موقع يعنى باللغة العربية وآدابها

الرئيسة >> التصنيفات >> فائت الأمثال، فواز اللعبون >> 13 - «أَفْرَغُ مِنْ ذَاتِ عَمُوْد»
وهوَ مَثَلٌ يُقَالُ فِيْمَنْ فَـتَكَ بِهِ الفَرَاغ، وضَاعَ عن هَدَفِهِ وزَاغ، والعَمُوْدُ زَاوِيَةٌ في جَرِيْدَة، يَـحْتَوِي تَافِهَ الرَّأْيِ ومُفِيْدَه، وقَدْ تَـكَالَبَتْ عَلَيْهِ النِّسَاء، الـحَصِيْفَةُ مِنْهُنَّ والبَلْهَاء.
وأَصْلُ المَثَلِ أنَّ رَجُلاً قَضَى عَلَيْهِ التَّخَصُّص، بأنْ يُدِيْمَ عَلَى كِتَابَاتِـهِنَّ التَّلَصُّص، فأَشَارَ عليهِ مَنْ إشَارَتُهُ سَخِيْفَة، بأنْ يَشْتَرِكَ في أكْثَرَ مِنْ صَحِيْفَة، فَاضْطُرَّ إلى تَـحْلِيْلِ ثَمَنِ الاشْتِرَاك، بَعْدَ أنْ وَقَعَ في الأَشْرَاك، فرَاحَ يَقْرأُ كُلَّ عَمُوْد، ويُصْغِي لِكُلِّ نَغْمَةِ عُوْد.
وبَيْنَمَـا هُوَ يُقَلِّبُ الصَّفَحَات، ويُرَجِّعُ الآهَاتِ والزَّفَرَات، صَادَفَ أكْثَرَ مِنْ زَاوِيَة، ونَخْلَةٍ جَرْدَاءَ ذَاوِيَة، ولَـمْ تَزَلْ عَيْنُهُ زَائغَة، يَقْرَأُ لِكُلِّ فَارِغَة، فلَمْ يَظْفَرْ بِسَمِيْن، ولا عِقْدٍ ثَمِيْن، ولَـمْ يَـجِدْ إلاّ الضَّجِيْج، وشِبْهَ فَوْضَى الـحَجِيْج، هَذِهِ تُطَالِبُ بِالمُسَاوَاةِ المُطْلَقَة، وتَـمْضِي في لَـجَاجِهَا مُنْطَلِقَة، وتِلْكَ تَـهْذِي بِشِعْرٍ مَكْسُور، وتَفْتَـرِي عَلَى ابْنِ مَنْظُور، وأُخْرَى تَكْتُبُ خَاطِرَةً بَارِدَة، وتَـرَى أنَّـها في القِصَّةِ رَائدَة، ورَابِعَةٌ تُـبَاهِي بِالـحِكَمِ الوَرَى، وبِجَانِبِها تَقْوِيْمُ أُمِّ القُرَى، وخَامِسَةٌ تَـتَّهِمُ الرَّجَال، بِأَنَّـهُمْ سَبَبُ الوَبَال، وسَادِسَةٌ تَزْعُمُ أَنَّـها تَـمْتَلِكُ طَاقَةً نَوَوِيَّة، وتُطَالِبُ بِـها هَيْئةُ الطَّاقَةِ الدَّوْلِيَّة، وسَابِعَةٌ تَـجْرِي مُـخْتَالَةً مَعَ المَوْضَة، وتُعْلِنُ انْضِمَامَ ابْنِها إلى الرَّوْضَة، وثَامِنَةٌ تَسْتَعْرِضُ بِأَسْفَارِها، وتَرْوِي سَخِيْفَ أَخْبَارِها، وتَاسِعَةٌ تُـخْبِرُ أنَّـها رُوْمَنْسِيَّة، ومَفْتُوْنَةٌ في المُوْسِيْقا الإيْطَالِيَّة، وعَاشِرَةٌ تَشْكُو المُضَايَقَةَ في السُّوْق، وعَارِفُهَا يُفَضِّلُ عَلَيْها النُّوْق، وثَمَّةَ مَنْ تَصِفُ عَشَاءَها في بَرْشَلُوْنَة، وهيَ قَابِعَةٌ في البَيْتِ تَأْكُلُ تُوْنَة، وهَكَذا دَوَالَيْكَ تَفَاهَة، وهَلُمَّ سُخْفاً وفَهَاهَة.
فَاسْتَرْجَعَ الرَّجُلُ وَحَوْقَل، وبَكَى عَلَيْهِنَّ وَأَعْوَل، ثُمَّ أَغْلَـقَ ما بَيْنَ يَدَيْه، وَأَنْشَدَ والدَّمْعُ مِلْءُ عَيْنَيْه:
إلَـهِيَ أَلْقَانِي التَّخَصُّصُ في الضَّنى *** وَأَرْهَقَني حِرْصِي وَطُوْلُ صُمُوْدي
وَغَيْرِي قَرِيْرٌ نَائمٌ في فِرَاشِهِ *** ويَـحْظَى بِمَا يَرْجُوهُ دُوْنَ جُهُوْدِ
يَظَلُّ معَ الآمَالِ أَكْثَرَ رَاحَةً *** وأَفْرَغَ من حَمْقَاءَ ذَاتِ عَمُوْدِ
أُتِيْحَ لَـهَا مَا لَـمْ يُتَحْ لِـمُحَنَّكٍ *** فَقَاءَتْ سَخَافَاتٍ بِكُلِّ بُرُوْدِ
وَشَجَّعَهَا مَنْ لَيْسَ يَفْقَهُ هَذْرَهَا *** فَكَمْ مِنْ ذِئابٍ صَفَّقَتْ وَقُرُوْدِ
فَلَوْ أَنَّنِي أُنْثَى لَـهَانَتْ مَتَاعِبِي *** وَطَبَّلَ لي طَبْلٌ وضارِبُ عُوْدِ
وَلَكنَّني -وَا طُوْلَ خَيْبَتِيَ- امْرُؤٌ *** لَهُ شَارِبٌ كَثٌّ، وَشَعْرُ خُدُوْدِ

Twitter Facebook Whatsapp