وهوَ مَثَلٌ يُقَالُ في الشَّيْءِ المُمْتَـهَن، حِيْنَ يَـحُوْزُهُ الرَّعَاعُ بلا ثَمَن، والدَّالُ حَرْفٌ مُـخْتَصَر، يَدُلُّ عَلَى عِلْمٍ وأَثَر، وحامِلُهُ حَاصِلٌ عَلَى الدُّكْتُوْرَاه، بَعْدَ أنْ أَفْنَى في تَـحْصِيْلِها صِبَاه.
وأَصْلُ المَثَلِ أنَّ رَجُلاً جَدَّ في تَـحْصِيْلِه، ورَضِيَ مِنَ العَيْشِ بِقَلِيْلِه، فعُيِّنَ في جَامِعَتِهِ مُعِيْدا، وسَلَكَ في العِلْمِ دَرْباً مَدِيْدا، وقَنِعَ مِنَ المَالِ بِالنَّـزْر، وفازَ أَتْرَابُهُ بِجَزْلِ الأَجْر، وبَقِيَ عَلَى حَالَتِه، يَعْمَلُ في رِسَالَتِه، ويُنْجِزُ مَرْحَلَةً تِلْوَ مَرْحَلَة، حَتَّى وَصَلَ لِـمَا سَارَ لَه، بَعْدَ سِنِيْنَ عِجَاف، رَضِيَ فِيها بِالكَفَاف.
وحينَ ذاقَ الوَبَال، وأَصْبَحَ ذَا دَال، سَمِعَ عَنْ أُناسٍ تَدَكْتَـرَت، وفي حَلْبَةِ الزَّهْوِ تَـبَخْتَـرَت، ونَالَتْ مِنَ الشَّهَادَةِ مُنَاها، بَيْنَ عَشِيَّةٍ وضُحَاها، فسَأَلَ عَنِ الـحَاصِل، فأُخْبِرَ بالمَهَازِل، واتَّضَحَ لهُ أَنَّ تِلْكَ الفِئة، حَصَلَتْ عَلَى مِئةٍ مِنْ مِئة، وتَقْدِيْرُهُمْ مِنْ قَبْلُ مَقْبُوْل، ولا تَـكَادُ تَرْقَى بِـهِمْ عُقُوْل، وأَنَّ جِهَاتِـهِمُ المَانِحَة، عَقَدَتْ مَعَهُمْ صَفْقَةً رَابِحَة، وحَلُّوا كِيْسَهُمُ المَرْبُوْط، فقُبِلُوا بلا شُرُوْط.
فزَفَرَ صَاحِبُنا وشَهَق، وقَرَّبَ اليَـرَاعَ والوَرَق، ثُمَّ اسْتَلْهَمَ مُعَانَاتَهُ واسْتَحْضَر، وكَتَبَ بَعْدَما اسْتَعْبَر:
ثَمَانِ سِنِيْنَ اقْتَدْتُ فِيْهَا مَطَامِـحِي *** وَكُنْتُ بِـهَا في أَسْوأِ الـحَالِ وَالبَالِ
أُصَرْصِرُ أَقْلامي وَأَحْشُو دَفَاتِرِي *** وَأَسْهَرُ حَتَّى يَسْأَلَ النَّجْمُ عَنْ حَالي
أَخُطُّ وَأَمْـحُو، ثُمَّ أُطْرِقُ مُتْعَباً *** وَأَنْهَضُ وَالإعْيَاءُ يُنْهِكُ أَوْصَالي
أُرَاسِلُ مُهْتَـمّاً، وَأَسْأَلُ عَالِـماً *** وَأَبْذِلُ في نَيْلِ المَرَاجِعِ أَمْوَالي
إذا أَبْصَرَتْ أُمِّي عَنَائي تَـحَسَّرَتْ *** وَقَالَتْ: شَفَاكَ اللهُ يا وَلَدي الغَالي
وإنْ أَبْصَرَتْني زَوْجَتِي صَرَخَتْ أَسىً *** وَقَالَتْ: إلامَ العَيْشُ مِنْ دُوْنِ أَطْفَالِ؟
فأُعْرِضُ عَنْ هَذِي وَتِلْكَ، وأَنْثَنِي *** أُسَطِّرُ أَحْلامي، وَأَرْسِمُ آمَالي
