موقع يعنى باللغة العربية وآدابها

الرئيسة >> التصنيفات >> فائت الأمثال، فواز اللعبون >> 10 - «أَضْيَعُ مِنْ رَاتِب»
وهوَ مَثَلٌ يُقَالُ فِيْمَنْ بَلَغَ بِهِ الضَّيَاعُ مُنْتَـهَاه، وتَـبَدَّدَتْ عَلَى دُرُوْبِ حَاجَاتِهِ خُطَاه، والرَّاتِبُ مَالٌ يُقْبَضُ كُلَّ شَهْر، يَـحْصُلُ عليهِ العَامِلُ نَظِيْرَ أَجْر، ولا يَكَادُ يُغْنِي مِنْ جُوْع، ويَتَـبَدَّدُ في أَوَّلِ أُسْبُوْع.
وأَصْلُ المَثَلِ أنَّ رَجُلاً كَانَ يُنْجِزُ مُعَامَلَة، فلَقِيَ منَ العَامِلِيْنَ أَسْوَأَ مُعَامَلَة، هَذَا يُبْعِدُ عَنْهُ ويُشِيْح، وذَاكَ يَعْبِسُ بَوَجْهٍ قَبِيْح، وثَالِثٌ يَـهُشُّ بِالصَّحِيْفَةِ مُرَاجِعَه، وهوَ يَـحُلُّ الكَلِمَاتِ الـمُتَقَاطِعَة، ورَابِعٌ يَعْتَذِرُ بِالانْشِغَال، وهوَ يَـهْمِسُ بِـهَاتِفِهِ الـجَوَّال، وخَامِسٌ ما لَهُ عَنِ الـحَاسُوْبِ الْتِفَات، وهوَ غَارِقٌ في مَوَاقِعِ المُحَادَثَات.
حَتَّى إذا طَافَ بِالمَبَانِي والمَكَاتِب، وعَادَ مِنْ حِيْثُ أَتَى كَالـخَائب، أَشَارَ عَلَيْهِ مُـحِبُّوْه، بِما أَوْصَاهُ بِهِ أَبُوْه، فتَذَكَّرَ مُوَظَّفاً في الدَّائرَة، قَدْ أَرْضَعَتْهُ جَدَّتُهُ العَاشِرَة، فقَصَدَهُ وحَيَّاه، وَأَخْبَـرَهُ عَنْ مَسْعَاه، فما عَادَ إلَيْهِ لَـمْحُ طَرْفِه، إلاّ ومُعَامَلَـتُهُ مُنْجَزَةٌ في كَفِّه، ثُمَّ أَنْشَدَه، حِيْنَ أَنْجَدَه:
رَمَتْنِي الـحُظُوْظُ عَلَى عُصْبَةٍ *** تُصَعِّبُ مِنْ مَطْلَبِي كُلَّ هَيْنْ
أُطَارِدُهُمْ وَاحِداً وَاحِداً *** وَأَرْجِعُ مِنْهُمْ بِخُفَّي حُنَيْنْ
فَمُذْ أَفَلَ الفَأْلُ عَنْ مَطْلَعِي *** وَعُدْتُ كَمَا جِئْتُ صِفْرَ اليَدَيْنْ
قَصَدْتُكَ مُلْتَمِساً نَخْوَةً *** رَضَعْنَا بِـهَا في الصِّبَا رَضْعَتَيْنْ
فَأَنْجَزْتَ لي مَطْلَباً هَدَّني *** وَأَنْـهَيْتَ مَسْعايَ في لَـمْحِ عَيْنْ
وَقَدْ كُنْتُ أَضْيَعَ مِنْ رَاتِبٍ *** تَفَرَّقَ بَيْنَ مُكُوْسٍ ودَيْنْ
فَشُكْراً لِـجَدَّتِنا مَرَّةً *** وشُكْراً لأَثْدَائها مَرَّتَيْنْ

Twitter Facebook Whatsapp