وأحضر النَّضِرُ بنُ عمرٍو وكان واليًا على البصرةِ الحسنَ البصريَّ يومًا، فقال :
يا أبا سعيدٍ، إِنَّ اللهَ -عز وجل- خلقَ الدّنيا وما فيها مِن رِيَاشِها، وَبَهْجَتِها، وزينتها لِعِبَادِه، وقال -عَزَّ وَجَلَّ- {كُلُوا وَاشْرَبُوا ولا تُسْرِفُوا إِنَّه لا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ }. وقال -عَزَّ مِن قَائِلٍ- { قُلْ مَن حَرَّمَ زِينةَ الله التي أَخْرَجَ لِعِبَادِه وَالطَّيباتِ مِن الرِّزقِ قُلْ هي للذين آمنوا في الحياةِ الدّنيا }.
فقال الحسنُ:
أَيُّها الرجلُ، اتَّقِ اللهَ في نَفْسِك، وإِيَّاك والأماني التي تَرَجَّحْتَ فيها، فَتَهْلِكَ؛ إِنَّ أحدًا لم يُعْطَ خيرًا مِن خيرِ الدّنيا ولا مِن خيرِ الآخرةِ بِأُمْنِيَّتِهِ؛ وإنما هي دَارَانِ مَن عَمِلَ في هذه أَدْرَكَ تلك، ونالَ في هذه ما قُدِّرَ له منها، ومَن أَهْمَلَ نَفْسَه خَسِرَهما جميعًا.
إِنَّ اللهَ -سبحانَه- اختارَ محمدًا لنفسِه، وبَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَجَعَلَهُ رسولاً إلى كافَّةِ خَلْقِهِ، وَأَنْزَلَ عليه كِتابًا مُهَيْمِنًا، وَحَدَّ له في الدّنيا حُدُودًا، وجَعَلَ له فيها أَجَلاً، ثم قال -عَزَّ وجلَّ- { لقد كانَ لكم في رسولِ اللهِ أسوةٌ حسنةٌ }. وَأَمَرَنَا أَنْ نَأْخُذَ بأمرِه، ونهتديَ بِهَدْيِه، وأَنْ نَسْلُكَ طريقتَه، ونعملَ بِسُنَّتِهِ، فما بَلَغْنَا إليه فَبِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ، وما قَصُرْنَا عنه فَعَلِينا أَنْ نَسْتَعِين ونستغفرَ؛ فذلك بابُ مَخْرَجِنا.
فَأَمَّا الأمَانِي فلا خيرَ فيها، ولا في أَحَدٍ مِن أهلِها.
فقال النضرُ :
واللهِ يا أبا سعيد، إِنَّا على ما فينا لَنُحِبُّ رَبَّنا.
فقال الحسنُ :
لقد قال ذلك قومٌ على عهدِ رسولِ اللهِ فأنزلَ اللهُ -تعالى- عليه { قُلْ إِنْ كنتم تحبون اللهَ فاتّبعوني يحببكم الله } فجعل -سبحانَه- اتِّباعَه عَلَمًا للمحبةِ وأَكْذَبَ مَن خَالَفَ ذلك، فَاتَّقِ اللهَ أيُّها الرجلُ في نفسِك، وايم اللهِ لقد رأيتُ أقوامًا كانوا قبلَك في مكانِك يعلونَ المنابرِ، وتَهْتَزُّ لهم المراكبُ، ويَجُرُّون الذّيولَ بَطَرًا ورياءَ الناسِ، يَبْنُونَ المَدَرَ، ويُؤْثِرون الأَثَرَ، ويَتَنَافَسونَ في الثِّيابِ؛ أُخْرِجوا مِن سلطانِهم، وسُلِبُوا ما جَمَعَوا مِن دُنياهم، وقَدِمُوا على رَبِّهم، ونَزَلُوا على أعمالِهم، فالويلُ لهم يومَ التَّغابُنِ، ويا ويْحَهم { يومَ يَفِرُّ المرءُ مِن أخيه وأمِّه وأبيه وصاحِبَتِه وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأنُ يُغْنِيه }.
