مِنها قُوتًا وبُلْغَةً.
ثم قال : { لقد كان لكم في رسولِ اللهِ أسوةٌ حَسَنَةٌ } فَرَغِبَ أَقْوَامٌ عَن عَيْشِهِ وسَخِطُوا ما رَضِيَ لَهُ رَبُّهُ، فَأَبْعَدَهم اللهُ، وَأَسْحَقَهم.
يا ابنَ آدمَ، طَإِ الأرضَ بقدمِك؛ فإِنَّها عن قليلٍ قَبْرُك، واعلمْ أَنَّك لم تَزَلْ في هَدْمِ عُمُرِكَ منذ سَقَطْتَ مِن بَطْنِ أُمِّكَ، رَحِمَ اللهُ رجلاً نَظَرَ فَتَفَكَّرَ، وَتَفَكَّرَ فَاعْتَبَرَ، وَأَبْصَرَ فَصَبَرَ، فقد أَبْصَرَ أَقوامٌ ولم يَصْبِرُوا فَذَهَب الجَزَعُ بقلوبِهم ولم يُدْرِكُوا ما طَلَبُوا ولم يَرْجِعُوا إلى ما فَارَقُوا.
يا ابنَ آدمَ، اذْكُرْ قَوَلَه { وكلَّ إنسانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ في عُنُقِهِ ونُخْرِجُ لَهُ يومَ القَيَامَةِ كتابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرِأَ كتابَك كَفَى بنفسِكَ اليومَ عليكَ حَسِيبًا }
عَدَلَ واللهِ عليكَ مَن جَعَلَكَ حَسِيبَ نَفْسِك، خُذُوا صَفَا الدّنيا وذَرُوا كَدَرَها فليس الصَّفْوُ ما عادَ كَدَرًا، ولا الكَدَرُ ما عادَ صَفْوا.
دَعُوا ما يَرِيبكم إلى ما لا يَرِيبكم، ظَهَرَ الجَفَاءُ وقَلَّتِ العُلماءُ، وعَفَتِ السُّنَّةُ، وشَاعَتِ البِدْعَةُ؛ لقد صَحِبْتُ أقوامًا ما كانت صُحْبَتُهم إلا قُرَّةَ العينِ، وجلاءَ الصدورِ.
ولقد رأيتَ أقوامًا كانوا مِن حَسَنَاتِهم أَنْ تَرِدَ عليهم أَشْفَقَ منكم مِن سَيِّئَاتِكم أَنْ تُعَذَّبُوا عليها، وكانوا فيما أحلَّ اللهُ لهم مِن الدّنيا أَزْهَدَ منكم فيما حَرَّمَ اللهُ عليكم منها، ما لي أَسْمَعُ حَسِيسًا ولا أرى أَنِيسًا، ذَهَبَ النّاسُ وَبَقِيَ النِّسْنَاسُ، لو تَكَاشَفُتم ما تَدَافَنْتُم، تَهَادَيْتم الأطباقَ ولم تَتَهَادَوا النَّصَائِحَ. قال ابنُ الخطابِ : رَحِمَ اللهُ امرأً أَهْدَى إلينا مَسَاوِئِنَا.
أَعِدُّوا الجوابَ؛ فإِنَّكم مَسؤولون، المؤمنُ مَن لم يَأْخُذْ دينَه عن رَأْيِهِ؛ ولكنَّه أَخَذَه مِن قِبَلِ رَبِّه. إِنَّ هذا الحَقَّ قد جَهَدَ أَهْلَهُ، وحال بينَهم وبينَ شَهَواتِهم، وما يَصْبِرُ عليه إلا مَن عَرَفَ فَضْلَهُ وَرَجَا عَاقِبَتَهُ، فَمَنْ حَمِدَ الدّنيا ذَمَّ الآخِرَةَ وليس يَكْرَهُ لِقَاءِ اللهِ إِلا مُقِيمٌ على سَخَطِه.
يا ابنَ آدمَ، الإيمانُ ليس بالتَّحَلِّي ولا بالتَّمَنِّي؛ ولكنَّه ما وَقَرَ في القلوبِ، وصَدَّقَه العَمَلُ.
يا ابنَ آدمَ، بِعْ دنياك بآخرتكَ تَرْبَحْهُما جميعًا، ولا تَبِعْ آخرتَك بدُنياكَ فَتَخْسَرْهما جميعًا.
يا ابنَ آدمَ إذا رأيتَ الناسَ في الخيرِ فَنَافِسْهُم فيه، وإذا رأيتَهم في الشّرِّ فلا تَغْبِطْهم عليه.
الثَّواءُ ها هنا قَليلٌ والبَقَاءُ هناكَ طَوِيلٌ.
أُمَّتُكم آخِرُ الأممِ، وأنتم آخِرُ أُمَّتكم، وقد أُسْرِعَ بِخِيارِكم فماذا تنتظرون؟!
المعاينةَ فكأَنْ قَدْ، هيهاتَ هيهاتَ ذهَبَت الدّنيا بِحَالِيها، وَبَقِيت الأعمالُ قَلائِدَ في أعناقِ بني آدمَ، فيا لها مَوْعِظةً لو وَافَقَت مِن القلوبِ حَياةً.
أَمَا إِنَّه واللهِ لا أُمَّةَ بعدَ أُمَّتِكم ولا نَبِيَّ بعد نَبِيِّكم، ولا كتابَ بعدَ كتابكم، أنتم تَسوقونَ النَّاسَ والساعةُ تَسُوقُكم ؛وإنما يُنْتَظَرُ بأوَّلِكم أَنْ يَلْحَقَهُ آخِرُكم.