إلى أَنْ تَـرَاءَى لِي المُرَادُ، وَطَابَ لِي *** قِطَافٌ أَرَانِي الوَيْلَ حَتَّى تَسَنَّى لي
فَلَـمَّا تَدَكْتَـرْتُ انْفَجَعْتُ بِثُلَّةٍ *** أَبَاحَتْ حِمَى التَّعْلِيْمِ في حِصْنِهِ العَالي
أَغَارُوا عَلَى الدَّالاتِ كَالقَمْلِ حِيْنَمَـا *** يُغِيْرُ عَلَى المَجْرُوْبِ في غَفْلَةِ الفَالي
وَفَـتَّحَتِ الآمَالُ أَبْوَابَـهَا لَـهُمْ *** وَلا عَجَبٌ! فَالمَالُ فَـتَّاحُ أَقْفَالِ
تَدَاعَوْا، ولَـمْ يَثْنُوا إلى الدَّرْسِ رُكْبَةً *** وَمَا قَرَؤوا إلا رَسَائلَ جَوَّالِ
وَنَالُوا مُنَاهُمْ في لَيَالٍ سَرِيْعَةٍ *** كَأَنَّـهُمُ مِنْ حَلْبَةِ السَّبْقِ في (رَالي)
وَتَاهُوا، فَإنْ نَادَيْتَهُمْ دُوْنَ دَالِـهِمْ *** رَمَوْكَ بِطَرْفِ المُسْتَقِلِّ لَكَ القَالي!
فَقُلْتُ: وَرَبِّي لا رَفَعْتُ شَهَادَةً *** يُبَاهِي بِـهَا في النَّاسِ مَنْ عَقْلُهُ خَالي
خُذُوْهَا وَأَعْطُونِي سِنِيْنِي التي مَضَتْ *** ورُدُّوا عَلَيَّ الجَهْلَ.. إنِّي لَـهَا سَالي
مِنَ العَارِ أنْ تَأْوِي إلى الوَكْرِ قَمْلَةٌ *** وَيَقْبَعَ صَقْرٌ فَوْقَ هَامَةِ مِتْفَالِ
فَلا شَيْءَ أَسْمَى مِنْ إبَاءٍ مُـمَنَّعٍ *** وَأَهْوَنُ مِنْ قَمْلٍ، وَأَرْخَصُ مِنْ دَالِ
وأَصْلُ المَثَلِ أنَّ رَجُلاً جَدَّ في تَـحْصِيْلِه، ورَضِيَ مِنَ العَيْشِ بِقَلِيْلِه، فعُيِّنَ في جَامِعَتِهِ مُعِيْدا، وسَلَكَ في العِلْمِ دَرْباً مَدِيْدا، وقَنِعَ مِنَ المَالِ بِالنَّـزْر، وفازَ أَتْرَابُهُ بِجَزْلِ الأَجْر، وبَقِيَ عَلَى حَالَتِه، يَعْمَلُ في رِسَالَتِه، ويُنْجِزُ مَرْحَلَةً تِلْوَ مَرْحَلَة، حَتَّى وَصَلَ لِـمَا سَارَ لَه، بَعْدَ سِنِيْنَ عِجَاف، رَضِيَ فِيها بِالكَفَاف.
وحينَ ذاقَ الوَبَال، وأَصْبَحَ ذَا دَال، سَمِعَ عَنْ أُناسٍ تَدَكْتَـرَت، وفي حَلْبَةِ الزَّهْوِ تَـبَخْتَـرَت، ونَالَتْ مِنَ الشَّهَادَةِ مُنَاها، بَيْنَ عَشِيَّةٍ وضُحَاها، فسَأَلَ عَنِ الـحَاصِل، فأُخْبِرَ بالمَهَازِل، واتَّضَحَ لهُ أَنَّ تِلْكَ الفِئة، حَصَلَتْ عَلَى مِئةٍ مِنْ مِئة، وتَقْدِيْرُهُمْ مِنْ قَبْلُ مَقْبُوْل، ولا تَـكَادُ تَرْقَى بِـهِمْ عُقُوْل، وأَنَّ جِهَاتِـهِمُ المَانِحَة، عَقَدَتْ مَعَهُمْ صَفْقَةً رَابِحَة، وحَلُّوا كِيْسَهُمُ المَرْبُوْط، فقُبِلُوا بلا شُرُوْط.