يا أبا سعيدٍ، إِنَّ اللهَ -عز وجل- خلقَ الدّنيا وما فيها مِن رِيَاشِها، وَبَهْجَتِها، وزينتها لِعِبَادِه، وقال -عَزَّ وَجَلَّ- {كُلُوا وَاشْرَبُوا ولا تُسْرِفُوا إِنَّه لا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ }. وقال -عَزَّ مِن قَائِلٍ- { قُلْ مَن حَرَّمَ زِينةَ الله التي أَخْرَجَ لِعِبَادِه وَالطَّيباتِ مِن الرِّزقِ قُلْ هي للذين آمنوا في الحياةِ الدّنيا }.
فقال الحسنُ:
أَيُّها الرجلُ، اتَّقِ اللهَ في نَفْسِك، وإِيَّاك والأماني التي تَرَجَّحْتَ فيها، فَتَهْلِكَ؛ إِنَّ أحدًا لم يُعْطَ خيرًا مِن خيرِ الدّنيا ولا مِن خيرِ الآخرةِ بِأُمْنِيَّتِهِ؛ وإنما هي دَارَانِ مَن عَمِلَ في هذه أَدْرَكَ تلك، ونالَ في هذه ما قُدِّرَ له منها، ومَن أَهْمَلَ نَفْسَه خَسِرَهما جميعًا.
إِنَّ اللهَ -سبحانَه- اختارَ محمدًا لنفسِه، وبَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَجَعَلَهُ رسولاً إلى كافَّةِ خَلْقِهِ، وَأَنْزَلَ عليه كِتابًا مُهَيْمِنًا، وَحَدَّ له في الدّنيا حُدُودًا، وجَعَلَ له فيها أَجَلاً، ثم قال -عَزَّ وجلَّ- { لقد كانَ لكم في رسولِ اللهِ أسوةٌ حسنةٌ }. وَأَمَرَنَا أَنْ نَأْخُذَ بأمرِه، ونهتديَ بِهَدْيِه، وأَنْ نَسْلُكَ طريقتَه، ونعملَ بِسُنَّتِهِ، فما بَلَغْنَا إليه فَبِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ، وما قَصُرْنَا عنه فَعَلِينا أَنْ نَسْتَعِين ونستغفرَ؛ فذلك بابُ مَخْرَجِنا.
فَأَمَّا الأمَانِي فلا خيرَ فيها، ولا في أَحَدٍ مِن أهلِها.
فقال النضرُ :
واللهِ يا أبا سعيد، إِنَّا على ما فينا لَنُحِبُّ رَبَّنا.
فقال الحسنُ :
لقد قال ذلك قومٌ على عهدِ رسولِ اللهِ فأنزلَ اللهُ -تعالى- عليه { قُلْ إِنْ كنتم تحبون اللهَ فاتّبعوني يحببكم الله } فجعل -سبحانَه- اتِّباعَه عَلَمًا للمحبةِ وأَكْذَبَ مَن خَالَفَ ذلك، فَاتَّقِ اللهَ أيُّها الرجلُ في نفسِك، وايم اللهِ لقد رأيتُ أقوامًا كانوا قبلَك في مكانِك يعلونَ المنابرِ، وتَهْتَزُّ لهم المراكبُ، ويَجُرُّون الذّيولَ بَطَرًا ورياءَ الناسِ، يَبْنُونَ المَدَرَ، ويُؤْثِرون الأَثَرَ، ويَتَنَافَسونَ في الثِّيابِ؛ أُخْرِجوا مِن سلطانِهم، وسُلِبُوا ما جَمَعَوا مِن دُنياهم، وقَدِمُوا على رَبِّهم، ونَزَلُوا على أعمالِهم، فالويلُ لهم يومَ التَّغابُنِ، ويا ويْحَهم { يومَ يَفِرُّ المرءُ مِن أخيه وأمِّه وأبيه وصاحِبَتِه وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأنُ يُغْنِيه }.