مَن رأى محمدًا فقد رآه غاديَا ورائحًا، لم يَضَعْ لَبِنَةً على لَبِنَةٍ، ولا قَصَبَةً على قَصَبَةٍ، رُفِعَ له عِلْمٌ فَشَمَّرَ إليه فالوَحْاءَ الوَحْاءَ، والنَّجَاءَ النَّجَاءَ.
عَلامَ تُعَرِّجونَ؟! أُتِيتُم ورَبِّ الكعبةِ، قد أُسْرِعَ بِخِيارِكم وأنتم كلَّ يومٍ تُرْذَلونَ، فماذا تنتظرون؟!
إِنَّ الله -تباركَ وتعالى- بَعَثَ محمدًا -عليه الصلاةُ والسلامُ- على عِلْمٍ منه، اختارَهُ لنفسِهِ، وَبَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، وأَنْزَلَ عليه كِتَابَهُ، وكان صَفْوَتَهُ مِن خَلْقِهِ، وَرَسولَه إلى عبادِه، ثم وَضَعَه مِن الدّنيا مَوْضِعًا ينظرُ إليه أهلُ الأرضِ، وآتاه مِنها قُوتًا وبُلْغَةً.
ثم قال : { لقد كان لكم في رسولِ اللهِ أسوةٌ حَسَنَةٌ } فَرَغِبَ أَقْوَامٌ عَن عَيْشِهِ وسَخِطُوا ما رَضِيَ لَهُ رَبُّهُ، فَأَبْعَدَهم اللهُ، وَأَسْحَقَهم.
يا ابنَ آدمَ، طَإِ الأرضَ بقدمِك؛ فإِنَّها عن قليلٍ قَبْرُك، واعلمْ أَنَّك لم تَزَلْ في هَدْمِ عُمُرِكَ منذ سَقَطْتَ مِن بَطْنِ أُمِّكَ، رَحِمَ اللهُ رجلاً نَظَرَ فَتَفَكَّرَ، وَتَفَكَّرَ فَاعْتَبَرَ، وَأَبْصَرَ فَصَبَرَ، فقد أَبْصَرَ أَقوامٌ ولم يَصْبِرُوا فَذَهَب الجَزَعُ بقلوبِهم ولم يُدْرِكُوا ما طَلَبُوا ولم يَرْجِعُوا إلى ما فَارَقُوا.
يا ابنَ آدمَ، اذْكُرْ قَوَلَه { وكلَّ إنسانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ في عُنُقِهِ ونُخْرِجُ لَهُ يومَ القَيَامَةِ كتابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرِأَ كتابَك كَفَى بنفسِكَ اليومَ عليكَ حَسِيبًا }
عَدَلَ واللهِ عليكَ مَن جَعَلَكَ حَسِيبَ نَفْسِك، خُذُوا صَفَا الدّنيا وذَرُوا كَدَرَها فليس الصَّفْوُ ما عادَ كَدَرًا، ولا الكَدَرُ ما عادَ صَفْوا.
دَعُوا ما يَرِيبكم إلى ما لا يَرِيبكم، ظَهَرَ الجَفَاءُ وقَلَّتِ العُلماءُ، وعَفَتِ السُّنَّةُ، وشَاعَتِ البِدْعَةُ؛ لقد صَحِبْتُ أقوامًا ما كانت صُحْبَتُهم إلا قُرَّةَ العينِ، وجلاءَ الصدورِ.
ولقد رأيتَ أقوامًا كانوا مِن حَسَنَاتِهم أَنْ تَرِدَ عليهم أَشْفَقَ منكم مِن سَيِّئَاتِكم أَنْ تُعَذَّبُوا عليها، وكانوا فيما أحلَّ اللهُ لهم مِن الدّنيا أَزْهَدَ منكم فيما حَرَّمَ اللهُ عليكم منها، ما لي أَسْمَعُ حَسِيسًا ولا أرى أَنِيسًا، ذَهَبَ النّاسُ وَبَقِيَ النِّسْنَاسُ، لو تَكَاشَفُتم ما تَدَافَنْتُم، تَهَادَيْتم الأطباقَ ولم تَتَهَادَوا النَّصَائِحَ. قال ابنُ الخطابِ : رَحِمَ اللهُ امرأً أَهْدَى إلينا مَسَاوِئِنَا.
أَعِدُّوا الجوابَ؛ فإِنَّكم مَسؤولون، المؤمنُ مَن لم يَأْخُذْ دينَه عن رَأْيِهِ؛ ولكنَّه أَخَذَه مِن قِبَلِ رَبِّه. إِنَّ هذا الحَقَّ قد جَهَدَ أَهْلَهُ، وحال بينَهم وبينَ شَهَواتِهم، وما يَصْبِرُ عليه إلا مَن عَرَفَ فَضْلَهُ وَرَجَا عَاقِبَتَهُ، فَمَنْ حَمِدَ الدّنيا ذَمَّ الآخِرَةَ وليس يَكْرَهُ لِقَاءِ اللهِ إِلا مُقِيمٌ على سَخَطِه.
يا ابنَ آدمَ، الإيمانُ ليس بالتَّحَلِّي ولا بالتَّمَنِّي؛ ولكنَّه ما وَقَرَ في القلوبِ، وصَدَّقَه العَمَلُ.