فزَفَرَ صَاحِبُنا وشَهَق، وقَرَّبَ اليَـرَاعَ والوَرَق، ثُمَّ اسْتَلْهَمَ مُعَانَاتَهُ واسْتَحْضَر، وكَتَبَ بَعْدَما اسْتَعْبَر:
ثَمَانِ سِنِيْنَ اقْتَدْتُ فِيْهَا مَطَامِـحِي *** وَكُنْتُ بِـهَا في أَسْوأِ الـحَالِ وَالبَالِ
أُصَرْصِرُ أَقْلامي وَأَحْشُو دَفَاتِرِي *** وَأَسْهَرُ حَتَّى يَسْأَلَ النَّجْمُ عَنْ حَالي
أَخُطُّ وَأَمْـحُو، ثُمَّ أُطْرِقُ مُتْعَباً *** وَأَنْهَضُ وَالإعْيَاءُ يُنْهِكُ أَوْصَالي
أُرَاسِلُ مُهْتَـمّاً، وَأَسْأَلُ عَالِـماً *** وَأَبْذِلُ في نَيْلِ المَرَاجِعِ أَمْوَالي
إذا أَبْصَرَتْ أُمِّي عَنَائي تَـحَسَّرَتْ *** وَقَالَتْ: شَفَاكَ اللهُ يا وَلَدي الغَالي
وإنْ أَبْصَرَتْني زَوْجَتِي صَرَخَتْ أَسىً *** وَقَالَتْ: إلامَ العَيْشُ مِنْ دُوْنِ أَطْفَالِ؟
فأُعْرِضُ عَنْ هَذِي وَتِلْكَ، وأَنْثَنِي *** أُسَطِّرُ أَحْلامي، وَأَرْسِمُ آمَالي
إلى أَنْ تَـرَاءَى لِي المُرَادُ، وَطَابَ لِي *** قِطَافٌ أَرَانِي الوَيْلَ حَتَّى تَسَنَّى لي
فَلَـمَّا تَدَكْتَـرْتُ انْفَجَعْتُ بِثُلَّةٍ *** أَبَاحَتْ حِمَى التَّعْلِيْمِ في حِصْنِهِ العَالي
أَغَارُوا عَلَى الدَّالاتِ كَالقَمْلِ حِيْنَمَـا *** يُغِيْرُ عَلَى المَجْرُوْبِ في غَفْلَةِ الفَالي
وَفَـتَّحَتِ الآمَالُ أَبْوَابَـهَا لَـهُمْ *** وَلا عَجَبٌ! فَالمَالُ فَـتَّاحُ أَقْفَالِ
تَدَاعَوْا، ولَـمْ يَثْنُوا إلى الدَّرْسِ رُكْبَةً *** وَمَا قَرَؤوا إلا رَسَائلَ جَوَّالِ
وَنَالُوا مُنَاهُمْ في لَيَالٍ سَرِيْعَةٍ *** كَأَنَّـهُمُ مِنْ حَلْبَةِ السَّبْقِ في (رَالي)
وَتَاهُوا، فَإنْ نَادَيْتَهُمْ دُوْنَ دَالِـهِمْ *** رَمَوْكَ بِطَرْفِ المُسْتَقِلِّ لَكَ القَالي!
فَقُلْتُ: وَرَبِّي لا رَفَعْتُ شَهَادَةً *** يُبَاهِي بِـهَا في النَّاسِ مَنْ عَقْلُهُ خَالي
خُذُوْهَا وَأَعْطُونِي سِنِيْنِي التي مَضَتْ *** ورُدُّوا عَلَيَّ الجَهْلَ.. إنِّي لَـهَا سَالي
مِنَ العَارِ أنْ تَأْوِي إلى الوَكْرِ قَمْلَةٌ *** وَيَقْبَعَ صَقْرٌ فَوْقَ هَامَةِ مِتْفَالِ
فَلا شَيْءَ أَسْمَى مِنْ إبَاءٍ مُـمَنَّعٍ *** وَأَهْوَنُ مِنْ قَمْلٍ، وَأَرْخَصُ مِنْ دَالِ